مانشستر يونايتد يخسر 250 مليون دولار منذ تولي مويز القيادة

سعر سهم النادي يتراجع انعكاسا لأداء الفريق.. والغياب عن دوري الأبطال يهدد بكارثة

سهم مانشستر يونايتد سجل أعلى ارتفاع مايو الماضي إثر التتويج بطلا للدوري بقيادة فيرغسون (أ.ب)
TT

في عالم الدوري الإنجليزي الممتاز، يصعُب في الغالب معرفة أين ينتهي الجانب المالي وأين يبدأ الجانب الرياضي. فالخط الفاصل بين هذين الجانبين لم يصبح ضبابيا فقط، بل إنه انهار بالفعل، فأصبح كل منهما يتأثر بالآخر وبشكل مباشر وسريع، والدليل يتضح في سعر أسهم نادي مانشستر يونايتد التي تراجعت بشكل لافت في الفترة الأخيرة نتيجة لتراجع نتائج الفريق.

لقد سجل سعر سهم مانشستر يونايتد 15.16 دولار الأسبوع الماضي في سوق وول ستريت، مواصلا انخفاضه بعد وصوله إلى أعلى سعر له وهو 19 دولارا في شهر مايو (أيار) الماضي عندما احتفل النادي بحصوله على بطولة الدوري الإنجليزي للمرة العشرين في تاريخه.

ويرى المراقبون أن الانخفاض في سعر السهم كبد مانشستر يونايتد خسارة تصل إلى 250 مليون دولار من قيمته الإجمالية خلال ستة أشهر ومنذ تولي المدير الفني الاسكوتلندي ديفيد مويز دفة القيادة خلفا للأسطورة السير أليكس فيرغسون. لقد أدت المتابعة التي لا تلين لخطط مويز فيما يخص انتقالات اللاعبين والتكتيكات التي تُنفذ في أرض الملعب وكذلك اختيار اللاعبين الذين يخوضون المباريات إلى زيادة الضغط على المدير الفني الاسكوتلندي وبدوره انعكس أداء مانشستر يونايتد الباهت على سعر أسهمه في وول ستريت حسبما أفادت تقارير المراقبين الماليين الذين يتوقعون مزيدا من الانهيار في حال فشل الفريق في حصد مكان بين الأربعة الأوائل بالمسابقة والتأهل لدوري الأبطال الموسم المقبل.

وكانت عائلة «جليزر» الأميركية التي تملك نادي مانشستر يونايتد قد قامت بخطوة مفاجأة عندما أقنعت مستثمرين بشراء حصة في النادي تبلغ 10 في المائة مقابل 14 دولارا للسهم الواحد في وول ستريت في أغسطس (آب) من عام 2012، وهو سعر أقل بكثير من السعر الذي كانت العائلة تخطط للحصول عليه، لكنه يبقى مرتفعا إذا ما أخذ في الاعتبار عدم حصول نسبة الـ10 في المائة على حق التصويت الذي تحظى به العائلة. ومنذ ذلك العرض، واصل سعر السهم التذبذب وعدم الاستقرار، حيث انخفض في بادئ الأمر بشكل درامي حتى وصل إلى 12.18 دولار في سبتمبر (أيلول) 2012، قبل أن يبدأ في الارتفاع بشكل ثابت حتى وصل إلى 19.04 دولار في الثاني من مايو (أيار) 2013 عندما كان السير أليكس فيرغسون يحتفل بإنجازه الأخير والأعظم بالتتويج بطلا للدوري.

ويقول أوين غيبسون المحلل الرياضي لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «لقد أدى إعلان تقاعد فيرغسون إلى هبوط فوري في سعر سهم يونايتد، لكنه عاد وارتفع في خريف العام الماضي مع إعلان تحقيق النادي لنتائج مالية جيدة التي أكدت على قرب حدوث نمو محتمل في العائدات. إلا أن سعر السهم انخفض بشدة منذ منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) وحتى الآن بالتزامن مع موجة جديدة من القلق والتكهنات بشأن مستقبل النادي تحت قيادة مويز». وقد كان الطرح العام الأولي لأسهم النادي من الخطوات الأخيرة في سلسة من التحركات التي أعادت تصنيف وتقسيم دين النادي الذي تكبده بسبب سياسة عائلة جليزر، حيث كان مقررا في البداية أن يجري طرح الأسهم في بورصة سنغافورة ثم جرى التحول إلى بورصة نيويورك وأدى ذلك إلى إنشاء شركة تدير النادي مقرها في جزر كايمان التابعة للتاج البريطاني والواقعة ضمن جزر الكاريبي.

وتواجه عائلة جليزر الكثير من المعارضة من جماهير مانشستر يونايتد لأن الأخيرة ترى أن ملاك النادي الأميركيين يستغلون نجاح يونايتد وأرباحه لتسديد ديونهم الخاصة دون دعم واضح للفريق، معتمدين على نجاح فيرغسون في تحقيق نتائج جيدة رغم الاعتراف بضعف بنية الفريق. ويقول غيبسون: «ربما تشعر عائلة جليزر الآن بحجم الجميل الذين تدين به لفيرغسون، الذي كان له تأثير كبير في نجاحهم في الاستحواذ على النادي، بل وأيضا كان داعما لهم في مواجهة احتجاجات مشجعي الفريق الحاشدة، بالإضافة إلى إصراره المستمر على أنه لم يُرفض له طلب فيما يخص توفير الأموال لانتقالات اللاعبين، وقد أدى ذلك كله إلى تقوية موقف عائلة جليزر». وأضاف: «لقد استطاع فيرغسون أن يوظف الإمكانات المالية القليلة نسبيا المتاحة له في الحفاظ على مسار الانتصارات التي كان يحققها، لكنه ترك لخليفته (مويز) تلا كبيرا من المشكلات، التي تفاقمت مع فشل مدير النادي الجديد إدوارد وودوارد في الحصول على الدعم المطلوب لبدء عهد جديد».

لقد سمحت عبقرية فيرغسون لعائلة جليزر بإدارة النادي والسير به بحكمة من خلال سلسلة من المناورات المالية الخطيرة التي كانت من الممكن أن تكلف النادي أكثر من مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2016.

ومن الصعب تقييم نوادي كرة القدم لأنها لا تشبه أيا من مجالات الأعمال الأخرى، كما أنه ليس من السهل فصل التذبذب الذي يحدث لسعر سهم مانشستر يونايتد عن ظروف السوق بشكل عام، بالإضافة إلى أنه من الخطأ رسم خط واضح ومباشر يفصل بين نتائج الفريق على أرض الملعب والحال الذي تبدو عليه أسهمه صعودا وهبوطا على شاشات المتعاملين في البورصة.

غير أن أي مستثمر عاقل سيظل قلقا بشأن ما يعنيه رحيل فيرغسون بالنسبة لنموذج «آل جليزر»، ومستوى الاستثمارات التي من المحتمل أن تكون مطلوبة في فترة تشهد أداء ضعيفا على أرض الملعب، لا سيما في حال غياب مانشستر يونايتد عن بطولة دوري أبطال أوروبا لأكثر من موسم، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على التوقعات بشأن العائدات التي سيحققها النادي في تلك الفترة.

وترتبط التنبؤات بشأن العوائد المالية التي سيحققها النادي هذا الموسم بمدى قدرته على إنهاء الموسم في المركز الثالث في بطولة الدوري والوصول إلى الدور قبل النهائي في منافسات دوري أبطال هذا الموسم، ويبدو تحقيق تلك المراكز هدفا صعبا في هذا الوقت العصيب الذي يشهده مانشستر يونايتد.

وحسب الوعد الذي قطعته عائلة جليزر على نفسها عند الطرح العام الأولي لأسهم النادي، فسوف يظل صافي الإنفاق السنوي على الانتقالات يتراوح بين 25 و30 مليون جنيه إسترليني. يأتي ذلك في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة لإعادة بناء النادي بمرور الأيام، وحالة القلق التي بدأت تدب مع تذبذبات سعر سهم النادي، الذي سيظل مؤشرا على مدى تحسن أو تدهور أداء العائلة الإداري.

ويشير غيبسون إلى أنه ينبغي على عائلة جليزر أن توقف أي خطط لطرح المزيد من الأسهم في الأسواق المالية، من أجل جمع الأموال التي يحتاجها فريق يونايتد حتى يتحسن الأداء ويصبح أكثر جاذبية للمستثمرين، لأن ذلك قد يهدد سيطرتهم الكاملة على النادي. لكن أمام الوضع المتأزم للفريق والخسائر المالية التي ارتبطت مؤخرا بتراجع النتائج يبدو أن عائلة جليزر ستستمر على سياستها بطرح المزيد من دفعات الأسهم بالأسواق، حيث ما زالت تعتقد أنها مرحلة انتقالية والنادي سيواصل تحقيق مزيد من النمو.

وتأمل عائلة جليزر بتحويل نظرهم مرة نحو الغرب إلى الولايات المتحدة ومرة نحو الشرق إلى الصين، جمع مزيد من الثروات حتى أبعد من صفقة المليار دولار التي يطمحون في توقيعها مع شركة نيكي (Nike) وعقد رعاية بوضع اسم شيفروليه على القميص تبلغ قيمتها 559 مليون دولار. وفي الوقت نفسه، تأمل العائلة في أن يصب قانون اللعب المالي النظيف الذي يريد الاتحاد الأوروبي تطبيقه من الموسم المقبل (أن ترتبط تعاقدات الأندية بما تحققه من أرباح) في صالحها، حيث ينتظر الفريق عائدات أكبر من تسويق مبارياته.

ويبدو لافتا للنظر ذلك التناقض بين قتامة الصورة المحيطة بالعروض التي يقدمها مانشستر يونايتد على أرض الملعب والإعلان المتفائل الأسبوع الماضي عن شريك النادي العالمي الجديد، وهو شركة أبيرول الإيطالية للمشروبات. إلا أنه إذا ما توقفت ثمار النجاح عن الإزهار، فإن كل هالات الرومانسية والتاريخ المحيطة بـ«العلامة التجارية» لمانشستر يونايتد ستجعل المستثمرين يولون وجوههم شطر برشلونة أو ريال مدريد أو بايرن ميونيخ بدلا من الفريق العريق.

المطلعون على بواطن الأمور في أولد ترافورد يرون أنه ينبغي على الجميع التحلي بالصبر، مشيرين إلى عقد ديفيد مويز الذي يمتد إلى ست سنوات، ويصرون على أنه سيجري إعطاؤه الوقت والمال لإعادة تشكيل فريقه في فصل الصيف. ويعلق غيبسون على ذلك قائلا: «الأمر الوحيد المؤكد الذي يربط بين سوق الأوراق المالية وجدول مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز هو أن الأداء الجيد في الماضي لا يُعد ضمانا لما ستكون عليه النتائج المستقبلية. ومع أنه من المبكر جدا الحكم على فترة تدريب مويز على أرض الملعب، سيتضح في الوقت المناسب ما إذا كانت التقلبات في سعر سهم مانشستر يونايتد هي مجرد صورة على شاشة مؤقتة أم أنها علامة على حدوث تغيرات على المدى الطويل».