مسؤولون عرب يؤكدون وجود تباين حكومي في دعم «الرياضة النسائية»

سعوديات سجلن حضورهن في «الشارقة» ودعوة إلى دوري وطني

فريق جدة الرياضي السعودي لا يقتصر على كرة قدم فقط
TT

بعيدا عن الحديث المجتمعي حول مدى أهمية ممارسة المرأة للرياضة ومشاركتها في الألعاب الرياضية أو البحث في مدى اعتبار التربية البدنية النسائية حقا مشروعا أم رفاهية مجتمعية، ووصولا إلى مناقشة الأزياء الرياضية النسائية من جانبها الشرعي، ركز عدد من المسؤولين في اللجان الأولمبية التي تعمل تحت مظلة الجامعة العربية بحضور عدد من الرياضيات العربيات والخليجيات في ورشة عمل «الرياضة النسائية العربية.. الواقع والتطلعات»، التي عقدت أخيرا على هامش أعمال دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات في إمارة الشارقة، على الحديث حول جملة من الإشكالات التي تواجه الرياضة النسائية العربية والخليجية على الرغم من التباين القائم فيما بينها بشأن دعم الألعاب الرياضية النسائية.

حضور ورشة العمل كان فرصة فريدة للوقوف على خفايا معضلة الرياضة النسائية من قبل عدد من المسؤولين الذين فضلوا عدم التصريح بشأن الخطوات المرتقبة لتحفيز مفهوم التربية البدنية النسائية في المجتمعات الأقل تقبلا، خاصة الخليجية منها.

آراء المشاركين في أوراق ورشة العمل التي تتحفظ «الشرق الأوسط» على ذكر أسمائهم ومواقع عملهم بحسب رغبتهم، اتفقت جميعها في عدد من المحاور التي طرحت للبحث؛ بداية بالمعوقات، ومرورا بالخطط والبرامج، ووصولا للتطلعات والتشريعات والدور المنشود من اتحاد اللجان.

واستقر المشاركون على تأكيد تفاوت الدعم الحكومي بشأن الرياضة النسوية بين الدول العربية والخليجية بما في ذلك التباين في الوعي المجتمعي تجاه رياضة المرأة، مستنكرين في الوقت ذاته تضارب الصلاحيات بين الوزارات والجهات المعنية فيما يتعلق بالأندية الرياضية، وغياب التنسيق، والتفاوت في الخطط والاستراتيجيات.

وطالب المجتمعون بضرورة سن قانون حق ممارسة الرياضة لأي فرد من أفراد المجتمع في النظام الأساسي للدولة، وليس الاقتصار على جمع الميداليات، وتهيئة الأماكن للممارسة المجتمعية، إلى جانب سن قوانين تحقق أهداف ممارسة الرياضة.

واستنكر أحد المسؤولين في الجامعة العربية المختصين بالرياضة إحجام معظم الدول العربية عن استضافة أنشطة الرياضة النسائية، بالإضافة إلى تخفيض الميزانيات المخصصة للأنشطة الرياضية، قائلا إن «نسبة استضافة الأنشطة الرياضية النسائية خمسة في المائة فقط مقابل الأنشطة الرجالية».

من جانبها، دعت الصحافية الجزائرية سكينة المتخصصة في الإعلام الرياضي، إلى ضرورة سن نصوص تطبيقية في ظل وجود فائض في التشريعات إلا إنها غير محترمة أو منفذة. في المقابل، شددت إيمان العيسى، من مصر، على ضرورة العمل لتخطي معوقات «المجتمع والأسرة والتقاليد» لتشجيع الفتيات على ممارسة الرياضة، وتعزيز السلوك الرياضي الأسري بتوفير الرياضة لربات البيوت والأمهات والطالبات.

ودعا المجتمعون في توصيات لهم إلى ضرورة بناء خطط وبرامج للرياضة النسائية، وزيادة حصص المشاركة النسائية في الدورات العربية، والاهتمام بالرياضة في مناهج التعليم العام.

وكشف مسؤول في اتحاد اللجان الأولمبية التابع لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب بالجامعة العربية عن إقرار لجنة خبراء لوضع خطة استراتيجية للسنوات الأربع المقبلة سيجري التركيز من خلالها على بحث دور الرياضة النسائية وتفعيل الأندية النسائية.

من جهته، أكد سعيد جمعان، أمين اتحاد كرة القدم العربي، استمرار البطولات للمنتخبات النسائية العربية لكرة القدم، مشيرا إلى أن توقف النشاط في الآونة الأخيرة إنما يرجع إلى مقاضاة الراعي لأنشطة الاتحاد بعد الإخلال بالعقد المبرم، قائلا: «نشاطات الاتحاد لكرة القدم بما فيها النسائية ستعود فور الانتهاء من القضية وإيجاد راع لأنشطتنا».

ورغم الحديث عن المعوقات التي تواجهها الرياضة النسائية في المجتمعات العربية والخليجية، فإن حضور ومشاركة السعودية أمينة النهدي، مؤسس ورئيس فريق جدة الأخضر الرياضي للسيدات، ألعاب كرة السلة، وتنس الطاولة، والريشة الطائرة، وسباق الجري 100 متر، والرماية، أثار المشاركين والمشاركات وزاد من ترحيبهم بها.

أمينة النهدي، تعرف بنفسها وفريقها المساعد وبقيادات رياضية وطنية، قائلة: «تبنى الفريق تفعيل الحركة الرياضية النسائية في مدينة جدة منذ عام 2004، بتأسيس عدد كبير من الفرق الرياضية في ألعاب مختلفة، والمبادرة بتنظيم البطولات الرياضية والمنافسات المختلفة على مستوى الجامعات والكليات والمدارس الأهلية والعالمية، وقد احتل المركز الأول في العديد من البطولات المنظمة، كما تبنى الفريق تنظيم المنتديات والفعاليات الرياضية لتثقيف المجتمع، بمشاركة أكبر الجامعات الأهلية، فهو أول من نظم (اليوم الرياضي) بالمشاركة مع كلية إدارة الأعمال 2013، وحضره ما يزيد على 400 شخص. وأول من نظم منتدى رياضيا تحت عنوان (الحركة بركة) تحت رعاية الأميرة صيتة بنت عبد الله وبالمشاركة مع كلية دار الحكمة 2012، وحضره ما يزيد على 700 شخص، كما تبنى تنظيم بطولات النخبة لكرة السلة بالتعاون مع كلية إدارة الأعمال 2011، وبطولة الجامعات لكرة السلة التي نظمت في جامعة عفت 2009. وهو أول من نظم معسكرات رياضية سنوية خارج المملكة منذ عام 2005، وهو صاحب الريادة في تحقيق أول مشاركة في البطولات الخليجية 2007.. وإلى جانب ذلك، ما حققه الفريق من إنجازات في المشاركات الخارجية والبطولات والفعاليات على مستوى دول مجلس التعاون، من بينها: (اليوم الرياضي المفتوح للسيدات)، و(حقي الرياضي) في الكويت، محققا المركز الأول في منافسات كرة السلة، ومنافسات تنس الريشة، والمركز الثاني في سباق الجري 100 متر، والمركز الثالث في منافسات تنس الطاولة 2013، كما شارك في منافسات بطولة كرة السلة للسيدات ضمن فعاليات دورة الألعاب الرياضية السنوية للشركات والفرق بالإمارات العربية المتحدة وحقق الفريق المركز الثالث ضمن 20 فريقا نسائيا مشاركا 2012».

وبشأن مدى الوعي المجتمعي بالرياضة النسائية في السعودية، أوضحت النهدي تطلعها بداية إلى إنشاء دور للمؤسسات الرياضية المختصة في سبيل التكامل مع المساعي والاجتهادات الفردية الخاصة، وذلك للتوعية بأهمية الرياضية للجميع.. «إناثا وذكورا، وكل المراحل العمرية ولجميع طبقات المجتمع وفئاته، وجعل الرياضة أسلوب حياة».

وأشادت بجهود بلديات المناطق بالاستمرار في الدعم، مطالبة بمراعاة الحرص على توفير ممرات المشي اللائقة لمزاولة الرياضة بما يحفظ خصوصية المرأة، وفقا لتوصيات المؤتمرات الدولية لتعزيز رياضة المرأة (مؤتمر برايتون)، بما لا يتعارض مع الدين والعادات والتقاليد وخصوصية المرأة السعودية.

وأكدت على سعي فريق جدة الأخضر لتقديم نموذج لائق ورائد لنخبة رياضية من اللاعبات المتميزات والمتفوقات علميا ورياضيا واجتماعيا، إلى جانب وضع خطة مستقبلية على المدى البعيد لتأسيس الرياضة المدرسية، وإنشاء وتأسيس مناخ وأرضية خصبة لولادة طبيعية للرياضة النسائية، قائلة: «ننادي بتشكيل لجنة نسائية رياضية يجري اختيار أعضائها من ذوي الكفاءات المتخصصين علميا وأكاديميا في المجال الرياضي، بعيدة عن الوساطات والمحسوبيات، حيث تكون هذه اللجنة مشرفة على الأنشطة الرياضية، وقناة وصل مساعدة للمختصين المسؤولين عن الحركة الرياضية النسائية».

وطالبت أمينة النهدي، مشرفة النادي الرياضي بمركز كليات الطب والعلوم الطبية بجامعة الملك عبد العزيز، بإقامة دوري محلي وطني تحت إشراف المؤسسات الرياضية المختصة.

وأشارت مؤسِّسة فريق جدة الأخضر، إلى بعض المعوقات، ومنها بغياب المنافسات الداخلية مما يضطر الفريق للسفر سنويا لدول الجوار الخليجية للاحتكاك بالمنتخبات والأندية الوطنية لدول مجلس التعاون، إضافة إلى عدم القدرة على توثيق التفوق الرياضي للاعبات الفريق، وانعدام الدعم المعنوي والتشجيع من المؤسسات الرياضية الوطنية.. إلا أنها تسعى من خلال فريقها لتمثيل المرأة السعودية التمثيل الوطني المشرف بما يتناسب ويتوافق مع مراعاة خصوصية المرأة والمجتمع السعودي وذلك بالمشاركة في البطولات المقامة على مستوى دول الجوار الخليجية.