طموحات أتليتكو تصطدم بحلم الريال في لقب دوري الأبطال العاشر

تاريخ النادي الملكي يرجح كفته في موقعة اليوم.. و«للساحرة المستديرة» دائما قول آخر

رونالدو (وسط ) يستعد لأول لقب أوروبي مع الريال
TT

تتجه أنظار عشاق الكرة في العالم، وخصوصا إسبانيا، اليوم إلى ملعب «دا لوش» في العاصمة البرتغالية لشبونة، حيث يتواجه ريال مدريد الإسباني مع جاره اللدود أتليتكو مدريد في المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المسابقة التي انطلقت قبل 59 عاما التي يتواجه فيها فريقان من نفس المدينة في المباراة النهائية، لكنها المرة الخامسة التي تجمع فيها مباراة اللقب بين فريقين من البلد ذاته، وسبق لريال بالذات أن اختبر التواجه مع فريق إسباني آخر وذلك عام 2000 حين تغلب على فالنسيا 3 - صفر، محرزا لقبه الثامن قبل أن يضيف التاسع والأخير في 2002 على حساب باير ليفركوزن الألماني. ومن جهته، سيخوض أتليتكو النهائي للمرة الثانية فقط في تاريخه، بعد 1974 حين سقط في النهاية أمام بايرن ميونيخ الألماني، وهو سيدخل إلى مواجهته مع جاره اللدود بمعنويات مرتفعة جدا، بعد أن توج بلقب الدوري المحلي للمرة الأولى منذ 1996 وذلك بإجباره برشلونة على الاكتفاء بالتعادل معه في معقله «كامب نو» بنتيجة 1 - 1 في المرحلة الختامية، في حين فقد ريال الأمل في اللقب قبل الوصول إلى اليوم الأخير من «لا ليغا».

ومن المؤكد أن تاريخ النادي الملكي يرجح كفته تماما في موقعة اليوم التي ستشكل النهائي الـ13 له في دوري الأبطال، خصوصا أنه يشرف عليه الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي سبق وأن توج بطلا لهذه المسابقة مرتين وهو لاعب في ميلان (1989 و1990) ومرتين وهو مدرب مع الفريق ذاته (2003 و2007). في المقابل، لم يسبق لمدرب أتليتكو الأرجنتيني دييغو سيميوني أن أحرز لقب هذه المسابقة إن كان لاعبا في صفوف أتليتكو بالذات وإنتر ميلان ولاتسيو الإيطاليين، لكنه تذوق طعم التتويج القاري بإحرازه كأس الاتحاد الأوروبي مرة واحدة ومثلها والكأس السوبر الأوروبية لاعبا، والدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» مرة واحدة وكأس السوبر الأوروبية مرة أيضا مدربا لأتليتكو، وذلك في 2012. لكن هذه الأرقام لا تعني الكثير في موقعة «دا لوش»، خصوصا أن أتليتكو قدم موسما رائعا وهو الفريق الوحيد الذي لم يذق طعم الهزيمة في دوري الأبطال هذا الموسم، علما بأنه انتزع بطاقته إلى النهائي من معقل تشيلسي الإنجليزي بالفوز عليه 3 - 1 إيابا بعد أن تعادلا سلبا في «فيسنتي كالديرون».

أما بالنسبة لريال المتوج بطلا لمسابقة الكأس المحلية على حساب غريمه الأزلي برشلونة والذي يخوض النهائي القاري الـ25 في تاريخه (خرج فائزا في 15 منها)، فقد بلغ المباراة النهائية بنتيجة مدوية بعد أن سحق بايرن ميونيخ 4 - صفر ايابا في معقل الأخير، فيما انتهى لقاء الذهاب بفوزه أيضا بنتيجة 1 - صفر. ويضم ريال في صفوفه لاعبين سبق لهما أن تذوقا التتويج في هذه المسابقة، وهما البرتغالي كريستيانو رونالدو، صاحب 16 هدفا في المسابقة هذا الموسم (رقم قياسي)، والحارس إيكر كاسياس. وقد أحرز رونالدو اللقب عام 2008 حين كان في صفوف مانشستر يونايتد وهو أدرك التعادل لفريقه في المباراة النهائية ضد تشيلسي، الذي خسرها في النهاية بركلات الترجيح، أما بالنسبة لكاسياس فقد توج بها عام 2000 ضد فالنسيا (شارك أساسيا) وعام 2002 ضد ليفركوزن (كان احتياطيا).

ولن تكون موقعة اليوم المواجهة القارية الأولى بين الجارين اللدودين، إذ سبق أن تواجها في الدور نصف النهائي من المسابقة ذاتها موسم 1958 - 1959، ففاز ريال ذهابا على أرضه 2 - 1 وأتليتكو إيابا 1 - صفر، مما اضطرهما إلى خوض مباراة فاصلة أقيمت في سرقسطة وخرج ريال فائزا 2 - 1 بفضل هدف سجله الأسطورة المجرية فيرينك بوشكاش قبل ثلاث دقائق على النهاية، واضعا فريقه في النهائي للموسم الرابع على التوالي. وبالمجمل تواجه ريال وأتليتكو في 194 مناسبة على الصعيد المحلي، ويتفوق ريال بشكل واضح بـ102 فوز مقابل 46 تعادلا و46 هزيمة.

أما بالنسبة للموسم الحالي، فتواجها في أربع مناسبات، الأولى كانت في الدوري، حيث فاز أتليتكو في «سانتياغو برنابيو» بهدف سجله دييغو كوستا، المرجح غيابه عن مباراة اليوم بسبب إصابته في المرحلة الختامية ضد برشلونة، والثانية والثالثة في نصف نهائي مسابقة الكأس حين فاز ريال بمباراتي الذهاب والإياب بنتيجة إجمالية 5 - صفر، قبل أن يتعادلا 2 - 2 في المرحلة الـ26 من الدوري. ومن المؤكد أن أتليتكو سيتأثر بغياب دييغو كوستا في حال لم يتمكن الأخير من المشاركة، علما بأنه سافر إلى صربيا من أجل تلقي علاج قاس قد يسمح له بالوجود إلى جانب رفاقه في لشبونة.

وفي الجهة المقابلة، يحوم الشك في ريال حول مشاركة قلب دفاعه البرتغالي بيبي والمهاجم الفرنسي كريم بنزيمة، فيما أكد أنشيلوتي بأن رونالدو سيشارك منذ البداية رغم معاناته من مشكلة عضلية منعته من المشاركة في كل الحصص التمرينية خلال الأسبوع الحالي. واضطر رونالدو إلى الانسحاب من تشكيلة فريقه لمباراته مع ضيفه إسبانيول في المرحلة الختامية من الدوري بعد تجدد إصابته في فخذه خلال الإحماء. وغاب رونالدو عن مباراة المرحلة قبل الأخيرة والتي خسرها الريال أمام سلتا فيغو بسبب هذه المشكلة بالذات، وكان من المقرر أن يشارك في لقاء نهاية الأسبوع الماضي لكي يؤكد استعادته لكامل لياقته قبل الموقعة المرتقبة مع الجار اللدود أتليتكو، على أمل أيضا أن يختتم الموسم المحلي بهدف كان سيسمح له بالانفراد في صدارة أفضل هدافي البطولات الأوروبية والتي تشاركها في النهاية مع مهاجم ليفربول الإنجليزي الدولي الأوروغوياني لويس سواريز ولكل منهما 31 هدفا. وسيعود رونالدو إلى المدينة التي بدأ فيها مسيرته الكروية مع سبورتينغ لشبونة، وهو اعترف بأنه في أمس الحاجة لكي يتمكن أخيرا من قيادة ريال إلى لقبه العاشر في المسابقة بعد أن عجز عن تحقيق الأمر حتى الآن في أعوامه الخمسة معه. وتابع رونالدو: «ستكون مباراة مميزة. سألعب في مسقط رأسي، في البرتغال»، مضيفا في تصريح لموقع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم: «إنه النهائي الأول لي مع ريال مدريد، لذلك سيكون مميزا جدا وسيكون ضد فريق رائع هو أتليتكو. لقد اختبروا عاما مذهلا لكننا سنقدم كل ما لدينا من أجل محاولة الفوز لأننا نريد اللقب العاشر».

أما بالنسبة لزميله المدافع سيرخيو راموس، فاعتبر أن فوز أتليتكو بلقب الدوري سيجعله المرشح الأول حظا في موقعة اليوم للفوز بلقبه الأول، رغم أنه يملك ميزانية لا تصل إلى ربع ميزانية جاره الغني. ومن المؤكد أن أحدا لم يراهن في بداية الموسم على أتليتكو لكي يتوج بطلا لإسبانيا ويصل إلى نهائي دوري الأبطال في ظل وجود العملاقين ريال وبرشلونة، خصوصا بعد أن باع المهاجم الكولومبي الفذ رادامل فالكاو إلى موناكو الفرنسي، فيما اشترى ريال لاعب الوسط الويلزي غاريث بايل بأعلى سعر في تاريخ الانتقالات، وضم برشلونة النجم البرازيلي الواعد نيمار بسعر أقل.

وقد يكون الفرنسي آرسين فينغر مدرب آرسنال الإنجليزي، الوحيد الذي رشح في أكتوبر (تشرين الأول) أتليتكو ليكون «أحد طرفي المباراة النهائية للمسابقة الأوروبية».

أتليتكو أمام فرصة إحراز ثنائية ثمينة تساوي أكثر بكثير من ثنائيته الأسطورية، حين أحرز الدوري والكأس المحليين في موسم 1995 - 1996 عندما كان مدربه الحالي سيميوني ممسكا بخط وسطه صانع ألعاب الفريق. واليوم بصفته مدربا، ركب سيميوني مجموعة على صورته: مجموعة مقاتلة ومتابعة للكرات وقوية ومتضامنة، وقال عنه دييغو كوستا بعد الفوز على تشيلسي: «(السيد) يملك دائما الكلمات المناسبة في اللحظات الصعبة». والجميع شارك في حفر الإنجازات الأخيرة: الفوز بالدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) في 2012، والمركز الثالث في البطولة المحلية والظفر بالكأس الإسبانية في 2013 على حساب ريال بالذات (2 - 1 بعد التمديد)، ثم الدوري هذا الموسم للمرة الأولى منذ 1996، وتبقى الخطوة الأخيرة والأهم اليوم في لشبونة التي تبعد مسافة 500 كلم عن مدريد.