زاكيروني أقوى المرشحين لتدريب الآزوري بعد مونديال البرازيل

برانديللي قد يستكمل مشواره في ميلانو أو مع اليوفي أو خارج إيطاليا

TT

إذا كان فن التوديع يحتاج إلى حس طيب وخبرة، فإن فن الترحيب يتطلب على الأقل استراتيجية وأفكار واضحة. من وجهة النظر هذه، فإن العلاقة بين الاتحاد الإيطالي لكرة القدم برانديللي المحتمل بقوة أن تصل إلى نهايتها في يونيو (حزيران) المقبل، تبدو أنها لن تشهد اضطرابا في الوقت الحالي. ولهذا فلن نرى تطورات فعلية قبل فبراير (شباط)، أيضا في وجود عرض مؤكد للتجديد من جانب اتحاد الكرة، وإن كان المدير الفني للمنتخب الإيطالي قد صرح منذ يومين كيف سيوضح مستقبله بعد حسم التأهل إلى مونديال العالم بالبرازيل العام المقبل (وهو ما قد يتحقق الثلاثاء المقبل)، شريطة ألا يقرر برانديللي مواصلة مشوار الآزوري طالما لم يتلق عرضا مثيرا، فإن ملامح خليفته قد تتماشى مع خطوط إرشادية أساسية، ربما تمت صياغتها بصورة مختلفة بحسب مهارة وقدرات اللاعبين. إن المدير الفني للمنتخب إيطالي، ولا يتقاضى رقما ضخما (المرتب الحالي 1.2 مليون يورو تقريبا في الموسم الواحد، وقد يرتفع إلى 1.5)، ويمتلك خبرة دولية، ولديه علاقة طيبة مع الجزء السياسي والفني لاتحاد الكرة ويريد تطوير نمو اللاعبين الشباب من دون إغفال الأهداف التي تسعى إيطاليا لتحقيقها تاريخيا. بخلط كل هذه المكونات معا، فإن أول اسم قوي لخلافة برانديللي هو ألبرتو زاكيروني، والذي يتبعه أليغري. وكان المدير الفني لمنتخب اليابان قد أبلغ اتحاد الكرة هناك بأنه، بعد المونديال، يعتزم إنهاء العلاقة والعودة إلى وطنه. مع التأكيد أن مغامرة الساموراي قد أثقلته كثيرا، وكونه قد تولى تدريب فرق اليوفي والميلان والإنتر ولاتسيو قد منحه خبرة واسعة من جانب، وهو ما قد يحرمه بطريقة أو بأخرى من مغامرة جديدة في أحد أندية القمة من جهة أخرى (فرق نابولي وروما وفيورنتينا تبدو متماسكة حاليا)، الأمر الذي قد يمثل له نوعا من مشاهدة فيلم قديم. هذا بالإضافة لقدرته على تعليم كرة قدم للشباب (والعمل الذي قام به مع اليابان يؤكد هذا)، ولا يخفى على أحد أن علاقته متميزة مع المنسق الفني للمنتخبات الإيطالية أريغو ساكي، كما هي علاقته مع نائب رئيس الاتحاد الإيطالي للكرة ديمتريو ألبرتيني، المسؤول عن «نادي إيطاليا»، والذي كان أحد لاعبيه أيضا. بينما اختيار أليغري سيكون ذا طبيعية مختلفة، فبعد تصريحات برلسكوني رئيس نادي الميلان المتلاحقة، قد يفضل المدرب فترة فاصلة مع الآزوري، حيث إيقاعات عمل أكثر هدوءا بالطبع مقارنة بتلك الموجودة في أي ناد. كما أن أليغري قد يحمل إلى المنتخب الإيطالي خبرة كروية رفيعة المستوى، وقادر على تحمل الضغوط وكذلك معرفة مباشرة بمحور اللاعبين الذين يقودون المنتخب وهم: أباتي، دي شيليو، مونتوليفو، الشعراوي وبالوتيللي، ناهيك باللاعبين الذين قام بتدريبهم من قبل (أكويلاني، استوري وآخرين، خاصة خلال الفترة الانتقالية في نادي إيطاليا). الخلاصة هي أن العملية ستكون مشابهة لتلك التي تمت خلال التسعينات بخصوص محور ميلان - آزوري، والتي حملت ساكي على أن يكون مديرا فنيا لمنتخب إيطاليا.

بيد أن الاتحاد الإيطالي لكرة القدم لا يغفل أي فرضية، فإذا كان كونتي يثير الإعجاب بشدة لكنه يبدو مهتما بخوض تجربة خارجية، تجري ملاحظة مديرين فنيين منتصرين بالخارج. إن كابيللو (الذي قد يترك منتخب روسيا بنهاية الموسم)، مانشيني (متفرج بلا ارتباط)، سباليتي (في منفى فخم بسان بطرسبرغ)، أنشيلوتي وكلاوديو رانييري (وهما في قيادة كتيبتي ريال مدريد وموناكو المرغوب فيهما بقوة)، وعلى الرغم من اختلافهم فيما بينهم تجمعهم كلهم سيرة ذاتية متميزة، وإن كانت رواتبهم بعيدة في الاتحاد الإيطالي. كما جرى أخذ ديفيس مانجيا بعين الاعتبار أيضا، وهو المدير الفني السابق لمنتخب الشباب تحت 21 عاما ويحظى بتقدير ساكي، لكن ربما تضره مسألة أنه قطع علاقته مع الاتحاد. كل هذه مجرد خطط قد تصبح واقعا فقط لو قرر المدير الفني الحالي لمنتخب إيطاليا عدم التجديد، فالكلمة الأخيرة حاليا ترجع لبرانديللي، وكونوا على يقين أنه كي يقرر قول الوداع للآزوري يجب أن يغريه مشروع جاد.

من جهة أخرى، ولو سار كل شيء كما نتمنى، يوم الثلاثاء المقبل في تورينو، أمام جمهورية التشيك، فإن إيطاليا ستقطع تذكرة مونديال البرازيل 2014، وفي الأيام التالية سيلتقي برانديللي مسؤولي الاتحاد الإيطالي لتسليط الضوء على المستقبل. وسيؤكد الرئيس أبيتي ونائبه ألبرتيني مجددا على رغبتهما في تمديد العقد مع المدير الفني والذي ينتهي بختام المونديال. سيشكرهما برانديللي ويطلب وقتا لاتخاذ قرار ليس بالسهل.

إن المونديال الذي سيعيشه المدرب سيكون بمثابة تتويج للحقبة، لكن نتيجة البطولة لن تشوه الحكم على أربع سنوات من العمل، والذي يمكننا إصداره الآن: ممتاز. في عام 2010 أخذ برانديللي منتخبا مهلهلا، وحوله في عامين فقط إلى الفريق وصيف بطل أوروبا وقاده إلى مركز ثالث في كأس العالم للقارات. ليس هذا فحسب، فقد قلب عادات كرة القدم الإيطالية، وفرض طريقة لعب هجومية والتي أفادت أيضا كقاطرة لبطولة الدوري وعوضتنا عن تأمل الفرق الأجنبية. كل شيء مع تقديم لاعبين رائعين، ومن دون أبطال يميزون جيل توتي ونيستا وديل بييرو. وفي النهاية، بفضل الالتزام مع الأندية والاهتمام للسلوكيات، قرب برانديللي المنتخب إلى الجماهير واكتسب صورة نفخر بها. والفضل يرجع أيضا لدعم اتحاد الكرة، بدءا من العمل الدؤوب والثمين لألبرتيني. كان من الصعب تمني أفضل من هذا عام 2010، وسيكون من الصعب، بعد أربع سنوات هكذا، العودة للعمل بنفس الحماس نحو هدف أقل، وهو بطولة أمم أوروبا القادمة. هذا علاوة على الحنين الشديد إلى العمل اليومي بأحد الأندية، ولهذا سيستغرق برانديللي بعض الوقت.

في هذه الشهور قد تتحدد عروض احترافية جديدة. فالمدرب كونتي بعد ثلاثة مواسم غاية في القوة مع اليوفي قد يتجه لتجربة خارجية والتي تراوده. وبالنسبة لبرانديللي، وهو لاعب سابق باليوفي، سيكون الأمر بمثابة عودة إلى بيته، لكنه سيجد فريقا موجودا ومنتصرا. وتراوده أكثر فكرة تكرار في أحد الأندية ما قام به مع المنتخب على الرغم من التدريبات القليلة المتاحة، من خلال تخطيط ورعاية إعادة بناء عنوانه الأداء الممتع في أحد الأندية الطموحة، مثلما يفعل حاليا غارسيا وماتزاري في روما وميلانو. وماذا لو أراد ثوهير تغيير المدير الفني أيضا؟ إن براعة برانديللي في التعامل مع الشباب والدعوة للكرة الجمالية تبدوان هما الميزتين التي يحتاجهما فريق الميلان والذي اختار التركيز على العناصر الشابة ومن الصعب أن يستمر مع أليغري.

بعدها يوجد الخارج، في برشلونة على سبيل المثال. يحظى برانديللي بسمعة متميزة، وقد فطن لاعبو برشلونة الذين واجهوا إيطاليا في كأس القارات لشيء ما من غوارديولا في قدرة المدير الفني الإيطالي الخططية وفي تفضيله للتمريرات البينية القصيرة، وقد شهدوا له بهذا أيضا. ولو كتب لتاتا مارتينو الفشل.. وفي ألمانيا وإنجلترا لا يزالون يذكرون كيف عامل برانديللي فرقهم في أمم أوروبا. في الشهور المقبلة، هذه الفرضيات أو تلك سترى النور، أو العكس وحينها، في ظل غياب مقاعد المدربين الكثيرة الشاغرة كما كان الصيف الماضي (باريس سان جيرمان، وتشيلسي، وسيتي، وإنتر وروما) قد يأخذ برانديللي في الاعتبار فكرة التمديد مع الآزوري لعامين آخرين. وإن كان الرحيل أقرب في الوقت الحالي. في الشهور ذاتها، سيقيم ألبرتيني الأسماء المرشحة لخلافة برانديللي وسيقوم بالتحركات الأولية. وفي فبراير سيجلس الجميع على طاولة وسنعلم من سيتولى قيادة منتخب إيطاليا بعد المونديال.