المصمم حنا توما: تصاميمي ليست مجرد رقم وبمنأى عن الصرعات المبتذلة

TT

هو واحد من المصممين اللبنانيين العريقين، ومن فنانين جعلوا نساء كثيرات في أقطار عربية أخرى يتمايلن بفساتين صممتها أنامل لبنانية. لكن ابرز ما يميزه عن ابناء جيله انه ما زال متابعاً لكل جديد وعصري... واذا بأزيائه تزاوج بين العريق الاصيل والجديد العصري... هو حنا توما او كما يلقب بـ«عميد الخياطة الراقية».

وحنا توما يعمل بصمت، ويعتبر ان لديه زبائنه الذين يعرفون تصاميمه. لكن ابنته شيرين ـ الحائزة ليسانس في الهندسة الداخلية، وتنهي العام المقبل دراستها في تصميم الازياء من معهد في بيروت، وتتولى الرسم والتصميم في المشغل ـ أقنعته بضرورة تنظيم عرض لازياء مجموعته الجديدة. واستجاب حنا توما لرغبة ابنته ومعاونته، وكانت القاعة الكبرى في فندق فينيسيا انتركونتيننتال مؤخرا على موعد مع 39 فستاناً بحضور 450 شخصاً.

عبر هذا العرض اراد حنا توما وابنته شيرين جرجور، اطلاق مقاييس وتصاميم جديدة في عالم الخياطة الراقية، فأتى العرض يحمل اسم «الخياطة الجديدة». وتجلى ذلك عبر المواد والمقاييس الجديدة التي اتبعاها، فاستعملا المعدن وخيط الحرير وقماش الكرا وهو شبيه بقماش التول ويوضع تحت التنورة لتبدو بحجم اكبر، اما المقاييس الجديدة، فتجلت بظهور المواد الاولية، التي تستعمل عادة في الخياطة وتكون مختبئة، كشرائط البالايين الحديدية.

وتبخترت العارضات بفساتين من مختلف تدرجات اللون الازرق، كما ظهر الزهري والليلاس، بالاضافة الى الوان الارض والنحاسي والزيتي التي لم نرها منذ مدة، اما الاقمشة، فكانت من ارقى انواع اقمشة الخياطة الراقية، فرأينا الموسلين والاورغنزا والشانتون الحريري والزيبرلين والجديد كان الجزار الذي يعتبر من ارفع واغلى انواع قماش التول، وما يميزه عن خامات التول الاخرى، لمعانه كما هو اكثر قساوة. المميز في هذا العرض كان الاختلاف، فما من زي يشبه الآخر، انما كل اسلوب قائم بحد ذاته... وخاص به... فحسبتنا أننا نشاهد مجموعات مختلفة، وما اضفى لمسة انوثة واناقة الرسومات الزيتية التي زينت بعض التصاميم ولاسيما على أقمشة الشانتون الحريري بالاضافة الى الموسلين.

ولدى حنا توما فريق عمل متخصص بالرسم، فرأينا الورود وجذوع الاشجار على بعض الازياء واخرى مع بعض اللمسات الزيتية، والجدير ذكره، ان التايورات المؤلفة من بنطلون، كانت غاية في الأناقة. وتصلح لمختلف المناسبات لا سيما ذاك الطقم باللون البرونزي الذي غطي جزءا من البنطلون بقماشة غير متناسقة الطول ومليئة «بالفتحات» وطرزت ببعض الورود.

اما العروس، فاراد حنا توما وابنته وشيرين، ان لا تكون تقليدية وان تظهر بإطلالة خارجة عن المألوف، لتلفت عيون الحاضرين طوال الحفل وليس فقط لحظة دخولها، مع المحافظة على طابع الاصالة والرقي كي لا يندرج في اطار «الصرعة المبتذلة» فأتت العروس حقاً مختلفة لكنها أنيقة ايضاً، فابتعدت الفساتين عن ما تعودنا رؤيته في اي فستان عرس أي قماش دانتيل وطرحة تخلل فساتين الاعراس الثلاث: اثنان بلون الابيض الناصع، وآخر بلون أوف وايت وكلٍ باسلوب. وكان ظهور الفساتين بلا طرحات مع تسريحة مميزة على رؤوس العارضات لافتا. لكن شيرين توما جرجور، تؤكد ان هذه الاطلالة هي فقط للمنصة، لتأتي مناسبة للعرض «ويمكننا تصميم طرحة لأي فستان حسب ما تريد العروس. وحمل كل فستان عرس اسماً. فكان فستان (ضربة جنون) وفستان (الفراشات)».

ولعل فستان Coupde Follie حمل هذا الاسم نظراً لكثرة الشرائط فيه وهي جميعها من اللبلايين التي لا تظهر عادة في الملابس، لكن هنا نراها مغلقة بالساتان مع شرائط التول. وما زاد من تميز هذا الفستان تسريحة العارضة التي هي عبارة عن عروق شبيهة بعروق الاشجار ومزدانة بحبات الستراس. ولهذا الفستان معزّة خاصة لدى شيرين. وعدا انها رسمته فقد انجزته بيديها، وهنا تقول: «احبّه جداً... لأنني صنعته قطعة قطعة».

اما «فستان الفراشات» فكما يدل اسمه، فمزدان بالفراشات، فأحد الكتفين يحمل ثلاث اجنحة فراشات، كما ان ذيله «مكسّر» ومزيّن بالفراشات، فستان العرس الثالث جاء بلون Off White عبارة عن تنورة وبوستييه، وذيله من الاورغنزا والدانتيل.

واليوم يزمع حنّا توما اقامة عرض ازياء سنوي، واللافت في العرض الاخير، كان خلوه تماماً من اللون الاسود، وفي هذا الصدد تعلّق شيرين قائلة: «غالبية السيدات في الافراح والحفلات، يرتدين فساتين سوداء لا أحبّ ان ترتدي سيدتي هذا اللون، لأنها بذلك ستكون مجرّد رقم مثلها مثل الاخريات، اسعى ان تأتي سيدتي متميّزة تستقطب الانظار من حولها، لذا غيّبت اللون الاسود عن هذه المجموعة».

وعن مشاريع دار حنا توما المستقبلية تخبرنا شيرين: «نتطلّع الى تصميم ازياء تندرج في خانة «الالبسة الجاهزة»، لكن ذلك يتطلّب زيادة فريق العمل بشكل ملحوظ، كون ازياء الخياطة الراقية جميعها تصنع باليد. وأنا، بالاضافة الى عملي في الدار، لديّ مشاريع في الهندسة الداخلية وربّما بعد سنوات عندما ينتهي اشقائي من دراستهم وبذلك يصبحون اكثر تفرّغاً للدار ويتعاونون مع والدي ووالدتي التي لطالما كانت يد ابي اليمنى في كل ما يتعلّق بالخياطة والتنفيذ».

=