المنتخب الإنجليزي في ورطة بسبب حجب المواهب الشابة

في سوق الانتقالات الصيفية.. أرقام قياسية تحطمت ونجوم واعدة تهمشت

TT

شهدت فترة الانتقالات الصيفية تحطيم الأرقام القياسية لأغلى الصفقات في تاريخ كرة القدم، وكانت كارثية في حقيقة الأمر بالنسبة للاعبين الإنجليز الشباب. وشملت هذه الكارثة انتقال نجم توتنهام هوتسبر، توم كارول - الذي تم اختياره من قبل المدير الفني للمنتخب الإنجليزي روي هودجسون كموهبة صاعدة - إلى نادي كوينز بارك رينجرز، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية (شامبيونشيب)! فترة الانتقالات الصيفية هذه شهدت تعاقد نادي توتنهام هوتسبر مع سبعة لاعبين دفعة واحدة لتعويض رحيل النجم الويلزي غاريث بيل إلى ريال مدريد الإسباني، ولكن الشيء الغريب أن هؤلاء اللاعبين لم يكن من بينهم أي لاعب إنجليزي أو حتى بريطاني، وهو ما يزيد من صعوبة المهمة الملقاة على عاتق هودجسون في اختيار اللاعبين الذين يدافعون عن قميص المنتخب الإنجليزي وخلو الملاعب من مواهب إنجليزية شابة.

وبسبب النقص الحاد في المواهب الإنجليزية الشابة، قد ينضم تياغو لوري للمنتخب الإنجليزي إذا ما أراد ذلك، على أساس أنه ولد في العاصمة البريطانية لندن قبل 20 عاما. يذكر أن لوري قد انتقل من نادي سبورتنغ لشبونة البرتغالي إلى نادي ليفربول مقابل سبعة ملايين جنيه إسترليني، ولكنه لم يشارك في أية مباراة حتى الآن. وينحدر لوري من أب إنجليزي ذي أصول نيجيرية وأم برتغالية.

وبعيدا عن المبالغ الخيالية في صفقات انتقال اللاعبين، ثمة بعض الحقائق المريرة التي شهدها الدوري الإنجليزي الممتاز والكرة الإنجليزية، حيث رحل أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي وهو غاريث بيل، في الوقت الذي لم تتعاقد فيه الأندية الإنجليزية مع لاعبين من العيار الثقيل باستثناء مسعود أوزيل وويليان، وربما فيرناندينهو. وتأمل الأندية الكبرى في أن تجد ضالتها في لاعبين مثل إريك لاميلا وروبرتو سولدادو وكريستيان إريكسن (وجميعهم انتقلوا لنادي توتنهام هوتسبر) وستيفان جوفيتش وخيسوس نافاس (مانشستر سيتي) وبابلو دانيل أسفالدو (ساوثهامبتون)، ولكن أفضل اللاعبين في العالم قرروا البقاء في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا.

ولم يكن اليوم الأخير من فترة الانتقالات الصيفية يوما مثيرا، حيث كانت معظم الصفقات الكبيرة قد عقدت بالفعل في وقت سابق. وقد سيطر لاعبان على سوق الانتقالات الصيفية الحالية بانتقالهما إلى الدوري الفرنسي، وهما راداميل فالكاو، الذي انتقل من نادي أتليتكو مدريد إلى نادي موناكو الفرنسي مقابل 53 مليون جنيه إسترليني وإديسون كافاني الذي انتقل من نابولي الإيطالي إلى باريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 55 مليون جنيه إسترليني. وانتقل إسكو (الذي كان ضمن أهداف مانشستر سيتي) من نادي مالقة الإسباني إلى نادي ريال مدريد، كما رفض تياغو ألكانتارا عرضا من مانشستر يونايتد لينتقل إلى بايرن ميونيخ الألماني، علاوة على غونزالو هيغواين لاعب ريال مدريد الذي رفض الانتقال لآرسنال وانضم لنادي نابولي الإيطالي.

وفضل النجم البرازيلي نيمار اللعب إلى جوار الجوهرة الأرجنتينية ليونيل ميسي في نادي برشلونة الإسباني، الذي رفض نجمه سيسك فابريغاس الرحيل إلى مانشستر يونايتد، كما استمر النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في صفوف ريال مدريد، على الرغم من بعض التقارير التي كانت تشير إلى احتمال عودته إلى مانشستر يونايتد.

وأجل النجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي انتقاله من بروسيا دورتموند إلى بايرن ميونيخ لعام أخر، بدلا من الانتقال إلى الدوري الإنجليزي الذي كان خيارا آخر بالنسبة له. ولم تتمكن الأندية الإنجليزية أيضا من ضم نجم خط وسط المنتخب البرتغالي جواو موتينهو الذي فضل الرحيل إلى موناكو الفرنسي، الذي نجح أيضا في التعاقد مع جيمس رودريغز.

وكان هناك بعض التطورات الإيجابية في بعض الأندية، ولا سيما مانشستر سيتي وتوتنهام هوتسبر، ولكن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو تعاقد نادي آرسنال مع النجم الألماني مسعود أوزيل مقابل 42.4 مليون جنيه إسترليني، بعد سنوات عجاف عاشها النادي بسبب هجرة اللاعبين البارزين وعدم قدرته على التعاقد مع لاعبين من العيار الثقيل. وفي الحقيقة، كان جمهور المدفعجية ينتظرون تحقيق وعود الإدارة التي صرحت مرارا وتكرارا بأنها ستغير من سياستها وتتعاقد مع لاعبين بارزين قادرين على إعادة الفريق إلى المسار الصحيح.

وبعد مرور أسبوعين من الدوري الإنجليزي الممتاز، انهالت الإصابات على لاعبي المنتخب الإنجليزي الذي واجه مشكلة في ظل عدم وجود لاعبين شباب قادرين على سد تلك الفجوة. وكان توتنهام هوتسبر قد تخلى عن ثلاثة لاعبين دوليين هم سكوت باركر وستيفن كولكر وتوم هودلستون. وتعاقد نادي آستون فيلا مع سبعة لاعبين، لم يكن من بينهم سوى لاعب إنجليزي واحد وهو ليام براين مقابل 500.000 جنيه إسترليني.

وعلى الجانب الآخر، كانت هناك جهود مضنية من جانب بعض الأندية للاحتفاظ بنجومها، مثل مانشستر يونايتد الذي نجح في الاحتفاظ بنجمه واين روني، على الرغم من إشارة بعض التقارير إلى وجود عروض من بايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان، علاوة على برشلونة وريال مدريد الإسبانيين. ومع ذلك، لم يتلق اللاعب عروضا جدية سوى من آرسنال وتشيلسي ولم يكن هدفا للأندية الأوروبية الكبرى، ولم يكن مانشستر يونايتد مستعدا للتخلي عنه لأحد الأندية المنافسة له في الدوري الإنجليزي.

ولعل الشيء الجيد بالنسبة للدوري الإنجليزي هو اشتعال المنافسة بين الأندية، في ظل ارتفاع مستوى ليفربول وخروج آرسنال من النفق المظلم وإنفاق توتنهام هوتسبر أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني لتدعيم صفوفه، علاوة على قيام الأندية التي تحتل مراكز في وسط جدول الترتيب بالتعاقد مع لاعبين جيدين، مستفيدة بذلك من عائدات البث التلفزيوني، وهو ما جعل جمهور هذه الأندية يشعر بأن الأعوام المقبلة ستكون أفضل من سابقتها.

وعلى الرغم من تركيز الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم على القيام بإصلاحات في النواحي التدريبية والتركيز على الإبداع والمهارات أكثر من الناحية البدنية، تسير الأندية - التي أنفقت 628 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعبين جدد - في اتجاه معاكس وتعمل بصورة برغماتية تماما، وخير دليل على ذلك أن فرانكو بالديني، المسؤول عن التعاقد مع سبعة لاعبين أجانب لنادي توتنهام هوتسبر، كان هو الرجل الثاني في جهاز فابيو كابيلو عندما كان يتولى قيادة المنتخب الإنجليزي! والخلاصة أن وجود كثير من اللاعبين الأجانب حجب وجود المواهب المحلية الشابة في أندية الدوري الإنجليزي وبالتالي أصبح المنتخب بالفعل في ورطة. هذا في الوقت الذي كان فيه مستوى اللاعبين الأجانب الجدد أقل من المتوسط.