مخاوف يمنية من فتح باب الاحتراف للأجانب في ملاعب كرة القدم

TT

حين اقر الاتحاد اليمني العام لكرة القدم في عام 1999 نظام الاحتراف للاعبين الاجانب في الفرق اليمنية بجميع تصنيفاتها (ممتازة ـ اولى ـ ثانية) كان يهدف من وراء ذلك لتمكين الفرق اليمنية من سد مكامن الضعف والنقص الواضح في مراكزها التي تعاني منها دائماً والاحتكاك مع اللاعب الاجنبي والاستفادة من خبرته وامكانياته المتميزه وذلك من اجل تقريب المستوى بين الاندية وخلق دوري قوي وتنافس اقوى بين اللاعبين المحليين والاجانب، الامر الذي سينعكس ايجاباً على المستوى اللاعب المحلي ويعود بالمنفعة والفائدة على المنتخبات الوطنية في المشاركات الخارجية مثل ما حصل مع الاشقاء في دول الخليج والعديد من الدول العربية.

ولوحظ في الدوري العام الممتاز لهذا الموسم ولاول مرة في تاريخ المسابقة التي عمرها عمر قيام الوحدة اليمنية عام 1990، ارتفاع عدد المدربين واللاعبين العرب في الفرق الى الضعف مقارنة بالموسمين الماضيين، الى تسعة مدربين، سبعة منهم من العراق وواحد مصري واخر برازيلي من اصل اربعة عشر فريقا في البطولة.

ويوجد ايضا خمسة وعشرون لاعباً محترفاً منهم خمسة عشر لاعباً عراقياً وخمسة مصريين وثلاثة سودانيين واثيوبيان، وهناك اندية استفادت من تعاقدها مع المدرب او اللاعب الاجنبي مثلما تعاقدت مع مدرب او لاعب لا يسمن ولا يغني من جوع.

وتتفاوت اجور ومرتبات المدربين واللاعبين الاجانب ما بين الف الى الف وخمسمائة دولار شهرياً للمدرب، بينما حصل المدرب المصري محمود الخواجه على اعلى اجر يتقاضاه مدرب يقود فريق يمني في الدوري يقدر بالفي دولار مقابل اربعمائة الى ثمانمائة دولار شهرياً للاعب، ناهيك من الامتيازات الاخرى مثل السكن المناسب والمواصلات والحوافز وتذاكر السفر لهم وأسرهم.

إن الكثافة العددية لللاعبين والمدربين الاجانب طرحت العديد من التساؤلات في الشارع الرياضي اليمني حول ما قدموه للرياضة اليمنية؟ وهل هم اكفاء من اللاعب او المدرب الوطني؟ وهل حققت الاندية بلاعبيها المحترفين الغاية التي تسعى اليها؟ «الشرق الأوسط» كان لها حضور في هذه التساؤلات وحاورت العديد من الشخصيات الرياضية للاستفسار والرد على هذه التساؤلات.

حول هذا المشكلة قال المدرب الوطني والباحث الاكاديمي الكابتن احمد محمد جاسر الحاصل على درجة الماجستير في رياضة كرة القدم اليمنية من جامعة حلوان المصرية: إن التعاقد مع اللاعب والمدرب الاجنبي امر هام لتطوير الكرة اليمنية وبالذات بعد انضمام اليمن الى كأس الخليج الذي سيوثر ايجابياً على تطوير المستوى الفني للكرة في اليمن. ولكن جاسر عزا تدهور مستوى الفني لبعض الاندية، بالرغم من تعاقدها مع محترفين الى أن الاختيار العشوائي للاعب الاجنبي لا يعتمد على معايير واسس علمية ويكون مستواه اقل من اللاعب المحلي. وارجع جاسر زيادة اللاعبين والمدربين العراقيين في الملاعب اليمنية الى رخص عقودهم مقارنة بالغير.

ومن جانبة علل محمد مرشد ناجي (عضو البرلمان) وأحد اللاعبين القدامى في الخمسينات استقطاب المدرب او اللاعب الاعب الاجنبي الى افتقاد المدرب الوطني الى الخبرة التدريبية التكتيكية الحديثة التي تتناسب وتتماشى مع تطور الكرة في العالم، كون المدرب الوطني يتولى منصبه بعد شهرته في الملاعب كلاعب ولا يمتلك أي مؤهل علمي في مجال اللعبة، ولهذا ظلت الكرة في اليمن على النطاق المحلي ولم تحقق أي نجاح باهر يذكر في اشتراكها في المسابقات الخارجية على مدى سنوات عديدة، ولهذا يعتقد مرشد ان مسألة وجود مدرب اجنبي باتت ملحة وضرورية ويجب على المدرب المحلي الاستفادة منه بشرط ان يكون مدربا ذا كفاءة عالية. اما الصحافي الرياضي بوكالة الانباء اليمنية (سبأ) اكرم الحوثي، فقد لخص كلامه بالقول: يجب ان يكون المدرب او اللاعب الاجنبي اكثر كفاءة من المحلي واذا حصل العكس فسيؤثر سلباً ويسبب احباط اللاعب الاكثر كفاءة الذي لا يتقاضى الا الشيء القليل مقارنة بالاجنبي.. وقد دلل الحوثي في مسألة الاختيار الجيد بالعراقيين حازم جسام وسعدي يونس اللذين احرزا بطولة الدوري العام لأهلي صنعاء خمس مرات، الى جانب مواطنهم عبد كاظم الذي خلق فريق للوحدة مكنه من احراز الدوري ثلاث مرات متتالية، ومن اللاعبين نجاح السوداني طلال محمد في صفوف الاهلي والحارس العراقي ابراهيم سعدي في صفوف الوحدة، اضافة الى اللاعبين المصريين هشام عطية واكرامي متبولي في تلال عدن.

ويرى المحلل الرياضي العزي العصامي ان الاتجاه الى المدرب او اللاعب الاجنبي يتم بدون معايير او ضوابط في صالح النادي، وانما يتم الاختيار عن طريق التزكية او التوصية مثل تزكية مدرب اجنبي للاعبين من بلده ونادراً ما يكون اللاعب عند حسن الظن واما البقية فنقرأ عنهم في الصحف ولا نراهم في الملاعب.

لكن ثريا عبد العزيز الذبحاني مشجعة يمنية ترى ضرورة تعاقد الفرق مع المزيد من اللاعبين الاجانب وليس مع لاعب واحد فقط من اجل سد الثغرات في الفريق والاستفادة بشكل كبير. ودعت ثريا في الوقت نفسه كل الاندية للتعاقد مع لاعبين من امثال الحارس العراقي في صفوف وحدة صنعاء صاحب الفضل في انفراد الفريق بصدارة الدوري اليمني، وحنكة مدربه العراقي باسل حمادي.

وفي الختام اجمع الكل على ضرورة استفادة الاندية من الدعم الكبير الذي يقدمه رجال الدولة والاعمال والمشائخ والاعيان لما فيه المصلحة العامة للكرة اليمنية مثل الدعم السخي الذي يقدمه نجل الرئيس العقيد احمد علي عبد الله صالح قائد الحرس الجمهوري الرئيس الفخري لتلال عدن باعتماد مرتبات للاعبين المحليين تقدر بمائة دولار شهرياً واستقدام مدرب ولاعبين من مصر للمرة الاولى في تاريخ اليمن، وكذا الشيخ حسين الاحمر الذي لم يقتصر دعمه على فريق اهلي صنعاء كونه رئيساً له بل امتد الى جميع الاندية العدنية العريقة التي هبطت الى الدرجة الاولى بواقع اربعة الف آلاف دولار لكل ناد من الاندية الاربعة في عدن.. ناهيك من الدعم المقدم من مجموعات شركات هائل سعيد انعم التي تدعم اندية في تعز، ومجموعة الشيخ احمد صالح العيسي التي تدعم الاندية في الحديدة، وشركات شاهر عبد الحق التي تدعم نادي وحدة صنعاء وغيرهم من محبي الرياضة في اليمن.