حفل افتتاح الألعاب الأولمبية يتموج بالألوان ويغوص في تاريخ أستراليا

TT

افتتح الحاكم العام السير وليام دين ممثلا ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية لدى استراليا، رسميا دورة الالعاب الاولمبية الرابعة والعشرين في سيدني التي سميت «العاب الالفية الجديدة» في حفل تموج الوانا وغاص في تاريخ استراليا القديم واستمر قرابة خمس ساعات وتابعه نحو 110 الاف متفرج (رقم قياسي في الدورات الاولمبية) احتشدوا في الملعب الاولمبي ذي الهندسة الفنية الرائعة التي اضفت رونقا خاصا على هذه التظاهرة الرياضية الضخمة التي تقام مرة كل اربع سنوات ويتابعها نحو 3.7 بليون من سكان الكرة الارضية. ويشارك في هذه الالعاب نحو 11 الف رياضي ورياضية يمثلون 199 دولة ويغطي احداثها نحو 20 الف صحافي.

اشعلت كاتي فريمان بطلة العالم في سباق 400 متر عدوا واكبر بطلة رياضية في استراليا، الشعلة في قلب شلال انارته الاضاءة المبهرة.

وارتفعت الشعلة فوق قاعدة ضخمة احاطت بفريمان التي تجسد معركة استراليا من اجل دفن شبح الماضي. وبعدها ارتقت الشعلة درجا الى قمة الاستاد وحينها اطلقت الالعاب النارية فوق المدينة.

وفي حفل الافتتاح الذي استمر اربع ساعات وصف خوان انطونيو سمارانش رئيس اللجنة الاولمبية الدولية في كلمته استراليا بانها بلد عظيم، وامتدح بشكل خاص سكانها الاصليين الذين يكافحون من اجل الحصول على حقوق متساوية.

وكان المنظمون قد ابقوا على هوية حامل الشعلة سرا حتى اللحظات الاخيرة وبدا على فريمان التأثر عندما نالت هذا الشرف.

وكانت فريمان اخر ست بطلات استراليات مخضرمات حققن انجازات اولمبية حملن الشعلة عبر الاستاد في ختام رحلة المائة يوم عبر استراليا.

وقد ازاح مصمم حفل الافتتاح ريك بيرتش الستار عن تحفته الفنية الى العالم بعد عمل دؤوب بدأه قبل نحو 7 سنوات وشارك فيه 12600 يعاونهم 4600 مخرج وتقني ومتطوع. وقال بيرتش: «لا اعتقد ان بوسع احد ان يقدم حفل افتتاح دورة اولمبية اضخم من هذا، لقد بلغت سيدني الدرجة القصوى».

وسبق لبيرتش ان صمم حفلي الافتتاح لدورتي لوس انجليس 1984 وبرشلونة عام 1992. في تمام الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (7.00 جرينتش) بدأ التمهيد للحفل الافتتاحي بانشاد اغان استرالية كلاسيكية عصرية وقديمة في الوقت الذي ركزت فيه اربع شاشات على جنبات الملعب تبث مسيرة الشعلة الاولمبية في طريقها الى الملعب الاولمبي بين الحين والاخر. وعندما اشارت الساعة الى 18.59 بدأ العد العكسي لافتتاح الالعاب للثواني العشر الاخيرة بمشاركة الجمهور.

وفي اطار التعاون بين اللجنة الاولمبية الدولية والامم المتحدة تحت شعار «العمل من اجل السلام العالمي»، بثت اغنية «تصور» للمغني الشهير جون لينون احد اعضاء فرقة «بيتلز» الزائعة الصيت في الوقت الذي حمل عدد كبير من الاطفال اغصان زيتون خرجت من كل واحد منها حمامة السلام.

بدأ الافتتاح بدخول 120 خيالا الى ارض الملعب يحملون الاعلام الاولمبية وسرعان ما رموا قبعاتهم باتجاه الجمهور قبل ان يهتفوا بصوت واحد «غوداي» اي نهار سعيد بالحضور.

ودخلت فتاة تدعى نيكي ويبستر (13 عاما) سبق لها مثلت ادوارا في المسلسل التلفزيوني المحلي «هوم اند اواي» وانشدت اغنية «هيستوري» مع المغني الشهير مايكل جاكسون، الى الملعب ودهنت انفها بمسحوق قبل ان تستلقي على ظهرها وتبدأ تحلم باستراليا، تحلم بالمحيط الازرق وكافة انواع الاسماك في جملة موسيقية اطلق عليها اسم «حلم قعر المحيطات» تناغمت فيها الموسيقى مع الحركات الارضية مخرجة لوحة فنية رائعة. ويعيش 80 في المائة من سكان استراليا على السواحل التي تمتد 36735 كيلومترا.

ثم خلت الساحة الى سكان استراليا الاصليين بزيهم التقليدي فشكلوا حلقة في منتصف الملعب تجسيدا لروح التضامن بينهم، وقدموا اغنية وفواصل من تقاليدهم القبلية وعروضا تبرز حضارتهم القديمة. ولحظة خروجهم من الملعب اطلقت اسهم نارية في السماء.

ولان النار كانت وسيلة هامة بالنسبة الى سكان استراليا الاصليين حيث كانت تستعمل لحرق الارض من اجل ان تنبت مجددا، فقد جسد هذا التقليد بدخول 140 شخصا الى حرم الملعب وبدأوا ينفخون النار من افواههم في الوقت الذي انطفأت فيه الانوار في الملعب.

وتوافدت مجموعات بشرية مزادنة بالالوان الاصفر والاحمر والاخضر والاسود والازرق ومؤلفة من 1750 صبيا وصبية الى منتصف الملعب ممثلة القارات الخمس ومشكلة الدوائر الاولمبية الخمس التي ترمز الى هذه القارات ايضا. ثم تحول الحفل الى استعراض غنائي رائع في جو احتفالي بديع شارك فيه 1150 راقصا وراقصة وشارك فيه الجمهور تصفيقا وحمل عنوان «ايترنيتي» اي ابدي.

ودخلت الجوقة الموسيقية الاولمبية المؤلفة من الفي عازف بالزي الاحمر والازرق والابيض والقبعات الرمادية وعزفت موسيقى «تشاريوتس اوف فاير» او عربات النار وقطعا اخرى، ثم شكلوا باجسادهم الشعار الاولمبي.

بدأ طابور عرض منتخبات الدول المشاركة وعددها 199 بدخول اليونان بحسب التقليد الاولمبي كونها مهد هذه الالعاب، تلتها بالتسلل الابجدي البانيا والجزائر وصاموا الاميركية وهكذا دواليك انتهاء باستراليا الدولة المضيفة التي استقبل وفدها بتصفيق حاد من الجمهور وقوفا.

وانشدت المغنية الاميركية الشهيرة اوليفيا نيوتن جون والمغني جون فارتهام صاحب الشعبية الجارفة في استراليا اغنية «امتلك الجرأة لتحلم» ثم شقا طريقهما بين وفود الدول المشاركة الموجودة على ارض الملعب.

والقى رئيس اللجنة المنظمة لسيدني 2000 مايكل نايت كلمة رحب فيها بالرياضيين المشاركين ووصفهم بانهم نجوم هذه الالعاب ودعاهم الى التمتع بها.

ثم تلاه رئيس اللجنة الاولمبية الدولية خوان انطونيو سامارانش الذي سيتنحى عن منصبه العام المقبل بكلمة قال فيها «نحتفل اليوم بالعاب الالفية الجديدة التي تسطر تقليدا يعود الى 2500 سنة الى اليونان القديمة»، قبل ان يدعو الحاكم العام السير وليام دين الى اعلان افتتاح الالعاب رسميا. وقال دين «اعلن رسميا افتتاح دورة الالعاب الاولمبية سيدني 2000».

ثم دخل ثمانية رياضيين استراليين مشهورين سبقوا لهم ان احرزوا الذهب الاولمبي الى الملعب حاملين العلم الاولمبي وهم بيل رويكروفت (فروسية) وموراي روز (سباحة) وليان توث (هوكي) وجيليان رولتون (فروسية) ومارجوري جاكسون نلسون (العاب قوى) ولورين ثورلو (سباحة) ومايكل فندن (سباحة) ونيك غرين (تجذيف)، وطافوا به في الملعب.

ثم انشدت جوقة الكنيسة الارثوذكسية اليونانية في استراليا النشيد الاولمبي.

والقت الاسترالية راشيل هوكس (لاعبة هوكي) نيابة عن الرياضيين والرياضيات المشاركات القسم الاولمبي وقالت: «باسم جميع المنافسين اعد باننا سنشارك في الالعاب الاولمبية وسنحترم وننفذ القوانين التي ترعاها الرياضة من دون منشطات ولا مخدرات في جو من الروح الرياضية من اجل مجد الرياضة وشرف منتخباتنا».

وتناوب على حملة الشعلة الاولمبية حول الملعب، البطلة الاولمبية السابقة في العاب القوى بيتي كوثبرت المصابة بالشلل، والسباحة الشهيرة دون فرايزر، والعداءة تشيرلي ستريكلاند دو لا هونتي، والسباحة شاين غولد، والعداءة ديبي فلينتوف كينغ، ثم جاءت اللحظة التي احيطت بالكتمان الشديد حتى اللحظة الاخيرة عندما كشف المذيع الرسمي اسم الشخصية الرياضية التي ستنال شرف ايقاد الشعلة الاولمبية وكانت العداءة كاتي فريمان التي ستشارك في الالعاب في سباقي 200م و400م.