على غرار أميركا واليابان.. الدوري الصيني الثري يغري نجوم الكرة في العالم

الاتحاد الصيني يشترط مؤهلات معينة لشراء الأندية وليس فقط امتلاك الأموال

تارديلي انضم إلى شاندونغ لونينغ مقابل 5 ملايين دولار - غولارت ثالث هدافي الدوري البرازيلي قبل الانتقال إلى غوانزو إيفرغراند
TT

مثلما فعلت الولايات المتحدة واليابان لترويج رياضة كرة القدم، تسعى الصين أيضا للترويج للعبة الأشهر في العالم باستقدام أشهر اللاعبين في العالم وليس فقط الذين على وشك توديع الملاعب. في تجربتها الجديدة لجأت الصين بوجه خاص إلى البرازيل حيث لم تغري اللاعبين فقط بل أيضا المدربين. وإذا كان تطور اللعبة قد يستغرق بعض الوقت، لكن يبقى إغراء المال وراحة البال لجلب أفضل اللاعبين والمدربين هو الرهان الأكبر على سرعة انتشار وتطور اللعبة في الصين. ومن يدري فقد تصبح الصين يوما إحدى قوى كرة القدم في المستقبل.

وتدفع البنية التحتية الأفضل والرواتب الأكبر التي تدفع في مواعيدها موجة جديدة من البرازيليين للهجرة إلى الصين إذ ينتقل لاعبون ومدربون من أجل المال واستقرار نسبي على صعيد كرة القدم. ووقع اثنان من أبرز اللاعبين في دوري الدرجة الأولى البرازيلي لناديين صينيين هذا الأسبوع لينضما لعشرات اللاعبين الموجودين هناك بالفعل. وترك دييغو تارديلي (29 عاما) فريقه البرازيلي أتليتكو مينيرو من أجل شاندونغ لونينغ في بداية الأسبوع مقابل أكثر من 5 ملايين دولار ودفع غوانزو ايفرغراند بطل الصين نحو 3 أضعاف ذلك من أجل ريكاردو غولارت لاعب الوسط المهاجم الذي كان ثالثا في قائمة هدافي الدوري البرازيلي العام الماضي ويبلغ عمره 23 عاما فقط.

وانضم اللاعبان مؤخرا لتشكيلة منتخب البرازيل وينظر إلى رحيلهما كمؤشر على الإغراء المتنامي الذي تمثله الصين. وقال كوكا مدرب أتليتكو مينيرو السابق الذي ضم تارديلي إلى شاندونغ لونينغ «الصين تذكرني كثيرا باليابان في السنوات الماضية». وأضاف «السوق اليابانية كانت قوية ونظروا إلى البرازيل من أجل تعلم قيم كرة القدم». وتابع «هذا ما يحدث في الصين اليوم. يحاولون التعلم من مدارس مختلفة وأن يأتوا بلاعبين من الكثير من الدول المختلفة». وقال كوكا - الذي انتقل للصين بعدما قاد أتليتكو مينيرو لإحراز لقبه الأول على الإطلاق في كأس ليبرتادوريس عام 2012 - إن «ظروف العمل في الصين أفضل من حتى أكبر الأندية البرازيلية بسنوات ضوئية». وأبلغ «رويترز» يوم السبت بعد خسارة شاندونغ 3 - 1 أمام بالميراس في مباراة ودية تسبق بداية الموسم «لا يوجد فريق في البرازيل يمتلك بنية تحتية مثل الفريق الذي أقوده في الصين». الملاعب سهلة هنا.. نمتلك 7 ملاعب كل واحد أفضل من الآخر. كل لاعب يمتلك جناحا خاصا. لدينا أحدث ما يمكنك تخيله من حيث البنية التحتية.

واستورد الدوري الصيني الممتاز لاعبين من دول مختلفة مثل البوسنة وجاميكا وزامبيا - إذ يحق لكل فريق التعاقد مع 5 لاعبين أجانب - وقال كوكا إن «جلب الأشخاص المناسبين يبقى تحديا حقيقيا سواء داخل أو خارج الملعب». وقال «سأصطحب معي مسؤولا عن أطقم اللعب قمنا بتعيينه. كل لاعب هناك يقوم بغسل طاقم اللعب الخاص به. سنصطحب طبيبا أيضا. يمتلكون أطباء جيدين هناك لكنهم يفتقرون للخبرة. لا يوجد لديهم تغذية.. الأمر غير متوازن مثل هنا. قبل المباريات يأكلون أشياء لا يمكنك تخيلها. لذا الأمر يعود للمدرب أن يساعد في هذه النوعية من التطور الاحترافي أيضا».

أموال طائلة لكن أكبر إغراء هو المال وراحة البال. وقد تصبح الصين إحدى قوى كرة القدم في المستقبل لكن اللعبة هناك استغرق تطورها بعض الوقت. وتأهلت الصين لنهائيات كأس العالم مرة واحدة فقط في 2002 عندما خسرت كل مبارياتها دون أن تسجل أي هدف إلا أنها بلغت دور الثمانية في كأس آسيا الحالية بأستراليا. ورغم قدراتها الهائلة وقدرتها على التفوق إلا أنها لم تفز باللقب القاري قط وكان أفضل مركز لها الثاني في 1984 و2004 عندما استضافت البطولة على أرضها.

لكن متوسط الحضور الجماهيري في الدوري المحلي أكبر من البرازيل دون إلقاء الضغوط نفسها على اللاعبين. ويقول اللاعبون إنه يلعبون في سلام ويحصلون على رواتب ضخمة في المقابل. وقال الويزيو الجناح البرازيلي لشاندونغ لـ«رويترز»: «أتقاضى 4 أضعاف ما كنت أحصل عليه في ساو باولو. كان عرضا لم أستطع رفضه.. كان مستقبلي ومستقبل أسرتي». وتدفع الأندية الصينية للاعبيها الضرائب ويحصلون على رواتبهم في مواعيدها على عكس البرازيل حيث تعني سوء الإدارة المالية لأغلب الأندية أن اللاعبين لا يتقاضون رواتبهم لأشهر في المعتاد. وقال كوكا: «في البرازيل يذهب نحو ثلث الراتب للضرائب ومن الصعب الحصول على الراتب. في الصين تضمن حصولك على راتبك في موعده. لن أكذب.. جئت إلى هنا في البداية لأضمن الاستقلال المالي».

ويؤكد كوكا أن الجوانب الثقافية كانت مغرية أيضا. وزار كوريا الجنوبية وتايلاند واليابان لخوض مباريات في دوري أبطال آسيا ويمكنه مواجهة شخصيات مثل مارشيلو ليبي الرجل الذي قاد إيطاليا للفوز بكأس العالم 2006 وهو الآن مدير كرة القدم في جوانزو. ومع ذلك حذر كوكا مواطنيه من أن يحسبوا العواقب قبل الانتقال شرقا. وقال «البرازيليون الذين يذهبون مثلي يجب أن يدركوا أنهم سيختفون. الإعلام لا يرى ما تفعله. إذا سجلت 3 أهداف في الصين وهدفا واحدا في البرازيل فإن الهدف الوحيد يساوي أكثر. يجب أن يفكر اللاعبون طويلا بشأن الأمر مع عائلاتهم».

من جهة أخرى رفض الاتحاد الصيني لكرة القدم طلب استحواذ على نادي تشونغ تشينغ ليفان ليضع مستقبل النادي الصاعد حديثا لدوري الأضواء على المحك. وكان هواشيا جوروي يأمل في شراء النادي المتوج بطلا لدوري الدرجة الثانية من مجموعة ليفان لكن الاتحاد الصيني لم يقبل مؤهلات المشتري حسبما أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا). وقال مسؤول بالاتحاد الصيني للوكالة الرسمية «المشتري الجديد عليه أن يعمل بشكل جيد لـ3 سنوات على الأقل ليصبح بوسعه إدارة ناد لكرة القدم لكن هواشيا جوروي لا يملك سيرة ذاتية في مجال الأعمال خلال السنوات الماضية. تشونغ تشينغ ليفان نفسه لا يعرف تفاصيل الشركة». وأضاف «إذا أراد النادي اللعب في الدوري فينبغي عليه أن يعود لمالكه القديم».

لكن ذلك الاحتمال غير مرجح في ظل معاناة مجموعة ليفان - المملوكة لشركة محلية لإنتاج الدراجات النارية - لتقليل النفقات. وقال غاو تيانشيونغ وكيل الأعمال الذي وصفته وكالة شينخوا بأنه يحاول البحث عن مشتر للنادي الرئيس قرر التخلي عن الفكرة بسبب المشكلات المالية الموجودة في مجموعة ليفان وستكون التكلفة بالتأكيد هائلة لإدارة ناد في الدوري الممتاز حاليا. وزاد الاستثمار في كرة القدم الصينية بشكل كبير في المواسم الأخيرة حيث يسعى كثيرون بشكل كبير لاستنساخ تجربة قوانغتشو ايفرجراند باستقطاب أسماء بارزة من كرة القدم الإيطالية واللاتينية.