صرعة جديدة اسمها: اللوك

TT

في الاجتماع الأسبوعي لأسرة تحرير احدى المجلات الفنية العربية اقترح احد المحررين نشر مسابقة من نوع جديد. اقترح ان تنشر المجلة صورة بالألوان لاحدى الفنانات العربيات الشهيرات ـ ولتكن مطربة مثلاً ـ بـ (اللوك) الجديد لها، وتخصيص جائزة مالية لمن يعرف من هي..

فرد عليه زميل آخر قائلاً: في هذه الحالة لن يفوز احد بالجائزة..

هذه المفارقة في حوار هذين الصحافيين هي عنوان الظاهرة الجديدة التي اصبحت صرعة المجتمع العربي في جميع شرائح المجتمع وليس في مجتمع الفنانين فقط..

ولو اقتصرت الظاهرة على النساء، او حتى الفنانات، لهان الأمر، ولقلنا ان المرأة بطبيعتها تواقة الى التزين والتبرج، ولامكن وضع حد للتطرف في تحقيق هذا (اللوك)، والاقتصار عليه ـ لدى الزوجات مثلاً ـ بين جدران البيوت.

نقول: لو اقتصرت هذه الظاهرة على الفنانات لهان الأمر، ولكنها امتدت بصورة متفاقمة لدى شرائح عديدة من المجتمع العربي وفي كثير من اقطاره.. الى السكرتيرات والموظفات والمعلمات والصحافيات وحتى الجامعيات والطبيبات والممرضات.. ثم الى الشباب والأطفال وحتى الى الرجال وبعض الكهول.. حتى محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقي السابق، ظهر مؤخراً في المقابلات التي اجريت له بعد الحرب، بغير (اللوك) الذي كان يظهر به اثناء المعركة ومن ذلك لون الشعر الذي كان اسود فأصبح في حالة بياض. وظاهرة (اللوك) هذه اصبحت معروفة لكثرة ما رددتها الفضائيات العربية في البرامج الفنية وبرامج المنوعات، وفي اللقاءات والحوارات، حتى السياسية منها..

وتسأل عن هذا (اللوك) فيجيبونك بأنه الـ (ستايل).. وتسأل عن (الستايل) فيقولون لك انه مظهر جديد، للمرأة أو الرجل يختلف كثيراً عن مظهره الاساسي المألوف، وهذا التغيير في الشكل من العادي الى (اللوك) يتولاه اختصاصيون من الجنسين في اماكن معينة، تبدأ في مراكز ومعاهد وصالونات التجميل، وتنتهي في عيادات الأطباء وغرف العمليات.

أما اذا ابديت جهلك بهذا التعريف الجديد للشكل البشري، فينظرون اليك باستغراب، ويعتبرونك خارج الزمن.

* اللوك.. والجوكوندا

* ولعل اطرف ما قرأت حول هذا الموضوع ما نشرته احدى الصحف مؤخراً، واعتبرت فيه (اللوك) ظاهرة تاريخية سالفة وليست صرعة عصرية.. فالضربات التي اجراها ليوناردو دافنشي بالفرشاة لشفتي (الموناليزا) جعل لها نوعاً من (اللوك) اشتهرت به واصبحت المرأة ذات الابتسامة الغامضة مما جعل (الجوكوندا) اشهر لوحة في التاريخ وتتابع الصحيفة بأسلوب ساخر موضوع التقنية الحديثة التي قالت عنها في عنوان الموضوع انها تجعل من العنزة مارلين مونرو، لتذكر ان امرأة في بيروت ذهبت الى اخصائي التجميل وطلبت اليه ان يجعل شفتيها مثل شفتي الجوكوندا، فاذا بها تكتشف ان شفتيها اصبحتا بعد العملية مثل شفتي اسماعيل ياسين.

وتقدم الصحيفة امثلة على عملية (اللوك) هذه من الوسط الفني، فتذكر عمليات (اللوك) التي اجرتها كل من المطربات: احلام (الاماراتية) ونانسي عجرم واليسا.. ولن نذكر تفاصيل العمليات التي نشرتها الصحيفة واجرتها الفنانات الثلاث.

لقد بدأت هذه الظاهرة لدى الفنانين، فراحت الفنانة تغير شكل انفها او ملامح اخرى من وجهها، وتعمد الى وسائل نفخ الوجنتين والشفتين بمادة السيليكون، وصولاً الى تفاصيل ومواقع اخرى تجعل منها (لوك) خاصاً بها، ولهذا تذهب الصبايا الى اماكن التجميل وعيادات الاطباء، وكل واحدة تطلب من الاختصاصي ان يجري عليها (التعديلات) المطلوبة لتكتسب (لوك) الفنانة الفلانية، وكذلك الامر بالنسبة للشباب والاطفال الذين يقلدون (لوك) الفنانين. واذا كانت بعض العمليات الجراحية ضرورية لمعالجة تشوه خلقي معين، كاعوجاج الأنف، واعتلال الجيوب الأنفية، ومعالجة خلل في الفك، أو اجراء تقويم للاسنان او معالجة حروق وتشوهات الجلد، الا ان المرفوض هو اجراء سلسلة من العمليات والمعالجات غير الضرورية (والضارة على المدى البعيد) لتقليد (لوك) هذه الفنانة أو تلك، خاصة ان الفنانين لا يستقرون على (لوك) معين، بدليل ان احدى المطربات تطلع علينا بـ (لوك) مختلف مع اصدار كل البوم جديد من اغنياتها.