عضو «فيفا» لـ «الشرق الأوسط»: غالبية ملاعب الدوري السعودي لا تصلح لمباريات كرة القدم

النمشان قال إن معيار الأمن والسلامة الدولي لا يتوافر إلا في «الدرة» ومعدوم في جميع ملاعب المملكة

ملعب الشعلة يصنفه «فيفا» بملعب تدريب لا يصلح للمباريات الرسمية - سلمان النمشان عضو لجنة الأمن والسلامة في «فيفا»
TT

فجّر المهندس سلمان النمشان، عضو لجنة الأمن والسلامة في الاتحاد الدولي لكرة القدم، مفاجأة من العيار الثقيل حينما أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مواصفات ومعايير الإضاءة التي يعتمدها «فيفا» والاتحاد الآسيوي لكرة القدم، لا تنطبق سوى على ملعب الملك فهد الدولي وبعض المدن الرياضية السعودية، إضافة إلى ملعبي الأمير فيصل بن فهد بالرياض ومحمد بن فهد بالدمام، مشددا على أن ملاعب نجران والشعلة والحزم والعشرات الشبيهة بها لا تصلح قانونيا لإقامة المباريات الرسمية والودية عليها، وإنما تسمى ملاعب تدريب فقط.

وعبّر لاعبون سعوديون وأجانب عن امتعاضهم الشديد من جراء الإضاءة الضعيفة التي تمت ملاحظتها ورصدها في ملعب الشعلة بالخرج في الجولة المقدمة من الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم، والتي جرت أول من أمس في الخرج بين الشعلة والهلال، وانتهت لمصلحة الأول بثلاثة أهداف مقابل هدف للمستضيف، وكان من هؤلاء اللاعبين البرازيلي نيفيز لاعب فريق الهلال، الذي أشار إلى أنه بدا منزعجا من الإضاءة الضعيفة، فضلا عن لاعب الشعلة العمري الذي كان يخشى «ظله» وهو يلاحقه وكأنه خصمه في الميدان بسبب انعكاس الإنارة على جسمه ليظهر ظله بسبب الإضاءة الضعيفة، وهو ما جعله بشكل محرج على أرض الملعب.

وشدد النمشان على أن الاتحاد الدولي لكرة القدم وضع 88 نقطة للوصول إلى درجات الإضاءة الرسمية التي تجيز لأي ملعب أن تقام عليه المباريات الودية والرسمية، على أن لا تقل عن 800 لوكس كحد أدنى، مبينا أن إقامة المباريات بين 800 و1200 تحتاج إلى موافقة رسمية من الاتحاد الدولي لكرة القدم، ويجري خلالها شرح رسمي من جانب مراقب المباراة الدولي بشأن شدة الإضاءة، بيد أنه في الغالب يجري منع إقامة المباريات في هذه الملاعب.

وأشار مسؤول الأمن والسلامة في بطولة كأس أمم آسيا في أستراليا المقررة في يناير (كانون الثاني) 2015 المقبل، إلى أن ملعب الملك فهد الدولي الوحيد الذي تبلغ درجة الإضاءة فيه 2200 لوكس، رغم أن «فيفا» يحدد 1500 لوكس في الملاعب العالمية الكبرى، فيما يحدد 1200 للملاعب الأقل حجما، ويوافق على حرج بإقامة المباريات على ملاعب تبلغ درجة الإضاءة وشدتها ما لا يقل عن 800 لوكس.

وأضاف في تصريح خص به «الشرق الأوسط» في رصدها لهذه الظاهرة: «بصراحة أقولها وأنا كلي أسف، إن ملاعب الشعلة ونجران والحزم والعروبة والفيصلي وبعض الملاعب المشابهة لا يفترض أن تستضيف المباريات الرسمية، لأنها تقام وسط إضاءة لا تتجاوز الـ600 لوكس، وهذا مخالف لأنظمة (فيفا) والاتحاد الآسيوي لكرة القدم».

وتابع قائلا: «دائما ما يطالبنا (فيفا) بأن نرفض إقامة المباريات الرسمية والودية على ملاعب درجات إضاءتها وشدتها تقل عن 800 لوكس، ويطلق عليها ملاعب تدريب لا ملاعب مباريات رسمية».

وشدد النمشان الذي كان يشغل منصب مدير ملعب الملك فهد الدولي إلى قبل عامين تقريبا، حيث «تقاعد» عن العمل؛ على أن التكاليف المالية بحسب معلوماته هي السبب الرئيس في تدني درجات الإضاءة في بعض الملاعب السعودية، مؤكدا أن وضع درجة لا تقل عن 1200 لوكس يحتاج إلى مبالغ مالية هائلة قد تكلف الملعب الواحد ما بين 800 ألف ريال ومليوني ريال، وهو ما اضطر رعاية الشباب إلى التوقف عن إجراء أي تعديلات على مستوى الإضاءة في الملاعب رغم الأهمية، نظرا لمتطلبات «فيفا» والاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

وعدَّ مراقب المباريات في الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم، وضع الملاعب السعودية بشكل عام، مزريا إلى درجة لا يمكن تصورها، مطالبا الأمير عبد الله بن مساعد، الرئيس العام لرعاية الشباب، بضرورة وضع برنامج خاص لتطوير بيئة الملاعب المعنية بالأمن والسلامة والإضاءة، التي تأخذ اهتماما كبيرا من قبل مراقبي المباريات في الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم.

وكشف المهندس سلمان النمشان عن أن جميع الملاعب السعودية لا تملك شهادات أمن وسلامة مقدمة من الدفاع المدني السعودي، وأن ملعب الملك فهد الدولي هو الملعب الوحيد في البلاد الذي يملك هذه الشهادة الرسمية والمهمة، فيما جميع الملاعب الأخرى لا تملكها.

وأضاف: «بالطبع لا أعرف شيئا عن ملعب الملك عبد الله بجدة، لكن مثل هذا المشروع بالتأكيد يملك شهادة الأمن والسلامة التي تقدم من الدفاع المدني السعودي، وهذا معيار رسمي ومهم يطلبه الاتحادان الدولي والآسيوي لكرة القدم».

وتابع قائلا: «ليس معقولا أن تكون جميع الملاعب السعودية لا تملك ضمانات الأمن والسلامة من الدفاع المدني.. ليس صحيحا أن لا يكون سوى ملعب وحيد يملك هذا الضمان، وهو ملعب الملك فهد الدولي.. الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكذلك الاتحاد الآسيوي، يطالبان دائما، بل يفرضان الحصول على هذه الشهادة لمصلحة وسلامة الجماهير والفرق المتنافسة، لكن الواقع جد مؤسف ومحبط في حال أدركنا وعرفنا أن الملاعب السعودية والمدن الرياضية لا تملك هذا الضمان».

وشدد على أن معيار الأمن والسلامة الذي يسلم من الدفاع المدني السعودي، يحتاج إلى التجديد كل عامين تقريبا، بيد أن كل الملاعب، باستثناء «ملعب الدرة»، لا تملك الضمان حتى تجدده، وهذا أمر يحتاج إلى قرار عاجل من رعاية الشباب في هذا الموضوع؛ لأن الأمر يخص سلامة الجماهير، وسلامة اللاعبين، وسلامة كل الموجودين على أرض الملعب أثناء المنافسات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجري تجاهله تحت أي مبررات أو مسببات مثل التكاليف المالية العالية أو غيرها.

وأكد النمشان أن غالبية المعايير وعلامات الجودة التي تسجل عن الملاعب السعودية مجرد «ورق»، لكن الواقع عكس ذلك ويحتاج إلى اهتمام من الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبد الله بن مساعد، الذي تنتظره مسؤولية كبرى في هذا الشأن تحديدا.

وأوضح مراقب المباريات في الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم أن رعاية الشباب والرابطة السعودية للمحترفين ومعهما في ذلك اتحاد الكرة المحلي، لا يملكون أي رؤية بشأن خطط وسلامة وأمن المنافسات الرياضية متسائلا: هل يوجد في الملاعب السعودية خطط إخلاء في حالة وجود خطر كبير مثل الشغب والحرائق أو التدافع الذي قد يحصل في كل ملعب في العالم؟

وأضاف: «أسئلة كثيرة يجب طرحها على طاولة المعنيين في رعاية الشباب والرابطة، مثل حاجتنا إلى شركات متخصصة في إدارة الحشود.. قدرة المنظمين الحاليين في إدارة الجماهير خلال المباريات، وهل يوجد تعليمات إرشادية تخص أمن وسلامة الجماهير في حال وجود أي مشكلة؟ بالتأكيد سأجيب بـ(لا) بحكم خبرتي الواسعة في هذا المجال، وخاصة أنني قدمت دراسات كثيرة وحلولا للمسؤولين ولكنها وللأسف في (أدراج المكاتب)، وبالإمكان أيضا أن أتساءل عن لجنة الأمن والسلامة في اتحاد الكرة التي شكلت ثم جمد عملها لاحقا..! وكذلك اللجنة ذاتها في رابطة دوري المحترفين السعودي لكرة القدم».

وتابع: «هل تعرفون أن هناك تعليمات وأنظمة خاصة بالطوارئ في الملاعب؟ من يملك أمر إخلاء الملاعب في حال حدثت مشكلة؟ هل نملك غرف عمليات؟ من يدير الجماهير في الملاعب السعودية؟ كل هذه الأسئلة لها إجابات دقيقة في كل ملعب في العالم إلا في السعودية وللأسف».