المحجبات يشعلن المنافسة في سوق الكوافير بمصر

TT

العلاقة التي تنشأ بين الكوافير والزبونة علاقة خاصة جداً، فهي تعتبره صديقها والمؤتمن على تاج جمالها وتثق فيه ليحولها الى جميلة الجميلات. ولأن السيدة المترددة لتزيين شعرها تقضي تحت يد الكوافير ما لا يقل عن ساعتين أسبوعياً فلابد من أن يتجاذبا أطراف الحديث الذي يجعلهما بحكم العشرة صديقين، وتصل العلاقة أحياناً لدرجة أن الزبونة لا تستأمن غيره على رأسها فتحصل على رقم هاتقه لتحدد معه مواعيدها المناسبة. ولكن الأمر تغير كثيراً في مصر اليوم ولم تعد العلاقة بين الزبونة والكوافير هي نفسها قبل عشرسنوات، فمع تزايد أعداد المحجبات في مصر وبخاصة بين صغيرات السن وحديثات الزواج لم يعد مقبولاً أن ترفض المحجبة أن تكشف شعرها أمام أقاربها ثم تذهب لكوافير رجل وتجعله يعبث بشعرها كما شاء ويقلب رأسها شمالاً ويميناً، ومن ثم كان لا بد من ظهور الكوافير السيدة.

وهنا كان التطور المذهل في مهنة الكوافير في مصر، فمن قبل كان مصففو الشعر يعلنون عن أنفسهم بلافتة «كوافيرللسيدات» وظلت هذه هي الصفة الملازمة لهم عبر السنين، ولكن مع الظروف الجديدة بدأت اللافتة تتغير فأضيف لها أولاً «قسم خاص للمحجبات» وكان المتبع أن توضع «ستارة» تفصل بين المحجبات وبين بقية المحل ولكن اعداد المحجبات منذ النصف الثاني من التسعينيات ازدادت نسبتها في جميع الطبقات وزادت اعدادهن بحيث لم تعد أقسام المحجبات الخاصة تستوعبهن، وكانت البنات اللاتي يعملن كوافيرات في الأقسام الخاصة قد اكتسبن الخبرة التي تؤهلهن لافتتاح محلات خاصة بهن ومن ثم جاء التطور الجديد في مهنة الكوافير بظهور «كوافير للمحجبات» الذي يحظر دخول الرجال إليه.

وبدلاً من كوافير «شعبان» و«عادل» و«محمود» أصبحت المحلات تحمل أسماء كوافير «دعاء» و«دلال» و«شوشو» و«سحر».

والملاحظ أن محلات المحجبات تحقق نسبة اقبال أعلى من الكوافيرات الرجالي فالبنات الصغيرات لايرين تعارضاً بين أن تكون البنت محجبة ومهتمة بمظهرها، فهي تحب أن يكون شكلها أمام نفسها جميلا، كما تقول دعاء، وهي صاحبة محل كوافير محجبات بحي العمرانية الشعبي بمحافظة الجيزة. وقبل ثلاث سنوات كانت دعاء تعمل في محل كوافير صاحبه رجل ولم تكن نسبة الاقبال عليه كما هي عندها اليوم، فقد افتتحت المحل، ولم يكن فيه غيرها وأختها التي تساعدها في غسيل الشعر وعمل اقنعة البشرة والتنظيف. أما اليوم فقد وصل عدد البنات اللاتي يعملن معها الى أربع. وتقول ان المحجبات أحياناً يكتفين بتصفيف مقدمة الشعر التي تظهر من الايشارب أو «القصة».

ولكن «مها» وهي محجبة حديثة لم يمض على ارتدائها الحجاب أكثر من عام فهي تتمنى لو تجد كوافيرة «شاطرة» فجميع من تعاملت معهن تنقصهن المهارة عكس الكوافير الرجل «كما أن الرجل ألطف كثيراً من السيدة التي تتعامل بقلة ذوق مع الزبونة وتتفنن في اصدار الأوامر» ومع هذا فلا يمكنها العودة للرجال لأنها «التزمت».

ولكن مهما كانت الكوافيرة تقل مهارة عن الرجل فهي الأكثر رواجاً، بعد تزايد أعداد المحجبات واشعالهن لنيران المنافسة الحامية بين الرجال والنساء. فالكوافير مهنة الرجال العريقة ومن ثم فلم يقبلوا ان تسحب النساء البساط من تحت اقدامهم وكان لا بد من بذل المحاولات المستميتة للحفاظ على تقاليد المهنة، فالمحجبة قد تغري فتاة أخرى غير محجبة للذهاب معها عند الكوافيرة التي تتعامل معها ـ كما يقول «شعبان» ـ وهو كوافير بحي فيصل، ولذلك لا يوجد الآن كوافير في مصر لا يوجد به قسم خاص للمحجبات.

والمشهد المألوف اليوم هو أن يقسم المحل لدورين بحيث يخصص الدور الأول لغير المحجبات والثاني للمحجبات ويفصل بينهما سلم داخلي مغطى بستارة.