الاتحاد الآسيوي مستاء من تزايد حملة التشكيك في أحقية قطر بمونديال 2022

مسقط تنفي اجتماعا منتظرا بين «غارسيا وقطريين».. الإنجليز يطالبون بإعادة التصويت.. وكوريا الجنوبية وأستراليا تترقبان

بلاتر خلال رفعه اسم قطر في التصويت الشهير - مايكل غارسيا سيكون له دور كبير في حسم القصة - محمد بن همام لا يزال حاضرا بقوة في المشهد الكروي
TT

عادت مسألة استضافة قطر لمونديال 2022 لتتصدر العناوين مجددا بعدما كشفت صحيفة بريطانية أول من أمس أن رئيس الاتحاد الآسيوي السابق، القطري محمد بن همام، دفع 5 ملايين دولار لمنح بلاده حق استضافة العرس الكروي العالمي.

وقبل 8 أعوام من إطلاق صافرة بداية مونديال 2022 في الإمارة الخليجية الغنية بالنفط، لا تزال قطر في مرمى الاتهامات الموجهة إليها بدفع رشاوى من أجل احتضان الحدث الكروي الأهم على الإطلاق منذ حصولها على هذا الحق خلال اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي «فيفا» في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2010 في زيوريخ.

وكانت وسائل الإعلام البريطانية مجددا خلف الفصل الجديد من الاتهامات الموجهة إلى قطر بعدما كشفت صحيفة «صنداي تايمز» أنها حصلت على الملايين من رسائل البريد الإلكتروني ووثائق أخرى متعلقة بدفعات مزعومة من بن همام، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي (فيفا) في ذلك الوقت.

وقالت الصحيفة إن بن همام وضع مبالغ تصل إلى 200 ألف دولار في حسابات مصرفية لرؤساء 30 اتحادا أفريقيا لكرة القدم، فضلا عن استضافته أحداثا في أفريقيا حيث سلم مزيدا من الأموال مقابل دعم ملف قطر.

واتهم بن همام في مايو (أيار) 2011 بشراء بعض أصوات اتحاد كونكاكاف قبل الانتخابات لمنصب رئيس فيفا ضد الرئيس الحالي السويسري جوزيف بلاتر، ثم انسحب من السباق قبل أن يجري إيقافه مدى الحياة. ووجدت محكمة التحكيم الرياضي لاحقا «عدم وجود أدلة مباشرة»، مشيرة في الوقت عينه إلى أنها لا تستطيع أن تحكم ببراءة بن همام، وتركت الباب مفتوحا أمام الفيفا «لمواصلة تحقيقاته» في حال التوصل إلى أدلة جديدة بخصوص هذه القضية.

وأعلن بن همام عقب ذلك استقالته من منصبه كرئيس للاتحاد الآسيوي ومن عضوية الفيفا، لكن الأخير قرر شطبه مدى الحياة «ما دام أن لجنة الأخلاق هي صاحبة الصلاحية في إصدار قرار بحق أي شخص حتى في حال استقالته».

كما أشارت الصحيفة الإنجليزية إلى أن بن همام وضع أيضا 6.‏1 مليون دولار في الحسابات المصرفية للترينيدادي جاك وارنر، نائب رئيس الفيفا ورئيس اتحاد الكونكاكاف السابق، 450 ألفا منها قبل التصويت على استضافة كأس العالم.

وكان وارنر واحدا من 22 شخصا صوتوا في 2010 لاستضافة روسيا مونديال 2018 وقطر مونديال 2022، لكنه استقال من منصبه في يونيو (حزيران) 2011 بعد اتهامه بتلقي الأموال مقابل التصويت لقطر.

وذكرت «صنداي تايمز» أن بن همام لم يجب على أسئلتها، وأن ابنه رفض التعليق بدلا منه.

واحتاجت قطر إلى بضع ساعات لكي تحضر ردها على مزاعم الصحيفة البريطانية وقد نفت بشدة أي «شائبة» في سباقها للحصول على حق استضافة مونديال 2022.

وجاء في بيان للجنة ترشيح قطر «إننا نؤكد حرص لجنة ملف قطر 2022 طوال فترة عملها على الالتزام بأعلى درجات النزاهة والمعايير المهنية والأخلاقية أثناء خوضها منافسات نيل شرف استضافة بطولة كأس العالم 2022».

وأضاف «فيما يتعلق بالمزاعم الأخيرة التي نشرتها صحيفة صنداي تايمز الإنجليزية، إننا نعلن مجددا أن السيد محمد بن همام لم يكن له أي دور رسمي أو غير رسمي في لجنة ملف قطر 2022. فكما كان الحال مع أي من أعضاء المكتب التنفيذي في الفيفا، فقد كان على فريق ملف قطر 2022 إقناع بن همام بالمزايا التي يتضمنها الملف القطري».

ونفى أعضاء في اللجنة القطرية المنظمة للمونديال للصحيفة البريطانية أي علاقة برجل الأعمال بن همام، مؤكدين أنه لم يكن له أي دور في حملة الترشيح، كما نفوا علمهم بتحويل أي مبالغ من قبل بن همام. وتابع بيان اللجنة القطرية «إننا في اللجنة العليا للمشاريع والإرث كامتداد طبيعي للجنة ملف قطر 2022، نتعاون بشكل كامل مع التحقيقات الحالية التي يجريها السيد غارسيا وفريق عمله ونثق تماما أن أي تحقيق موضوعي سيؤكد في النهاية حقيقة أن فوز ملفنا باستضافة كأس العالم كان نزيها ولم تشبه أي شائبة».

وتحدثت بعض التقارير عن اجتماع مرتقب بين فريق التحقيق المكلف من الفيفا بقيادة المحامي الأميركي مايكل غارسيا ومسؤولين قطريين في لجنة ملف مونديال 2022 أمس الاثنين في سلطنة عمان، لكن الاتحاد العماني نفى علمه بالاجتماع. وقال خالد بن حمد البوسعيدي رئيس الاتحاد العماني لكره القدم قبيل لحظات من سفره للبرازيل لحضور اللجنة العمومية لفيفا «ليس لدينا علم بهكذا اجتماع في السلطنة». وتأتي مزاعم «صنداي تايمز» بعد شهرين من نشر صحيفة «دايلي تيليغراف» الإنجليزية أيضا تقريرا تحدثت فيه أن وارنر تلقى رشوة بقيمة مليوني دولار من شركة قطرية يملكها بن همام للتصويت لملف قطر.

وكتبت دايلي تيليغراف في حينها أن وارنر حصل على 2.‏1 مليون دولار بعد فوز قطر بملف الاستضافة، فيما تسلم ولداه 750 ألف دولار وأحد الموظفين 400 ألف دولار بحسب وثائق تملكها.

وأضافت أن إحدى شركات بن همام دفعت 2.‏1 مليون دولار لوارنر عام 2011.

ويجري الفيفا تحقيقات حول عملية التصويت لمنح روسيا وقطر استضافة مونديالي 2018 و2022 بعد اتهامات بالفساد.

وتعرضت قطر أيضا لانتقادات شديدة بسبب إقامة النهائيات في فصل الصيف الحار في منطقة الخليج، وبسبب ظروف عمل وإقامة الأجانب العاملين في المشاريع المرتبطة بالمونديال، وأشارت تقارير صحافية إلى تسجيل نسب وفيات مرتفعة بين العمال.

ومن شأن هذه المزاعم أن تزيد الضغط على الفيفا من أجل إعادة التصويت على منح استضافة مونديال 2022، إذ أكد الآيرلندي الشمالي جيم بويسي أحد ثمانية نواب لرئيس الفيفا أنه يؤيد هذا الإجراء في حال إثبات مزاعم الفساد في الحملة القطرية.

وقال بويسي لراديو «بي بي سي»: «يجب أن تذهب جميع هذه الأدلة إلى مايكل غارسيا».

دعا جريج ديك الرئيس التنفيذي للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أمس الأحد إلى إعادة التصويت على ملف استضافة كأس العالم 2022، في حال صحة مزاعم الفساد ضد دولة قطر.

وتلقفت أستراليا فكرة إمكانية إعادة التصويت بحماس كبير وأكد الاتحاد المحلي للعبة أنه قد يتقدم مجددا بطلب استضافة بلاده لنسخة 2022 في حال جرى سحب حق الاستضافة من قطر.

وقال المدير التنفيذي للاتحاد الأسترالي ديفيد غالوب تعليقا على الاتهامات الجديدة الموجهة إلى قطر: «إنه تطور خطير، هذه اتهامات خطيرة جدا ونحن بانتظار كيف سيكون الرد عليها».

وأكد غالوب أن بلاده شارك في التحقيقات الخاصة بملف قطر من خلال تزويد غارسيا بملفات ومقابلات لها علاقة بهذه القضية، مضيفا «أنا متأكد بأننا سنحصل على المزيد من المعلومات خلال وجودنا في البرازيل من أجل الجمعية العمومية لفيفا، لكن لا يتخيل أحد بأننا لم نكن طرفا بكل ما يجري منذ فترة».

وتابع «كنا طرفا بتقديم المقابلات، بتحضير الملفات كما تابعنا عن كثب ماذا يحصل بعيدا عن أستراليا..».

وحصلت قطر خلال تصويت ديسمبر (كانون الأول) 2010 على 11 صوتا، مقابل 4 لكوريا الجنوبية و3 للولايات المتحدة واليابان، فيما نالت أستراليا صوتا واحدا خلال جولة الإقصاء الأولى.

وفي الجولة الرابعة انحصر السباق بين الولايات المتحدة وقطر وخرجت الأخيرة منتصرة بـ14 صوتا مقابل 8 لمنافستها.

ورفضت كوريا الجنوبية الانجراف خلف الحلم بإمكانية تجريد قطر من حق استضافة مونديال 2022 وإعادة التصويت مجددا، وقد علق مسؤول في الاتحاد المحلي على المستجدات، قائلا: «لا توجد هناك أي وقائع مؤكدة حتى الآن وسيكون من المبكر التعليق. موقفنا لم يحدد حتى الآن».

وقال مسؤول آخر في الاتحاد الكوري الجنوبي: «نحن سننتظر نتائج أي تحقيق يقوم به فيفا ثم سنتخذ موقفنا بناء على ذلك».

من جهته، أكد الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أن تواصل التشكيك بأحقية دولة قطر في الفوز بشرف تنظيم نهائيات كأس العالم لعام 2022 يؤثر بصورة سلبية على سمعة لعبة كرة القدم في العالم ويخدش أهدافها النبيلة القائمة على أسس النزاهة والعدالة والشفافية.

وأشار الشيخ سلمان إلى أن «إصرار بعض وسائل الإعلام على بث المعلومات غير المثبتة بشأن فوز دولة قطر لمونديال 2022 يأتي في ظل استمرارية الحديث بمناسبة ومن دون مناسبة عن قضايا مثل توقيت إقامة مونديال 2022 وموضوع العمالة الأجنبية على الرغم من كل التطمينات والتعهدات التي قدمتها دولة قطر في هذا الشأن»، مشيرا إلى «ذلك الأمر يجعلنا نتساءل عن الدوافع الحقيقية وراء تلك الأمور، وفيما إذا ما كانت هنالك جهات لا تريد لدولة عضو في الاتحاد الآسيوي أن تنظم الحدث الكروي الأكبر في العالم».

وأوضح رئيس الاتحاد الآسيوي أن دولة قطر «أكدت مرارا وتكرارا التزامها بأعلى درجات المصداقية والنزاهة في ملفها لاستضافة مونديال 2022، كما أعلنت استعداداها التام للتعاون مع فريق التحقيقات التابع للفيفا برئاسة المحامي مايكل غارسيا الذي يجري تحقيقاته في كافة الملفات المتقدمة لاستضافة مونديالي 2018 و2022 وليس الملف القطري وحده علما أن الفيفا سبق له التأكيد على أن عملية التحقيقات لا تعني بالضرورة وجود اتهامات معينة ضد أي ملف من الملفات».

وأوضح الشيخ سلمان أن «الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يقف إلى جانب دولة قطر في تأكيد حقها بتنظيم مونديال 2022، في الوقت الذي يؤكد فيه مساندته لكل الخطوات التي يتبعها الاتحاد الدولي لكرة القدم في التحقق من توفر عوامل النزاهة والشفافية في ملفات استضافة مونديالي 2018 و2022».

وفي رد فعل معارض قال اللورد غولدسميث عضو اللجنة المستقلة للإدارة الرشيدة بالاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أمس الاثنين إن التصويت على استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 يجب أن يعاد إذا ما ثبتت صحة المزاعم الخاصة بالفساد التي تحيط بفوز قطر بالبطولة.

ونفى عيسى حياتو رئيس الاتحاد الأفريقي ونائب رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) «بشكل مطلق» تلقيه هدايا لدعم عرض قطر، واصفا تلك المزاعم بأنها «واهية» و«سخيفة» وتشكل جزءا من «حملة تشويه» ضده. وأضاف غولدسميث وهو النائب العام السابق لبريطانيا أنه إذا أراد الفيفا مواجهة الفضائح التي تحيط بعروض كأس العالم فإن عليه «أن يقدم إجابات مقنعة وشفافة على هذه المزاعم».

وتابع في تصريحات لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) «أعتقد أنه إذا ثبتت صحة هذه المزاعم فيجب إعادة التصويت على استضافة كأس العالم التي حصلت عليها قطر».

واستطرد قائلا «لا أعرف كيف سيكون الوضع إذا ما ثبتت صحة تلك المزاعم. لم يثبت صحتها بعد لذا فإن هناك حالة يجب التعامل معها. إذا ما ثبتت صحة تلك المزاعم بأن قرار منح قطر استضافة كأس العالم اتخذ وبكل صراحة ومن دون مواربة عن طريق الرشاوى.. فإن هذا القرار يجب ألا يبقى». وقال الاتحاد الأفريقي إن حياتو «ينفي بشدة مزاعم الفساد التي نشرتها صحيفة صنداي تايمز البريطانية في عددها الصادر في الأول من يونيو 2014».

وأضاف «لن يسمح السيد حياتو للصحافيين ثانية بمهاجمة نزاهته وسمعته. مثل هذه المزاعم لا تهدف فقط لتشويه سمعته كشخص ولكن النيل من سمعة القارة بأسرها».