دراسة علمية رياضية: 9.8 في المائة فقط نسبة اهتمام الإعلام الرياضي بالألعاب المختلفة

كشفت أن 63 في المائة من كتاب الرأي لم يمارسوا الرياضة.. و10.5 في المائة متخصصون إعلاميا

الأمير سعد بن سعود آل سعود(في الاطار) و الألعاب المختلفة في السعودية ما زالت تشكو مرارة التجاهل من الإعلام
TT

كشفت دراسة بحثية ميدانية تحليلية رياضية، عن أن الألعاب المختلفة ما زالت بعيدة عن محور اهتمام الصحافة الرياضية السعودية في ظل التركيز الكبير على لعبة كرة القدم، بنسبة وصلت إلى 90.2 في المائة، بينما الألعاب الأخرى التي تناولتها الدراسة، جاءت بنسب ضعيفة لم تتجاوز في مجملها ما نسبته 9.8 في المائة، كما يلاحظ أن هناك الكثير من الألعاب لم يتطرق لها كتاب الأعمدة الرياضية طوال فترة الدراسة واقتصر التناول على خمسة ألعاب فقط.

وحصلت «الشرق الأوسط» على دراسة ميدانية - تحليلية لعيّنة من كتاب الأعمدة الصحافية ومقالات الرأي في الصفحات الرياضية السعودية، قدمها الأمير الدكتور سعد بن سعود بن محمد آل سعود أستاذ مساعد بقسم الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في إحدى محاضراته بأكاديمية الأمير نايف بن عبد العزيز للعلوم الأمنية مؤخرا.

وتبحث الدراسة الميدانية في الدراسات السابقة التي تبين أن الوسائل الإعلامية وفي مقدمتها الصحف تدعم عبر مقالاتها الصحافية السلوكيات والاتجاهات السلبية لدى الجمهور، وأن أغلب كتاب هذه المقالات غير مؤهلين إعلاميا، كما أن الصحف السعودية تمنح كرة القدم جل اهتمامها على حساب الأنشطة الرياضية الأخرى.

ويسعى الباحث من خلال دراسته لاتجاهات مقالات الرأي في الصفحات الرياضية السعودية إلى اختبار وتحديث النتائج السابقة، وكذلك التوسع أكثر في دراسة جوانب أخرى من المقالات الصحافية الرياضية من حيث الأفكار والقضايا المطروحة وأساليب الإقناع والمعالجة، ومعرفة مدى أهلية كتاب المقالات الصحافية في الصحف السعودية من الناحية العلمية والإعلامية، وكذلك الخبرة الرياضية.

ومن خلال الرصد العلمي السابق، تتحدد مشكلة الدراسة في التعرف على اتجاه مقالات الرأي في الصفحات الرياضية السعودية، وطبيعة الدور الذي تقوم به، في ضوء ما يقدمه كُتّاب هذه المقالات من أفكار أو قضايا مختلفة، تحظى باهتمام وثقة شريحة واسعة من قرائهم، مما يدفعهم لتبني أفكارهم ومواقفهم تجاه الكثير من القضايا المتعلقة بالشأن الرياضي، وكذلك التعرف على مستوى وعي وثقافة هؤلاء الكُتّاب الذين يشكلون رافدا من روافد التأثير في أفراد المجتمع المحلي وتحديدا في مجاله الرياضي.

وبحسب الباحث فإن هذه الدراسة تنتمي إلى الدراسات الوصفية التحليلية، وتهتم بدراسة ووصف وتحليل الظواهر والأحداث والقضايا، من خلال جمع المعلومات المتعلقة بها ومن ثم تفسيرها بغية استخلاص الدلالات وإصدار التعميمات بشأنها، حيث تم تحليل مضمون مقالات الرأي (الأعمدة الصحافية الثابتة) في صفحات الصحف الرياضية السعودية من خلال ما تحتويه من أفكار وقضايا وأساليب تناول ومعالجة؛ للكشف عن مواقف واتجاهات كتاب هذه المقالات نحو مختلف قضايا الشأن الرياضي، وكذلك استخدام طريقة المسح بالعينة؛ للتعرف على الخلفية العلمية والرياضية لكتاب مقالات الرأي في الصحافة الرياضية السعودية.

وشكلت صحف: «الرياض، اليوم، عكاظ، الوطن، الرياضية» مجتمع الدراسة التحليلية بصفتها صحفا ممثلة للمناطق، إضافة إلى صحيفة الرياضية كأهم الصحف المتخصصة، بحيث تم جمع وتحليل جميع المقالات الرياضية في هذه الصحف باستخدام عينة عشوائية منتظمة، طبقا للأسلوب الصناعي، وشملت عينة كل صحيفة «35» عددا من الأعداد الصادرة خلال خمسة أسابيع (35 يوما)، وقد بلغ مجموع أعداد المقالات الرياضية المدروسة (70) مقالا.

وفيما يتعلق باستبانة الدراسة، يتمثل مجتمعها في كتاب الأعمدة الثابتة في مجمل الصحف السعودية التي تصدر صفحات رياضية، وذلك باستخدام العينة العشوائية البسيطة وهي أحد أنواع العينات الاحتمالية التي تضمن فرصة ظهور متساوية لكل مفردة من مفردات المجتمع ضمن العينة، خاصة أن هذا النوع من العينات يناسب حالة المجتمعات الصغيرة في ظل قلة عدد كُتّاب المقالات الرياضية، وقلة عدد الأسئلة التي لا تتجاوز البيانات الأولية من أجل التعرف على الخلفية الصحافية والرياضية لهؤلاء الكُتّاب، وقد بلغ مجموع المتحقق والصالح للتحليل الإحصائي (38) مفردة.

وطرح الباحث تساؤلات على صعيد الجانب الميداني للتأكيد على أهمية بحثه العلمي، حيث تساءل عن المؤهلات التعليمية لكتاب المقالات في الصحافة السعودية وماهية الخبرة والخلفية الصحافية للكتاب، وكذلك الحال للخبرة والخلفية الرياضية لهم.

كما ذهب إلى تساؤلات تخص الجانب التحليلي، حيث ناقش أهم المواضيع التي تناولتها المقالات الرياضية في الصحافة السعودية وأكثر الألعاب الرياضية تناولا، وكذلك أكثر الأندية تناولا، ونطاق تغطية مواضيع المقالات والوظيفة الإعلامية للمقالات، والأساليب المستخدمة في المقالات وأساليب معالجة مقالات الرأي.

واستعرض الأمير سعد بن سعود آل سعود في معرض بحثه العلمي مشوار الصحافة الرياضية على مدى التاريخ السعودي والهدف المنشود منها لإشباع حاجة الجماهير الملحة في متابعة الأخبار والأحداث الرياضية المختلفة في كل مكان حول العالم.

وبالنظر إلى الصحف والصفحات الرياضية فإنها تقوم بدور مهم في عملية تكوين الرأي العام وتلبية رغبات القراء واحتياجاتهم، كما أنها أحد عناصر الخبرة في محيط أعضاء المجتمع بوجه عام، وفي محيط النشء والشباب خاصة، وهي واحدة من أهم القوى التربوية المؤثرة في تشكيل وتوجيه دفة النظام الرياضي في المجتمعات.

وذهب الباحث إلى أن ما يحدث في الصحافة الرياضية من مظاهر التعصب وعدم الحيادية والموضوعية في الطرح وتغليب العاطفة على المنطق والعقل دليل الجهل وقلة الوعي الرياضي وعدم الإلمام الكافي بالمعاني الحقيقية للتنافس الرياضي الشريف، أو لعدم الإيمان بأن الكتابة الصحافية أمانة يجب ممارستها بمصداقية ومسؤولية من منطلق تقوى الله، ثم الحرص على خدمة الوطن والمجتمع وتنويره والتعبير عنه في شتى المجالات، وخاصة المجال الرياضي موضع الدراسة، مما قد ينعكس على المعنيين بالنقد الرياضي والجماهير سلبا، ويخلق نوعا من التشنج والانفعالات العدوانية بين أفراده.

كما أن الأمر قد يتعدى الشأن الرياضي الداخلي إلى مجالات أخرى داخلية أو خارجية أكثر خطورة، مثل حالة الشغب التي حدثت نتيجة المواجهة الكروية بين الجزائر ومصر عام 2011م، وما أعقبها من إثارة وحرب كلامية من قبل إعلام الدولتين تسببت بعد ذلك في أزمة سياسية.

ولا شك في أن وسائل الإعلام أصبحت تمتلك نفوذا وقدرة على التأثير اللاتجاري؛ فهي سلاح فعال في الحروب النفسية ولها الكثير من التأثيرات المعرفية والسلوكية على المجتمعات، خاصة فئة النشء والشباب، بشرط أن تدار من خلال خبراء ومتخصصين بارعين في استخدام الوسائل بأشكالها كافة؛ المقروءة والمرئية والمسموعة، كما أن الصحافة الرياضية تعد جزءا من حركة المجتمع، تؤثر وتتأثر بالنظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السائدة.

وذهب إلى تلخيص أبرز تأثيرات الصحافة الرياضية في التنشئة الاجتماعية والرياضية والتأثير في المواقف والاتجاهات، وتقوم وسائل الإعلام الرياضي كافة - بما فيها الصحافة - بنشر الثقافات الرياضية، وتقديم المعلومات والمعارف والمفاهيم والعلوم الرياضية؛ بما يوسع الآفاق تجاه مختلف القضايا والمواضيع الرياضية، وتؤثر الصحافة الرياضية في تشكيل الرأي العام الرياضي، وتكوين الآراء والاتجاهات حوله، من خلال مقالات الرأي التي تعلق وتفسر وتحلل مختلف القضايا الرياضية وتعطي وجهات النظر حيالها.

كما تعمل على التحفيز ودعم إرادة التغيير لدى الرياضيين والمهتمين بالرياضة؛ بهدف النجاح وتحقيق الإنجازات التي تخلق نوعا من التفاؤل والفرح وتخدم المصلحة العامة للمجتمع.

من جانب آخر، فإن الإعلام الرياضي يؤثر تأثيرا سلبيا على طريقة التفكير والسلوك والحياة، فقد يكون سببا في التعبئة النفسية لممارسة العنف في المجال الرياضي عندما يظهر تحيزه لبعض الأندية الرياضية دون غيرها، أو عن طريق التناول بالنقد غير الموضوعي للقضايا والأحداث الرياضية، والطرح الصحافي غير الهادف من خلال الكتابات الصحافية المتحيزة لطرف رياضي على حساب آخر.

وتحدث الباحث عن التعصب الرياضي وكذلك عن العنف الرياضي، كما ذهب إلى شرح أنواع المقال الرياضي.

واستهدفت نتائج دراسته الميدانية كتاب الأعمدة الرياضية الثابتة في الصحف السعودية كافة، وتركزت على البيانات الأولية التي تشمل أربعة متغيرات رئيسة: أحدها يتعلق بالمستوى التعليمي، والثاني التخصص العلمي، بالإضافة إلى الخبرة الصحافية والخبرة الرياضية، وبلغ عدد الاستمارات التي تم الإجابة عنها وتحليلها إحصائيا (38) مفردة.

وتوصلت بيانات الدراسة الميدانية لعينة من كُتاب الأعمدة الرياضية في الصحافة السعودية وعددهم (38) وتتلخص النتائج في أن ما نسبته 92.1 في المائة من كُتّاب المقالات الرياضية موضع الدراسة يحملون مؤهلا «جامعيا فما فوق»، بينما الذين مؤهلاتهم «ثانوي فأقل» بلغت نسبتهم 7.9 في المائة بحيث يعتمدون في ممارستهم للعمل الصحافي على خبراتهم الرياضية أو الصحافية.

وأظهرت بيانات الدراسة أن الفئة الأكبر من كُتاب المقالات الرياضية متخصصون في «اللغويات» (اللغة العربية، اللغة الإنجليزية.. إلخ) بنسبة بلغت 26.32 في المائة، يليها تخصص «اجتماعيات» و«غير متخصصين» بنسبة واحدة قدرها 13.16 في المائة لكل منهما، كما يلاحظ أن المتخصصين من كُتاب المقالات الرياضية في «الإعلام» أو «الرياضة» جاءوا رابعا بنسبة 10.53 في المائة لكل منهما، بينما توزعت بقية النسب التي تصل إلى 79.4 في المائة على تخصصات أخرى.

وتبين من نتائج العينة موضوع الدراسة (3) أن غالبية كُتّاب المقالات الرياضية في الصحف السعودية لديهم «خبرة طويلة» بنسبة 73.68 في المائة، (عشر سنوات فأكثر)، بينما الذين خبرتهم الصحافية ما بين «المتوسطة» (5 - 9 سنوات) و«المحدودة» (بأقل من 5 سنوات) بلغت نسبتهم 26.32 في المائة، كما بيّن الجدول السابق (2) المتعلق بالتخصصات العلمية، أن ما نسبته 21.6 في المائة فقط من الكُتاب متخصصون في الإعلام والرياضة.

وقد كشفت بيانات نتائج إحدى عينات الدراسة عن أن غالبية كتاب المقالات الرياضية في الصحافة السعودية يمارسون مهنة الكتابة عن الرياضة «دون أن يوجد» لديهم خبرة رياضية سابقة بنسبة بلغت 63.15 في المائة، بينما الذين لديهم خبرة رياضية من خلال «الممارسة» نسبتهم 26.32 في المائة، يليهم من كان لديهم خبرة رياضية تتعلق بالجانب الإداري والتعليمي 10.53 في المائة.

وتشير نتائج التحليل في البحث العلمي إلى أن هناك 14 موضوعا تم تناولها وفي مقدمتها «الأندية السعودية» التي تصدرت قائمة مواضيع المقالات الرياضية بنسبة بلغت 21.62 في المائة، بينما حلت ثانيا المواضيع التي تناولت «الرئاسة العامة واتحاداتها الرياضية» بنسبة 11.26 في المائة.

في حين أن المواضيع المتعلقة بـ«الإعلام الرياضي» جاءت ثالثا 9.46 في المائة، يليها «اللاعبون» 9.01 في المائة، كما يلاحظ أن مواضيع حيوية مثل «الاستثمار الرياضي»، و«الاحتراف» وكذلك «الجماهير» حلت في مراتب متأخرة رغم أهميتها.

وعند تفحص المقالات الرياضية المنشورة في الصحف موضع الدراسة تبين أن أكثر الألعاب تناولا هي «كرة القدم»، بنسبة وصلت إلى 90.2 في المائة، بينما الألعاب الأخرى التي تم تناولها جاءت بنسب ضعيفة لم تتجاوز في مجملها ما نسبته 9.8 في المائة، كما يلاحظ أن هناك الكثير من الألعاب لم يتطرق لها كتاب المقالات الرياضية طوال فترة الدراسة واقتصر التناول على خمسة ألعاب فقط.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن نادي «الهلال» جاء في مقدمة الأندية الأكثر تناولا في المقالات الرياضية، بنسبة قدرها 21.7 في المائة، يليه «الاتحاد» بنسبة 14.5 في المائة، ثم «الأهلي» 9.6 في المائة، كما أن «المنتخب السعودي» جاء أولا من حيث مجمل التناول سواء للأندية أم المنتخبات، وقد يكون لتزامن إجراء الدراسة مع مشاركة المنتخب في تصفيات كأس العالم المؤهلة لمونديال 2014 دور في ارتفاع نسبة تناوله عبر المقالات الصحافية.

وكشفت النتائج عن أن أسلوب «الواقع الفعلي» هو الأسلوب الأكثر انتشارا في الإقناع بنسبة 38.7 في المائة، يليه أسلوب «المصلحة الوطنية» 18.4 في المائة، ثم أسلوب الإقناع عن طريق «خبراء ونجوم» 12.3 في المائة، وجاء في مؤخرة ترتيب أساليب الإقناع «الاستشهاد الديني» أو «الإحصاءات والدراسات»، وهذا ما يؤكد صحة نتيجة الجدول السابق فيما يتعلق بالمراتب المتأخرة التي احتلتها الوظائف التي تعتمد على التثقيف والإقناع وتكوين الرأي.

وأظهرت نتائج عينة الدراسة المتعلقة بأساليب المعالجة للمواضيع المطروحة عبر المقالات الرياضية في الصحافة السعودية أن أسلوب «الهجوم والنقد» حل أولا بنسبة 32.8 في المائة، وثانيا أسلوب «الواقعية والإقناع» 26 في المائة، وثالثا أسلوب «الدفاع والإشادة» 21 في المائة.

وأوصى الباحث القائمين على المؤسسات الصحافية والوسائل الإعلامية السعودية المتخصصة بالرياضة؛ بالعناية في اختيار الكُتّاب والنقاد والمحللين المتخصصين والمؤهلين علميا وفكريا؛ خاصة أن هذه الوسائل تحظى بمتابعة شريحة لا يستهان بها من الجمهور، معظمهم من الشباب؛ فهناك من الأجيال الناشئة من ينظرون إلى الرياضة والرياضيين كقدوة لهم، وبالتالي يقلدون السلوكيات السلبية، وهنا يأتي دور الإعلامي المتميز الذي ينقد التصرفات المشينة وينبذها ويلوم من يقوم بها ويحذر من الاقتداء به.

كما أوصى بزيادة الاهتمام بمختلف الفرق والألعاب والأنشطة الرياضية، من أجل خدمة الرياضة بجميع أشكالها، وتوسيع دائرة الاهتمام والمتابعة الجماهيرية.