رياضيو الخليج.. حضرت أموالهم أوروبيا واحتجبت كرتهم عالميا

غيابهم المتكرر عن المونديال يثير التساؤلات حول أساليب تطبيقهم الاحتراف

غياب الخليجيين المتكرر عن المونديال أعاد فتح ملفات عدة من بينها طريقة تطبيقهم للاحتراف
TT

تغص كيانات كرة القدم العالمية بأموال الخليجيين؛ لكن منتخبات هذه المنطقة ستغيب مجددا عن نهائيات كأس العالم بسبب التغيير المستمر في المدربين، وافتقار لاعبيها إلى خبرة بطولات الدوري الأجنبية، ففي مشوار تصفيات كأس العالم 2014 تأهلت سلطنة عمان وقطر لدور المجموعات الأخير في آسيا؛ لكن السعودية والكويت والبحرين والإمارات خاضت تصفيات سيئة، وحققت مجتمعة الفوز في ست مباريات فقط من بين 24 مباراة في الدور التمهيدي.

ويتناقض الأداء السيئ للفرق الخليجية مع ما يحققه الأردن الذي سيخوض مباراة الذهاب في الجولة الفاصلة العالمية اليوم الأربعاء ضد أوروجواي؛ من أجل حجز مكان في النهائيات التي ستقام بالبرازيل. وبين الخليج وكرة القدم علاقة متناقضة. ففي جانب يبدو الخليج مجنونا بكرة القدم؛ إذ ستستضيف قطر كأس العالم 2022، واستثمرت هي والإمارات مليارات الدولارات في اللعبة بأوروبا. كما دفعت شركات خليجية أموالا طائلة لترتبط بأندية مثل برشلونة ومانشستر يونايتد، إلا أن هناك نقصا في الاهتمام ببطولات الدوري المحلية، وترك قليلون من لاعبي الخليج بصمة على المستوى الدولي، ويوحي عدد المواطنين الضئيل - باستثناء السعودية - بأن المنطقة ستعاني لفترة طويلة، وقد تكمن المشكلة في أن كل لاعبي المنتخبات الوطنية الخليجية تقريبا يلعبون في أندية محلية.

وقال جون بوريدج، مدرب يعمل في الخليج ويعود إليه الفضل في اكتشاف مواهب علي الحبسي الحارس العماني الذي يلعب بين صفوف ويجان أثليتيك الإنجليزي: «اللعب في منطقتك لا يتيح لك الذهاب بعيدا، عندما تلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز أو في بطولة أوروبية كبيرة أخرى، فإنك تتعلم كثيرا من الأمور مثل كيفية التعامل مع المواقف التي تتعرض فيها لضغط».

وقال سيباستياو لازاروني، مدرب منتخب قطر في 2011 و2012 الذي يقود الآن نادي قطر: «إن الفترات القصيرة للمدربين في المنطقة أمر ضار، وعينت قطر والسعودية والإمارات معا نحو 40 مدربا لفرقها الوطنية هذا القرن».

وأضاف مدرب منتخب البرازيل في كأس العالم 1990: «الفريق الوطني يواجه مشكلات لأن الاتحاد القطري لكرة القدم يستبدل المدربين بسرعة، ليس فقط في المنتخب الأول؛ ولكن على المستويات كلها». كما كلفت السعودية - إلى حد كبير - مدربين أجانب بقيادة منتخبها الوطني؛ لكن قليلين فقط هم من استمروا طويلا مهما كانت جنسياتهم.

وقال الدكتور حافظ المدلج، مسؤول سابق في الاتحاد السعودي لكرة القدم لمدة 12 عاما: «يجب أن نعثر على المدربين المناسبين، ونرتبط بهم لأربع سنوات على الأقل مهما كانت النتائج؛ لكن هذا يبدو صعبا للغاية».

وعلى صعيد قطر، التي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة، ولا تزيد نسبة القطريين بينهم على 15 في المائة. وأدى ذلك إلى أن تقوم الدولة التي بها أعلى نصيب للفرد من الدخل القومي في العالم بمنح جنسيتها للاعبين أجانب يلعبون في الدوري المحلي لديها لتمثيل فريقها الوطني.

ونادرا ما تمنح الدول الخليجية جنسيتها للمغتربين المقيمين فيها؛ لكن قطر استثنت لاعبي كرة القدم وفي مباراتها الأخيرة بتصفيات كأس العالم التي خسرتها 5 - 1 أمام أوزبكستان كان خمسة لاعبين في التشكيلة الأساسية من أصول أجنبية.

وقال منصور الأنصاري، المدير التنفيذي للمنتخبات القطرية لكرة القدم: «هذا حق كل اتحاد محلي، فنحن منحنا كل لاعب يلعب في الدوري فرصة تمثيل قطر، لماذا أقوم بتقييد المواهب الموجودة عندي؟ هذا لا يعني أن كل أنديتنا مليئة بلاعبين تم تجنيسهم. نمتلك كثيرا من اللاعبين القطريين».

وضمن هؤلاء الذين شاركوا أمام أوزبكستان المدافع محمد كسولا «28 عاما» الذي ينحدر من أصول غانية وإبراهيم ماجد «23 عاما» المولود في الكويت وله أصول فلسطينية، ومصعب محمود «30 عاما» القادم من إقليم دارفور المضطرب في السودان.

وقال لازاروني المدرب السابق للمنتخب القطري: «إن وفرة مباريات كرة القدم التي تذاع مباشرة عبر التلفزيون في الخليج يعرقل محاولات اجتذاب المشجعين للمباريات المحلية». وهذا الافتقار للاهتمام قد يقلق الاتحاد الدولي «فيفا» قبل 2022 على الرغم من أن الأنصاري أكد أن القطريين يساندون منتخبهم الوطني الذي يخوض مبارياته في المعتاد بملعب جاسم بن حمد وسعته 14 ألف مقعد.

وقال الأنصاري: «هدفنا هو اجتذاب الناس إلى الملاعب؛ لأننا نرغب في أن يأتي الناس وأن يستمتعوا باللعبة»، مؤكدا أن الاتحاد القطري لكرة القدم يعمل بقوة؛ لصناعة فريق يستطيع المنافسة حين تستضيف البلاد كأس العالم، مشيرا إلى فريقي تحت 19 و16 عاما اللذين تأهلا لكأس آسيا 2014 لهاتين المرحلتين، وقال: «هؤلاء هم لاعبونا في 2022».

وعلى مستوى السعودية كانت السنوات القليلة الماضية عجافا على الأخضر؛ مما جعل منتخبات الخليج أقل حجما منها على صعيد اللعبة. والسعودية هي بطلة آسيا ثلاث مرات كما تأهلت لكأس العالم من 1994 إلى 2006 لكنها تراجعت إلى المركز 101 في التصنيف العالمي من المركز 21 عام 2004.

وقال المدلج، المسؤول السابق في الاتحاد السعودي: «اعتدنا إقامة معسكرات تدريبية طويلة، في المعتاد يذهبون إلى البرازيل أو أوروبا، ونلعب الدوري دون لاعبي المنتخب الوطني».

وأضاف: «كان الاتحاد قويا؛ لذلك لم تستطع الأندية الشكوى؛ لكن مع مزيد من الاحترافية حظيت الأندية بقوة أكبر، وأبدت رغبتها في اتباع لوائح (فيفا) بشأن ترك اللاعبين للمنتخبات الوطنية، وكل لاعبي المنتخب السعودي يلعبون في الدوري المحلي».

وقال المدلج: «اللاعبون ليسوا محترفين بنسبة 100 في المائة من حيث التدريب والطعام والنوم وكل هذه الأشياء؛ لذلك عندما يأتون إلى المنتخب الوطني من أندية مختلفة يكون من الصعب للغاية أن يكونوا في المستوى نفسه».

ويعاني أنطوني هدسون، مدرب البحرين من شكاوى مماثلة، لكنه ما زال واثقا في أن فريقه سيتأهل لكأس آسيا 2015.

وقال هدسون: «لا أقضي كثيرا من الوقت مع اللاعبين؛ لذلك عليك وضع أولويات في التدريب ونقاط ترغب في إيصالها إلى اللاعبين عندما تكون معهم».

وفي الإمارات، قال يوسف السركال، رئيس الاتحاد الإماراتي لكرة القدم: «إن هدف الدوري المحلي هو تطوير المنتخب الوطني الذي كانت مشاركته الوحيدة في كأس العالم عام 1990».

ويجب أن تتخلى الأندية عن لاعبيها قبل 12 يوما من أي مباراة دولية رسمية، وهو ما يزيد على ضعف الحد الأدنى الذي يحدده «فيفا»، وساعد ذلك الإمارات على الارتقاء إلى المركز 71 في التصنيف العالمي - وهو أعلى بلد خليجي تصنيفا - لكن الإماراتيين يرتبطون بشكل أكبر بأندية أوروبية مثل ريال مدريد.

هذا، وقد بلغ متوسط الحضور الجماهيري لمباريات منتخب الإمارات على أرضه في تصفيات كأس العالم 7542 مشجعا، وهو الأقل بين دول الخليج. وخسر الفريق كل مبارياته إلا واحدة في مجموعته، بينها هزائم أمام الكويت ولبنان الأقل شهرة، إلا أن الفريق تطور ولم يخسر في 14 مباراة منذ سبتمبر (أيلول) 2012، خصوصا أن أقوى منافس له خلال تلك المسيرة كان منتخب أوزبكستان الذي يحتل المركز 55 في تصنيف «فيفا».

وقال السركال: «هدفنا هو تكوين فريق، بحيث عندما يسأل أي شخص من هو الأفضل في آسيا، يفكر على الفور في الإمارات واليابان وكوريا الجنوبية»، وربما كان ذلك من الصعب تحقيقه؛ إذ كانت كوريا الجنوبية الدولة الآسيوية الوحيدة التي بلغت الدور قبل النهائي في كأس العالم، بينما نالت اليابان ثلاثة من آخر أربعة ألقاب لكأس آسيا. كما أن سكان كوريا الجنوبية واليابان يزيد كثيرا على مواطني الإمارات الذين يبلغ عددهم نحو مليون نسمة.