السعادة تعم إسبانيا بعد فوز إشبيلية بلقب الدوري الأوروبي على حساب بنفيكا

«لعنة غوتمان» تواصل مطاردتها للفريق البرتغالي على مدار خمسة عقود.. ومدربه يؤكد أن الفريق الأفضل لم يفز

إشبيلية يحرز لقب الدوري الأوروبي للمرة الثالثة (إ.ب.أ) - لاعب بنفيكا روبن أموريم بعد ضياع الأمل في اللقب (رويترز)
TT

رغم مرور 52 عاما على فوزه بثاني وآخر ألقابه في البطولات الأوروبية، ما زال بنفيكا البرتغالي يعاني في مواجهة «لعنة» غوتمان وسقط للمرة الثامنة على التوالي في المباريات النهائية لكؤوس أوروبا. في المقابل عم الشعور بالسعادة والحماس الشديد أرجاء إسبانيا أمس بعد فوز فريق إشبيلية الإسباني على منافسه البرتغالي بضربات الجزاء الترجيحية بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي في نهائي بطولة الدوري الأوروبي الذي جرى بمدينة تورينو الإيطالية.

وجاء العنوان الرئيسي لصحيفتي مدريد «آس» و«ماركا» واحدا وهو «أبطال بالثلاثة!» حيث احتفلتا بإنجاز فوز الفرق الإسبانية بجميع الألقاب الأوروبية الثلاثة لهذا العام. حيث يجمع نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا لهذا العام بين الجارين أتليتكو وريال مدريد في 24 مايو (أيار) بمدينة لشبونة البرتغالية، أما مباراة كأس السوبر الأوروبية فستجمع في أغسطس (آب) المقبل بين إشبيلية والفائز من نهائي لشبونة.

وتوج بنفيكا من قبل بلقب بطولة كأس الأندية الأوروبية الأبطال (دوري أبطال أوروبا حاليا) في عامي 1961 و1962 وذلك تحت قيادة المدرب المجري بيلا غوتمان، ولكن النادي اتخذ قراره بعد هذا الإنجاز وأقال غوتمان لمطالبة هذا المدرب الكبير بزيادة راتبه. وأقسم غوتمان، تحت وطأة غضبه وقتها، بأن بنفيكا لن يفوز بأي لقب أوروبي لمدة 100 عام. ورغم تحسن العلاقات بين المدرب وبنفيكا في 1965، ظلت لعنة غوتمان المزعومة قائمة حتى الآن. وإضافة لخسارته نهائي البطولة أمام تشيلسي في العام الماضي، سبق لبنفيكا أن خسر في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي (الدوري الأوروبي حاليا) عام 1983 أمام أندرلخت البلجيكي، كما خسر نهائي كأس الأندية الأبطال في أعوام 1963 و1965 و1968 و1988 و1990.

وجاء سقوط الفريق في مباراة أول من أمس بنهائي الدوري الأوروبي ليضاعف من إحساس النادي البرتغالي بهذه اللعنة المزعومة لأنه ثامن نهائي على التوالي يبلغه الفريق ويخرج منه منكسرا. وبذل بنفيكا محاولات عدة لكسر هذه اللعنة وكانت آخر هذه المحاولات هي تخليد ذكرى غوتمان من خلال وضع تمثال له يحمل كأسي أوروبا أمام استاد الفريق، ولكن لم تفلح أي محاولات لكسر هذه اللعنة التي تدخل الآن عامها الـ53.

وقدم إشبيلية أداء جيدا في المباراة ولكنه لم يكن الأفضل في معظم فترات اللقاء. وفي الشوط الثاني، سنحت للفريق الإسباني فرصتان خطيرتان من هجمتين مرتدتين ولكنه لم يترجمهما إلى أي هدف ليظل التعادل السلبي قائما بين الفريقين في ظل الدفاع المتكتل والمكثف الذي لجا إليه إشبيلية معظم فترات المباراة لتتحطم أمامه جميع هجمات بنفيكا الذي فشل في هز الشباك على مدار 120 دقيقة. وشعر بنفيكا بالتأكيد أن الحظ لم يكن بجانبه في هذه المباراة لأن الفارق كبير بين الحظ السيئ وإنهاء الهجمات بشكل سيئ. وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها بنفيكا هذا الموقف، فقد خسر نهائي البطولة نفسها العام الماضي بعدما تسيد مجريات اللعب أيضا. وسنحت الفرصة الأبرز أمام الفريق لهز الشباك في الشوط الثاني عندما انفرد ليما نجم الفريق بحارس المرمى بيتو في الناحية اليسرى داخل منطقة جزاء إشبيلية وسدد الكرة في اتجاه المرمى لتعبر بيتو ولكن الأرض انشقت عن اللاعب نيكولاس باريخا، الذي أبعد الكرة من على خط المرمى لينقذ فريقه من هدف محقق. وواصل بنفيكا هجومه المكثف وكاد الأرجنتيني إيزكويل غاراي، مدافع بنفيكا يستغل فشل بيتو في التقاط إحدى الكرات العرضية ولكن اللاعب سدد الكرة برأسه فوق العارضة مباشرة. كما رفض الحكم الألماني فيليز بايرتش، الذي أدار المباراة الانسياق وراء مطالبات لاعبي بنفيكا الذين طالبوا بضربتي جزاء.

وقال جورجي جيسوس، المدير الفني لبنفيكا «كان هناك قرار واحد على ليما عندما قرر الحكم عدم احتساب ضربة جزاء للاعب.. إذا لم يكن الحكم راغبا في احتساب ضربة جزاء فليس هناك ما نقوله بهذا الشأن. لا يمكننا أن نقول إننا خسرنا الدوري الأوروبي لهذا السبب ولكن هذا كان له أثر في الخسارة». وأكد جيسوس أن لاعبي فريقه قدموا كل ما في وسعهم ولم يقصروا في أي شيء. وقال جيسوس بعد المباراة: «إن الفريق الأفضل لم يفز الليلة.. يجب أن نهنئ لاعبي بنفيكا، لا يمكنني انتقادهم في شيء». وأضاف: «يجب أن نغادر الملعب برؤوس مرفوعة، خصوصا وأننا لدينا مباراة نهائي أخرى بانتظارنا يوم الأحد المقبل. ففي كرة القدم، لا جدوى من النظر إلى الوراء».

من جانبه أعرب يوناي إيمري مدرب نادي إشبيلية عن سعادته البالغة بعد فوز فريقه للمرة الثالثة بلقب بطولة الدوري الأوروبي. وقال إيمري بعد المباراة: «إنها ليلة خاصة للغاية بالنسبة لكل الجماهير. هذه البطولة تحبها جماهير فريقنا لأننا سبق لنا الفوز بها مرتين». وأضاف إيمري: «ولأن هذه البطولة كانت سببا في إسعاد جماهيرنا فقد بذلنا مجهودا كبيرا للغاية فيها لأننا شعرنا بأننا نتحمل مسؤولية الفوز بها». ودافع إيمري عن أداء إشبيلية في الوقت الأصلي من المباراة والذي كان واضحا خلاله أن بنفيكا هو الفريق الأفضل وصاحب الفرص الأوفر وقال: «لم نكن نعرف من هو الفريق الأفضل قبل المباراة. فقد سنحت لنا أيضا بعض الفرص ولكننا حسمنا المباراة بضربات الجزاء». وبعدما قرر الفريقان قائمتيهما لتسديد ركلات الترجيح في نهاية المباراة، كانت أصوات مشجعي إشبيلية هي الأعلى والأكثر ثقة، رغم أنهم كانوا الأقل عددا مقارنة بالجماهير الغفيرة التي زحفت خلف بنفيكا إلى تورينو. ولكن جماهير إشبيلية شعرت بأن فريقها أصبح الأقوى ترشيحا لإحراز اللقب بعدما وصل بالمباراة إلى ركلات الترجيح.

ومع اقتراب الوقت الإضافي من نهايته، كانت جماهير بنفيكا قد التزمت الصمت بالفعل وإن ردد البعض عددا من الأغاني البرتغالية لتحفيز اللاعبين. ويبدو أن جماهير الفريق البرتغالي كانت تعي ما هو قادم. وبينما بدأت احتفالات مشجعي إشبيلية بعد الفوز في ركلات الترجيح، غادرت جماهير بنفيكا المدرجات في صمت بعدما شاهدت صدمة جديدة لفريقها تكررت مرارا على مدار العقود الخمسة الماضية.

وأعرب حارس المرمى النجم بيتو عن شعوره بالفخر لأنه كان جزءا من فريق إشبيلية، الذي فاز بضربات الجزاء الترجيحية ليتوج باللقب الأوروبي بعدما أنقذ الحارس البرتغالي ضربتي جزاء. وصرح بيتو لموقع اتحاد الكرة الأوروبي على الإنترنت بعد المباراة قائلا: «أشعر بالفخر الشديد لأنني كنت جزءا من هذا الفريق.. لقد انتهى الأمر بأفضل طريقة ممكنة. أهدي هذا الفوز إلى والدي الذي سيفخر كثيرا بي الآن».

وتحمل بيتو الكثير من اللحظات العصيبة خلال الوقت الأصلي للمباراة، حيث فشل في إبعاد الكرة عن منطقة الجزاء في ضربتين ثابتتين، فيما فشل في الإمساك بالكرة عندما طار ليبعد رفعة لبنفيكا. ولكن بعدما فشل بنفيكا في استغلال أخطاء بيتو خلال المباراة نفسها، فقد كانت الساحة ممهدة أمام الحارس البرتغالي ليتحول إلى نجم اللقاء عند الاحتكام لضربات الجزاء. وأضاف بيتو: «حققنا هذا الفوز من أجل كل جماهير إشبيلية» وهذه هي المرة الثانية التي تسيطر فيها الفرق الإسبانية تماما على جميع الألقاب الأوروبية. ففي عام 2006، فاز إشبيلية بلقبه الأول ببطولة كأس الاتحاد الأوروبي (الدوري الأوروبي حاليا)، بينما أحرز برشلونة لقبه الثاني في دوري الأبطال. ولم تنجح أي دولة أخرى في الجمع بين لقبي بطولتي الأندية الكبيرتين في أوروبا في موسم واحد.وكتبت صحيفة ماركا أمس: «فوز إشبيلية يؤكد سيطرة إسبانيا على الكرة الأوروبية». وأضافت: «مازلنا متقدمين بكل وضوح على الألمان والإنجليز والإيطاليين. إنه العصر الذهبي للكرة الإسبانية بحق».