ليس الثراء .. بل انعدام الضمير هو السبب في الضيم

TT

قابلت بالصدفة سيدة في سوق الخضر وبدأت معها حديثا. كانت تصطحب أطفالها الثلاثة الذين تبدو عليهم بوضوح علامات الأناقة والتهذيب. تشغل السيدة المذكورة وظيفة كما ان زوجها يعمل كذلك. ليس لدي فكرة عن أوضاعهما المالية، لكنها تبدو قانعة وسعيدة بالحياة، غير انها أدلت بتعليق أثار انزعاجي.

سألت أطفالها عما إذا كانوا يحبون الأضواء الملونة في أنحاء المدينة وما إذا انهم يعتبرونها جميلة. يبدو ان ملاحظتي أثارت غضب السيدة المذكورة التي أعطتني ما يمكن ان أصفه بـ«المحاضرة» حول الظلم في الحياة وحول التبديد وكيف ان البعض يتعرضون للجوع، كما سألتني إذا كنت اتفق معها حول ما تقول.

لم أقل لها إذا كنت موافقة ام لا، لكنني باختصار لا اتفق معها. هناك الكثير من عدم المساواة في كل أنحاء العالم، كما ان هناك دولا فيها إساءة لاستخدام السلطة، حيث لا أمل للشخص العادي في صعود السلم الاجتماعي أو الاقتصادي. صحيح هناك دول ليس فيها العناية الكافية بالمرضى وكبار السن والعاطلين عن العمل والمعدمين. اعتقد ان هذا عار وإدانة للحكومات السيئة والفاسدة وغير الفاعلة، غير ان ما اثار انزعاجي، إلى جانب المرارة التي تشعر بها، هو اعتقادها بان من الخطأ ان يكون للدول أو للأفراد ثروة واعتقادها في ان امتلاك الثروة وعيش حياة الرفاهية بفضل الثروة لا يقود سوى إلى فقر وبؤس الآخرين. هذا موضوع محبب إلى نفسي. فالناس كثيرا ما يقولون ان الرجل الثري إذا صرف بسخاء على زواج ابنه أو ابنته فانه يحرم أسرة محتاجة وان هذا المال من الممكن استخدامه بصورة افضل بإعطائه للجمعيات الخيرية. ثمة افتراض بان الشخص لا يمكن ان يصبح ثريا ويصرف بسخاء ويكون في نفس الوقت متصدقا ومحسنا. تكوين الثروة يعني بالضرورة الإنفاق سواء كان ذلك على توظيف الأفراد أو على الشراء. كما ان ثراء الدول أو الأفراد لا يعوق او يحرم مساعدة الغير.

أوافق تماما على ان هناك بعض أصحاب الثروات الذين لا يبدون أي اعتبار لبؤس الآخرين. كما لا شك لدي مطلقا في ان هناك الكثير مما ينبغي فعله في سبيل مساعدة الآخرين. لكنني لا اتفق مع الاعتقاد القائم على أساس ان ثروة الدولة أو الفرد عامل محدد للبشرية. فانعدام الضمير وانعدام المسؤولية هما الأكثر خطورة.