عدوى التلاعب بنتائج المباريات تنتقل لكرة القدم الإنجليزية

الشرطة البريطانية تلقي القبض على ستة أشخاص ضمن مجموعة إجرامية تعمل لصالح مكاتب مراهنات بشرق آسيا

لقطة من مباراة بين ليفربول وديبريسين المجري عام 2009 حامت حولها شبهة التلاعب من لاعبي الأخير
TT

ألقت الشرطة البريطانية القبض على ستة أفراد بتهمة التلاعب في نتائج مباريات كرة قدم في الدوريات الإنجليزية، في واحدة من كبرى فضائح التلاعب على مدى عقود.

وظلت الكرة الإنجليزية بمنأى عن قضايا التلاعب التي ضربت بطولات عدة في أوروبا خاصة إيطاليا وألمانيا ودول شرق القارة، إلا أن القضية التي كشفت عنها صحيفة «ديلي تلغراف» أمس ألقت بظلالها على البطولة الأشهر والأكثر جماهيرية في العالم.

وقد قام ضباط من الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة بالقبض على ستة أشخاص خلال اليومين الماضيين، من بينهم ثلاثة من لاعبي كرة القدم إضافة إلى ديلوري فاسي، الذي لعب في الدوري الإنجليزي الممتاز ثم تحول إلى مدير أعمال ووكيل لاعبين، بتهم التلاعب في نتائج المباريات لصالح مكاتب مراهنات بدول غرب آسيا تستهدف الدوريات المختلفة في بريطانيا. وقد جرى القبض على أحد هؤلاء المتلاعبين الأسبوع الماضي بعد مراقبة وتسجيل للمحادثات التي كان يجريها سرا خلال الأسبوعين الماضيين، وأوضح فيها أنه يمكنه التلاعب بنتائج مباريات الدوريات في الدرجات الأدنى من الدوري الممتاز مقابل 50 ألف جنيه إسترليني.

وتُعد هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الشرطة بجمع دلائل كافية للقبض على المشتبه بهم في عمليات التلاعب بنتائج المباريات في إنجلترا في أعقاب الكشف عن فضائح مماثلة في دول أخرى. وأكد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أمس تعاونه الكامل مع السلطات البريطانية في التحقيقات الجارية والتي أفادت التقارير حتى الآن بأنها مرتبطة بالأقسام الأدنى لدوريات كرة القدم الإنجليزية. وذكر اتحاد الكرة الإنجليزي في بيان له أنه «على علم بعدد من الاعتقالات التي جرت في إطار تحقيقات الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، ونحن نعمل عن قرب مع السلطات في ما يتعلق بهذه المزاعم».

وأفادت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بيان لها بأنه «جرى القبض على ستة أشخاص من شتى أنحاء بريطانيا ضمن التحقيقات التي تجريها حول عمليات مزعومة للتلاعب بنتائج المباريات. وتركز التحقيقات على إحدى منظمات الجريمة الدولية المشتبه بها». وأضافت الوكالة أنها لم تكشف عن هوية الفرق المتورطة في عمليات التلاعب لأسباب قانونية حتى يتسنى للشرطة مواصلة عملها. لكنها أضافت أنها لا تشمل فرقا تلعب في الدوري الممتاز. وقال مصدر قريب من التحقيقات «إن التحقيقات سوف تستمر يوميا تحسبا لأي تطورات جديدة».

وقد جرى القبض على المتلاعبين المشتبه بهم بموجب قانون الرشوة والنصب، وهم محتجزون في أحد أقسام الشرطة في وسط إنجلترا. وقد تزايدت المخاوف في الأعوام القليلة الماضية حول العصابات التي تستهدف المباريات في بريطانيا خاصة للشهرة الكبيرة والمتابعة الجماهيرية للبطولات الإنجليزية في شرق آسيا.

وخلال لقاءات سرية جرى عقدها خلال الشهر الحالي في مدينة مانشستر، والتي جرى تسجيلها سريا، زعم أحد المتلاعبين أنه باستطاعته تزوير المباريات، وأن المقامرين باستطاعتهم الحصول على مئات الآلاف من الجنيهات عن طريق استخدام المعلومات التي توفرها مواقع المراهنة الآسيوية. ويدعي المدعي، سنغافوري الجنسية، أنه سيطر على بعض الفرق في دول أوروبية أخرى ويمكنه أن يقوم برشوة الحكام الأجانب ليتسنى له التحكم في النتائج. ويقول المتلاعب السنغافوري «التكلفة في إنجلترا مرتفعة جدا.. فغالبا ما أدفع 70 ألف جنيه إسترليني للاعبين».

وقد عرض أن يتلاعب بنتيجة مباراتين في بريطانيا هذا الشهر، مضيفا أنه أخبر اللاعبين عن عدد الأهداف المطلوب منهم تسجيلها في المجموع من الفريقين. كما قال ذلك المتلاعب إنه من الممكن أن يدفع 5 آلاف جنيه إسترليني إضافية للاعب حتى يحصل على بطاقة صفراء في بداية المباراة لتكون إشارة على أن تلك المباراة من المحتمل أن يجري التلاعب بنتيجتها. وقد تنبأ هذا المتلاعب خلال أحد الاجتماعات التي عُقدت خلال الشهر الحالي بدقة بعدد الأهداف التي سيجري تسجيلها خلال إحدى المباريات التي ستُلعب في اليوم التالي.

كما ادعى السنغافوري اتصاله بويلسون راج بيرومال، الذي جرت إدانته بتزوير نتائج مباريات كرة القدم في أوروبا، وعنه قال «ويلسون راج بيرومال.. إنه الملك.. إنه رئيس. الكل في العالم يعرفونه جيدا». وبيرومال أيضا من أصول سنغافورية لكنه يعيش في لندن. ومن المعروف أنه مسؤول عن التلاعب بنتيجة عدد كبير من المباريات خلال الأعوام الثلاثين الماضية، ويساعد الشرطة المجرية حاليا في التحقيق في قضايا فساد.

جدير بالذكر أن التحقيقات التي كانت الشرطة الأوروبية قد أجرتها في أنحاء القارة على مدار سنوات وتم الكشف عنها في فبراير (شباط) الماضي قد أوضحت أن هناك تلاعبا كبيرا في نتائج العديد من المباريات تخطى حاجز الـ380 مباراة في بطولات كبرى أهمها تصفيات كأس العالم وكأس أوروبا وبطولات الدوري الممتاز في عدة دول أوروبية. وخلصت التحقيقات إلى تورط 425 شخصا في 15 دولة في فضيحة الفساد هذه بينهم حكام ومسؤولون ولاعبون وعناصر إجرامية.

كما اكتشف المحققون مشاركة «عناصر إجرامية» من آسيا في هذه العمليات غير المشروعة، وتبين أيضا التلاعب في نتائج 300 مباراة أخرى في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وأن الدلائل تشير إلى أن 150 من هذه الحالات أديرت من سنغافورة ووصلت قيمة الرشى إلى نحو 100 ألف يورو للمباراة الواحدة.