الأزمة المالية تهدد الرياضة الإسبانية وأندية تواجه الإفلاس

ديون الأندية الكروية بلغت 4 مليارات يورو وكرة اليد الخاسر الأكبر

TT

عندما لا تكون الأوضاع المالية على ما يرام لا تجدي الألقاب شيئا، وواقع هذه الأزمة المتفاقمة يلقي بظلاله على الرياضة الإسبانية التي صدمت قبل 3 أيام بخسارة تنظيم أولمبياد 2020 بعد محاولتين سابقتين فاشلتين أيضا، إضافة إلى الأزمات التي تهدد الكثير من الأندية في رياضات مختلفة.

ورغم أن إسبانيا هي بطلة العالم لكرة القدم وكرة اليد وبطلة أوروبا للسيدات في كرة السلة، فإن الأزمة باتت تهدد مستقبل أندية ولعبات مهمة.

وكانت أصوات إدارية وإعلامية طالبت بإجراءات «رادعة» و«جذرية» لوقف «المذبحة» التي ستطال من دون شك أندية وفرقا عريقة، وضرورة خفض الموازنات المبالغ فيها، لا سيما بعد أن تخطت ديون الأندية الكروية في إسبانيا 4 مليارات يورو. وحددت قنوات لخفضها 80 مليون يورو هذا الموسم لتصبح 670 مليون يورو بدلا من 750 مليونا، وصولا إلى 300 مليون قريبا.

ومن الخطوات المقترحة لوقف التضخم تقديم موازنات قبل انطلاق الموسم تلحظ الاحتياطات والمداخيل المقدرة وأرقام الإنفاق والمبالغ المرصودة للتعاقدات، علما بأن الرواتب البالغة 108 ملايين يورو هي أقل بـ14 في المائة عن الموسم الماضي.

وضربت الأزمة لعبة كرة اليد، ففريق بالونا مانونبتونو المتفرع من أتلتيكو مدريد والفائز بلقب مسابقة كأس الملك لكرة اليد هذا الموسم، وحل وصيفا في بطولة الدوري العام الإسباني لكرة اليد مهدد بالحل بعدما أوقف أنشطته في 9 يوليو (تموز) الماضي، إذ لم يعثر على داعم مالي ويخشى من إعلان إفلاسه بعدما بلغت ضرائبه المتأخرة 900 ألف يورو.

وما يعانيه بالونا، يعيشه فريق يونيون نافارا بطل الأندية الأوروبية للسيدات لكرة السلة، وسادس الدوري المحلي. فهو يعتزم تجميد نشاطه وصولا إلى حل أعماله بسبب غياب الرعاة وقلة الضمانات، خصوصا أنه لم يحصل على المساعدات السنوية من حكومة الإقليم وبلدية بامبلون.

ويترافق هذا التطور «المحزن» مع بقاء فريقي بورغوس وأليكانتي لكرة السلة في مصاف الدرجة الثانية، لتعذر توفير كل منهما موازنة مقدارها 7.‏1 مليون يورو لتسيير أعماله في الدرجة الأولى.

من جهته، فضل فريق كاخا سيغوفايا لكرة الصالات «فوتسال» الذي بلغ نصف نهائي البطولة، الهبوط إلى الدرجة الثانية على أن يضع رأسه تحت مقصلة الحل لتعذر توفير موازنة مقدارها 800 ألف يورو، خصوصا بعدما فقد راعيه الأساسي وهو أحد المصارف الكبرى الذي تأثر بالأزمة الاقتصادية الناجمة عن الانهيار العقاري، فبات على مشارف الإفلاس رغم ضخ الحكومة مساعدات إنعاش لهذا القطاع قدرت بـ20 مليار يورو.

أما فريق الدراجات الباسكي، أوسكالتل أوسكادي، الأقدم مشاركة في دورة فرنسا، فكان مهددا بالحل أيضا، خصوصا بعدما حجبت سلطات الإقليم مساهمتها السنوية المقدرة بنحو 5.‏3 مليون يورو، إلا أن تدخل بطل سباقات الفورمولا 1 فرناندو ألونسو قبل أيام وشراءه رخصة الفريق في سلسلة الدوري العالمي البالغ ثمنها 6 ملايين يورو، أعادا الروح لعدد من أفراده، لا سيما أن ابن أوفييدو سائق «فيراري» يهوى رياضة الدراجات، ويحضر في مناسباتها، فضلا عن مزاولته لها قبل تفرغه لسباقات الفئة الأولى، ووعد بأن ينافس أوسكالتل على الصدارة.

ولا يعرف كيف كانت ستنظم مدريد الأولمبياد والبلاد لا تستطيع توفير معدين بدنيين للاعبي الجمباز، وكذلك تمويل تدريبات فرق سباقات الزوارق «الكاياك» التي أصبحت تتحمل نفقات مشاركاتهم الخارجية. ورغم نجاحات الفرق الإسبانية في المنافسات الدولية، فإنه بات من الصعب جدا إيجاد رعاة وممولين والحصول على دعم مصرفي سخي! فضلا عن تراجع نسبة المعونات التي تلحظها حكومات الأقاليم ومجالس البلديات، ما جعل أندية عدة مهددة بالإفلاس.

ويبدو أن برشلونة هو الوحيد الذي نجا من الأزمة المالية التي تعصف بفرق كرة اليد؛ نظرا لارتباطه الوثيق والمباشر بفريق كرة القدم، لكن فريقا واحدا مقتدرا لا يستطيع أن يحمل بطولة ويحفظ مستواها من التراجع.

ولعل هذه التطورات تعيد اللعبة إلى عقدين ماضيين، عندما كانت الفرق «نصف محترفة»، وتعزز سوق هجرة الكفاءات إلى أندية خارجية، لا سيما في الجوار الأوروبي، وبعقود متواضعة أحيانا.

وتنشط تحركات حاليا لتحصين الفرق على غرار ما حصل على صعيد كرة القدم التي ليست فرقها بمنأى أساسا عن أخطار الإفلاس، والتي كانت السباقة لقرع جرس الإنذار.

يذكر أن أندية كروية عدة في الدرجتين الأولى والثانية مطالبة بتقديم كشوفات مالية شفافة، لئلا تلقى مصير سلمنقة. كما أن نادي سانتاندر باشر إجراءات زيادة رأسماله لتفادي التصفية المالية.