سكولاري.. مدرب عملاق يحمل آمال السامبا في مونديال 2014

نجح في إعادة الجماهير البرازيلية لمؤازرة منتخبها الوطني بعد أن أصابها اليأس

TT

بالنسبة لأغلب البرازيليين فإن مدرب المنتخب الوطني هو ثاني أهم شخصية في البلاد بعد رئيس الجمهورية، وبالنسبة للبعض قد يكون المدرب أهم من الرئيس نفسه. ويحمل لويس فيليبي سكولاري، الذي بلغ عامه الخامس والستين أمس، والذي تولى تدريب المنتخب البرازيلي قبل عامين، آمال السامبا خلال كأس العالم 2014 التي تستضيفها البرازيل.

وعلى عكس سلفه مانو مينيزيس، فإن الرجل الذي يطلق عليه «فيليباو» (فيليبي الكبير) جعل الأمور أكثر وضوحا منذ البداية، بجرأة ومن دون أي غطرسة حتى هذه اللحظة. وقال سكولاري «بكل تأكيد سنصبح أبطالا للعالم في 2014». ومنذ ذلك الحين فإن الرجل الذي قاد البرازيل للقب كأس العالم 2002، عمل على تقويم مسار الدولة المضيفة للمونديال. وقبل عام واحد، إذا تحدثت إلى المواطن العادي في الشارع وسألت حول فرص المنتخب البرازيلي في الفوز بلقب كأس العالم 2014، فإنك قد تجد ربما هزة رأس وربما نظرة حزينة وتمتمة «إيستا رويم» والتي تعني «سيئة»، وهي الإجابة النموذجية التي كانت سائدة في ذلك الوقت.

وظهر سكولاري في الصورة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، خلفا لمينيزيس الذي لم يكن فاشلا، لكنه أخفق في نيل الاستحسان لسبب رئيس واحد، هو أنه يفتقد إلى الشخصية الكاريزمية لفيليباو. عندما تولى سكولاري المهمة فإن التغييرات كانت تجرى على استحياء، لكنها سرعان ما أصبحت واضحة للعيان. ومنذ السادس من فبراير (شباط) الماضي لعب المنتخب البرازيلي 17 مباراة ودية بجانب مباريات الفريق في كأس القارات، حيث فاز في 11 مباراة وتعادل في أربع وخسر مرتين، بجانب تتويج الفريق بلقب كأس القارات للمرة الرابعة في رقم قياسي جديد. وأوضح سكولاري بعد التتويج بلقب كأس القارات في يونيو (حزيران) الماضي «لقد استعدنا الاحترام».

وتلقى المنتخب البرازيلي هتافات المؤازرة من أكثر من 70 ألف مشجع بعد فوزه الرائع بثلاثة أهداف نظيفة على المنتخب الإسباني بطل أوروبا والعالم في نهائي كأس القارات على استاد ماراكانا، حيث رددت الجماهير المنتشية بفرحة الانتصار الهتافات المؤيدة لمنتخب السامبا ولسكولاري. وجاء ترديد الجماهير للنشيد الوطني خلال المباراة ليظهر المساندة الوطنية لكرة القدم، وهو الأمر الذي ينبغي على سكولاري أن يكون على دراية به، حيث إن الرئيس البرازيلي السابق نفسه، لولا دا سيلفا، قد أعرب عن أهمية الموقف الوطني للجماهير. وقال دا سيلفا «إننا وطن الـ190 مليون مدرب». وقال سكولاري وقتها «لم نصبح فريقا متكاملا بعد لكي نقول إنه أحد أفضل فرق العالم، لكني أعتقد أننا قادرون على بدء الطريق نحو الحصول على فريق قادر على المنافسة مع الآخرين». وأضاف سكولاري «الفوز بلقب كأس القارات يفتح الطريق الذي يعطي الجماهير البرازيلية إمكانية الإيمان بأننا نصنع فريقا وهذا الفريق يمكنه الذهاب نحو الفوز بلقب كأس العالم 2014». وأوضح «سيكون العام بأكمله أمامنا للعب بفريق رائع يدرك أننا ما زال علينا العمل كثيرا للوصول إلى ما وصلت إليه باقي الفرق، فرق مثل إسبانيا وألمانيا، ودعنا لا ننسى الأرجنتين، التي تسير أيضا على نهج جيد».

وسكولاري مثل أي مدرب، يدرك أن النجاح والفشل بينهما خيط رفيع، وأن الفوز هو الشيء الوحيد الذي يهم في كرة القدم. عندما خرج المنتخب البرازيلي من دور الثمانية لكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا على يد هولندا، تحت قيادة المدرب السابق كارلوس دونغا، فإن الأمة البرازيلية الصاخبة تحولت إلى حالة من الهدوء الساكن. وحتى الآن فإن سكولاري يعد المدرب الوحيد الذي قد يلقى العفو من الجماهير البرازيلية إذا أخفق في تحقيق حلمها، لأنه لا يمكن لأحد أن يتجرأ ويقول إنه لم يبذل كل ما في وسعه خلال مهمته على رأس الجهاز الفني للمنتخب الوطني.

ويعتبر فيليباو نموذجا حيا للمقاتل، حيث إنه كثيرا ما تعرض للطرد من قبل الحكام خلال المباريات التي كان يقودها في منصب المدير الفني على مستوى الأندية. وتولى سكولاري منصب المدير الفني لأكثر من 20 مرة، حيث تولى تدريب المنتخب البرتغالي منذ عام 2003 وقاده للوصول إلى المربع الذهبي لكأس العالم 2006 بألمانيا، كما تولى تدريب تشيلسي الإنجليزي في موسم 2009/2008، رغم أنه لم يحقق المأمول في النادي اللندني، كذلك تولى تدريب نادي بالميراس البرازيلي لمدة ولايتين بين موسمي 1997 و2000 وكذلك بين موسمي 2010 و2012، لكنه تعرض للإقالة في 2012.

لكنه مدرب لا يعرف الاستسلام حيث إن طريقته في التدريب تدار بفلسفة روح العائلة، وهي الروح التي تسود معسكر أي فريق يتولى تدريبه. لقد كانت روح العائلة هي التي قادت البرازيل للفوز بلقب كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان، حيث إنه خلال هذه الفترة كان يكتب عبارات تحفيزية على أبواب غرف لاعبيه. ولا يكتفي سكولاري بالاعتماد على روح العائلة في فريقه، حيث إنه لا يدخر جهدا في سبيل توحيد جهود «السليساو» وجعله وحدة واحدة لا تتجزأ. وفي الأشهر الأخيرة نجح سكولاري في إعادة الجماهير البرازيلية لمؤازرة المنتخب الوطني، لكن الشيء غير المؤكد حتى الآن هو هل سينجح في قيادة البرازيل للقب كأس العالم؟ بينما الشيء المؤكد هو أنه سيبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق هذا الهدف. وقال سكولاري «صاحب الحفل»: «في كأس العالم 2018 بروسيا سأكون مدربا لفريق آخر، صدقوني».