كريستيان فييري.. وحش إيطالي مثله الأعلى لاعب كريكيت

بعد خمس سنوات من الاعتزال اعترف بأن اللعب إلى جانب باجيو ضربا من الجنون

اللاعب الإيطالي المعتزل كريستيان فييري
TT

تنقل الإيطالي كريستيان فييري بين 13 ناديا خلال مسيرة امتدت 18 عاما ما يجعله أحد الرحالة الكبار في عالم كرة القدم إلى جانب ريفالدو وروماريو أو سيباستيان أبرو. لكن خلافا للثلاثي الهجومي القادم من أميركا الجنوبية، لم يكن الإيطالي مهيأ لخوض مسيرة كروية، فعندما يسأل عن مثله الأعلى في شبابه يقول فييري من دون تردد إنه ألن بوردر.

لكن من هو ألن بوردر يا ترى؟ بالطبع الاسم لا يثير الانتباه إذا ما نظرت في ذكريات كرة القدم، ذلك لأن بوردر في الواقع هو لاعب أسترالي سابق في رياضة الكريكيت! والسبب في عشق فييري لبوردر أن الأول عاش طفولته في أستراليا بعد أن هاجر والداه إلى هناك وهو في سن صغيرة. لكن وبعد مرور 41 عاما، فإن ذكريات فييري لا تتعلق بأستراليا، ولا برياضة الكريكيت، لكن بالرياضة الأكثر شعبية في إيطاليا ألا وهي كرة القدم.

فبعد خمس سنوات على اعتزاله اللعب نهائيا، التقاه موقع الفيفا بمناسبة إقامة مباراة ضد الفقر بعد أن أصبحت الأعمال الخيرية أحد الانشغالات الخاصة للاعب كرة القدم السابق لكي يملأ وقت فراغه المتنوع بتنوع أنديته السابقة.

وإذا كان فييري احتار، وسط الجالية الإيطالية المقيمة في سيدني بين رياضتين هما كرة القدم والكريكيت وبين جنسيتين، فقد اختار إيطاليا التي سهلت الكثير من مهمته. اختار كرة القدم بطبيعة الحال وبدأ مسيرته في نادي براتو في الدرجة الثالثة الإيطالية، حيث لفت أنظار تورينو الذي ضمه إلى صفوفه.

وخاض فييري أول تجربة له مع فريقه الجديد في الدرجة الأولى عام 1991، ولم يكن يدري بأن الهدف الأول الذي سجله في أول سبع مباريات سيكون باكورة أهداف كثيرة لاحقة.

ثم كان جزءا من خمس عمليات انتقال في خمس سنوات سمحت لكرة القدم الإيطالية اكتشاف رحالة، لكن أيضا هدافا خطيرا بأسلوب خاص ذلك لأن بوبو كان قوي البنية وكان يضغط على دفاعات الفرق المنافسة ويتألق في الألعاب الهوائية والتصدي للكرات العالية بالإضافة لتمتعه بتسديدات قوية جدا.

هذه الميزات جعلته يحمل لقب «الوحش»، وكانت جواز سفره لصفوف المنتخب الإيطالي عندما كان يدافع عن ألوان يوفنتوس خلال موسم 1997-1998 وبالتالي شارك في كأس العالم التي أقيمت بفرنسا عام 1998.

واعترف فييري الذي سجل خمسة أهداف في كأس العالم في فرنسا 1998 وأربعة أخرى في النسخة التالية في كوريا - اليابان 2002 لموقع الفيفا بقوله: لا شك بأنها أجمل تجربة في حياتي. يحلم كل لاعب بخوض كأس العالم، والدفاع عن ألوان بلاده في البطولة الأهم في العالم، مضيفا «خوض نهائيات كأس العالم مرتين كانت تجربة مدهشة. تشعر دائما بتصاعد الأدرينالين وبالأجواء المميزة. إنه أمر رائع».

وبفضل تسجيله تسعة أهداف، بات فييري أفضل هداف للأزوري في نهائيات كأس العالم بالتساوي مع باولو روسي وروبرتو باجيو.

ويكن فييري تقديرا خاصا لباجيو بالذات ويقول في هذا الصدد «أتذكر بأنني دفعت عشرة آلاف ليرة إيطالية لكي أجلس في أحد منعطفات الملعب وأشاهد باجيو يلعب لفيورنتينا، كان الأمر ضربا من الجنون!» مضيفا «ثم التقينا في صفوف المنتخب المشارك في كأس العالم، لم أكن أصدق ماذا يحصل لي! حتى أنه كان عندما يخطئ في تمرير إحدى الكرات باتجاهي يقوم بالاعتذار مني! كان الأمر لا يصدق».

على غرار باجيو الذي لعب فييري إلى جانبه في صفوف إنتر ميلان، صادف أن لعب المهاجم الإيطالي مع أفضل اللاعبين في السنوات الـ20 الأخيرة ويقول في هذا الصدد المهاجم الذي خاض تجربتين خارجيتين مع أتلتيكو مدريد وموناكو «باجيو هو أحد أفضل اللاعبين الذي لعبت إلى جانبهم مع زين الدين زيدان ورونالدو».

وتابع: «مع زيزو، كنا سويا في يوفنتوس، وبعد مرور 15 عاما ما زلنا على اتصال دائم ونلتقي دائما. أما بالنسبة لرونالدو، فمن الصعب إيجاده لأنه لا يرد على هاتفه إطلاقا! مع زملائي السابقين نلعب سويا دائما تحديدا مع باولو مالديني الذي أراه بصورة مستمرة في ميلانو».

كان انتقاله إلى إي سي ميلان عام 2006 نهاية الحقبة الذهبية لفييري الذي كان أمضى ستة مواسم رائعة مع إنتر ميلان النادي الوحيد حيث مكث أكثر من عام واحد، قبل أن ينضم إلى غريمه وجاره اللدود. توالت الإصابات عليه وبدأ عامل السن يضغط عليه كثيرا. واستمرت فعالية الوحش لبضعة مواسم في أندية مختلفة من الدرجة الأولى الإيطالية قبل موسم أخير في أتالانتا برجامو النادي الذي شهد انطلاقته القوية.

لعب فييري مقابل أجر مادي مقداره 1500 يورو شهريا من أجل المتعة ليس إلا، قبل أن يعتزل اللعب نهائيا عام 2008 وقال في هذا الصدد «شعرت في الفترة الأخيرة بأنني لم أعد أملك الرغبة في الخضوع للتمارين والتوجه إلى التجمعات عشية كل مباراة، لم يعد لدي الحافز كما في السابق»، مضيفا «في هذه الحالة كان لا بد أن أتخذ القرار بالتوقف. وهذا ما قمت به من دون أي مشكلة. كان هذا القرار قد نضج في عقلي ولم أتخذه على عجلة».

بعد الاعتزال كان لا بد له من ملء أوقات فراغه، وسرعان ما وجد عملا يتمثل بخوض المباريات الخيرية مع صديقيه زيدان ورونالدو وقال على هامش المباراة ضد الفقر 2014 والتي أقيمت لمساعدة الفلبين بعد إعصار هايان الذي ضربها إنه «أمر أساسي. لقد حالفنا الحظ في حياتنا، في المقابل واجه أشخاص آخرون مشاكل عدة. ومن الطبيعي القيام بشيء في محاولة لمساعدة هؤلاء»، مضيفا «ما أفتقده في كرة القدم هو الوجود ضمن مجموعة، الوجود مع أصدقائي. لهذا السبب أشارك في هذه المباريات الخيرية من أجل تمضية الوقت معا والاستمتاع وخدمة الناس».

وبالإضافة إلى مساهمته في الأعمال الخيرية، مارس فييري لعبة البوكر، واستثمر في العقارات وشارك في حلقات من تلفزيون الواقع. لكن المشاكل كانت أكثر من النجاحات التي حققها، وبالتالي عاد فييري لحبه الأصلي أي الرياضة. أصبح محللا للدوري الإيطالي والدوري الإسباني والدوري الفرنسي ودوري أبطال أوروبا وقريبا كأس العالم وقد سمح له عمله الجديد بالإدلاء بتوقعاته عن مشوار منتخب بلاده في البرازيل فقال «من الصعب دائما التغلب على إيطاليا في كأس العالم. فالمنتخب يجيد الدفاع ويملك شخصية قوية».

ولم تتغير حياة فييري عن السابق ويختم بقوله «ما زلت أستيقظ باكرا، أعمل في التلفزيون وأملك شركة ألبسة رياضية وبالتالي يتعين علي أن أتنقل كثيرا».