هل ينجح أبطال العرب في زيادة رصيدهم الذهبي في سيدني؟

الحصيلة ضعيفة ولا تتناسب مع حجم وإمكانات الدول العربية

TT

مع انطلاق أولمبياد سيدني 2000 يتطلع العرب لإثبات ذاتهم وسط أبطال العالم في محاولة لتحسين واقعهم على خريطة الميداليات.

وبعد مرور 64 عاما من انطلاق أولمبياد برلين 1936، يجد العرب أن حصيلتهم من الذهب لم تزد على 15 ميدالية فقط، وهو رقم لا يتناسب مع حجم هذه الدول تعداداً أو مساحة إذا ما قورن الرقم بما سجلته الولايات المتحدة وحدها (821 ميدالية)، أو دولة مثل كوبا التي تعد من العالم الثالث التي تملك 45 ميدالية ذهبية.

في هذا الشأن لنقرأ الحصيلة العربية أولمبياً ومقوماتها وما الذي تحتاجه.

فعندما حقق العرب في اولمبياد لوس انجليس 1984 ذهبيتين جاءتا من نوال المتوكل (400 متر حواجز) وسعيد عويطة (5000 متر)، وكلاهما من المغرب، غير فضيتين لمصر وسورية، وبرونزيتين للجزائر. قفز العرب فرحاً لأن هذه حصيلة جيدة لم يستطع العرب تحصيلها منذ اولمبياد لندن 1948.

وكانت الفرحة إيذاناً بأن نعلن وبكل ثقة وتفاؤل أن اولمبياد 1984 (لوس انجليس)، ستكون نقطة الانطلاق العربية. لكن كانت الصدمة بحصول العرب على ميدالية ذهبية وحيدة في اولمبياد سيول 1988 من المغربي ابراهيم ابو الطيب، وان تبعتها خمس برونزيات. هذا الهبوط الحاد في الآمال لم يكن ليثني العرب عن إعادة التجربة والسعي بكل الطرق للوصول إلى الاولمبياد ولو لمجرد المشاركة فقط.

وانطلقت اولمبياد برشلونة 1992، ثم تبعتها أتلانتا 1996، لكن الحصيلة ما زالت ضعيفة وغير مرضية، فلا الإمكانيات العربية الضخمة ولا الاستعدادات الكبيرة التي تسبق الأولمبياد قد أفلحت بزيادة الرصيد العربي.

تذبذب المحصلة وضعفها أثبتا أن طموح الكثير من الدول العربية يتوقف عند المشاركة في الاولمبياد، وان كنّا ندرك أن هناك بلدانا عربية قادرة على فرض اسمها في لوحة الميداليات الاولمبية وهي قد وضعت قدمها على الطريق الصحيح واستطاعت ان ترسم خططها وأهدافها وتنفذها بكل دقة كما تفعل المغرب والجزائر.

وفي معمعة هذا كله، يتبادر سؤال هو: كيفية ايجاد الابطال ومن ثم كيفية إعدادهم والاهتمام بهم ومن ثم دفعهم لأجل الوصول بهم إلى منصات التتويج العالمية متخطين تلك الاهداف العريضة التي تنتهي عند الوصول إلى الاولمبياد واضعين في اعتبارهم الشيء الذي سيقدمونه في الاولمبياد وفق دراسة سليمة تدل على قياس منطقي لإمكانياتهم وكيفية تطوير هذه الإمكانيات وجعلها تتطور نحو الافضل، لأن المتابع للنتائج العربية التي حققت في الاولمبياد منذ المصري سيد نصير (ذهبية رفع الأثقال امستردام 1928)، إلى غادة شعاع (سورية ذهبية السباعي اتلانتا 1996)، يجزم وبكل ثقة ان هذه الإنجازات ما هي إلا اجتهادات فردية غير مستمرة إذا ما استثنينا البطل التونسي محمد القمودي الذي استمر لثلاث دورات اولمبية (طوكيو 1964 ومكسيكو 1968 وميونيخ 1972) حاضر التتويج فضة ثم ذهباً ثم ذهباً في الأولى 10 آلاف متر و5 آلاف متر في الأخيرتين.

ففترة الأربع سنوات بين الدورة الاولمبية والتي تليها فترة كبيرة جداً لمراجعة الحسابات والبحث عن الابطال والاعتناء بهم وفق خطط مرسومة ترتكز على الألعاب التي في استطاعتنا المنافسة على ميدالياتها التي ثبت، ومن دون أدنى شك، قدرة العرب على التفوق فيها مثل المسافات المتوسطة والطويلة في ألعاب القوى والألعاب التي تعتمد على القوة مثل رفع الأثقال والمصارعة والجودو لأن هذه الألعاب هي التي تكرر عبر الدورات الأولمبية تحقيق الإنجاز فيها، وظهر أن هناك ألعاباً من الصعب المنافسة فيها خلال الفترة القريبة المقبلة للفرق الشاسع بين المستوى العالمي والعربي فيها وان كانت القدرات الفردية ليست حكراً على أحد إلا أن ألعاب السباحة ومسابقات الوثب (طويل، عالي، زانة، ثلاثي)، والرمي (قرص، رمح، جلة، مطرقة)، وألعاب المضرب والقوس والسهم والمبارزة والقوارب والتجديف والرماية والجمباز والألعاب الجماعية (قدم، سلة، طائرة، هوكي)، يقول الواقع الحالي للرياضة العربية إننا بعيدون كل البعد عن تحقيق أي إنجاز فيها وتبقى مشاركتنا للاستفادة واكتساب الخبرة! من هذا المنطلق فإن الواقع يقضي بأن تعد كل دولة عربية دراسة خاصة بإمكانياتها وقدراتها ومن ثم معرفة الألعاب التي من الممكن المنافسة بها، ولو ركزت جهودها عليها لكان هناك استثمار للوقت والجهد والمال.

ما وجب تأكيده هنا هو أن البطولة الرياضية لا تأتي بين عشية وضحاها بل تسبقها فترات اعداد طويلة قننت بالسنوات وليس الأشهر. الأمر الذي يؤكد أن كل بطولة في الاولمبياد خلفها كفاح عظيم بذل له الكثير من الجهد والمال.

وان كنا وما زلنا نأمل بالحصيلة العربية الأكبر من الذهب لتكون متابعتنا لاولمبياد سيدني ما زالت مرتبطة بشغف التحصيل والأماني أن يتحقق ذلك.