علب «الملكة» في السعودية..عادة بسيطة وجميلة.. لها ثمن!

TT

لا يكتمل أي حفل عقد قران في السعودية إلا بتوزيع علب صغيرة، تحتوي على هدية صغيرة مع أنواع من الحلويات أو خليط من سكر نبات وقرنفل وهيل، موشاة بالتل والدانتيل والشرائط الملونة على الحضور بعد إتمام تسجيل عقد النكاح في سجل الزوجية. ويحافظ المقبلون على الزواج على هذا التقليد كمظهر من مظاهر احتفائهم بالضيوف وتقديرا لمشاركتهم لهم في أسعد لحظات العمر.

في السنوات الماضية طرأ تطور في شكل ومحتوى هذه العادة. فبعد أن كانت مجرد قطعة من الحلوى البلدية مغلفة بورق السلوفان اللامع، أو الحلويات الشعبية المشكلة مثل (اللوزية والعسلية والليمونية)، أصبحت عبارة عن علب فاخرة تحتوي على قطع من الشكولاتة المتنوعة وهدايا بمثابة تحف صغيرة من الكريستال، الزجاج، الخزف أو الفضيات المذهبة تأخذ أشكالا عديدة كالشمعدانات والمزهريات وعلب المجوهرات وإطارات الصور والتحف الخزفية وغيرها.

وتوضع داخل التحفة حلوى اللوزية الملونة أو قطع من الشوكولاته التي تغلف بالدانتيل أو التول وتربط بالأشرطة الحريرية حسب لون فستان العروس. ويكتب عليها أحيانا اسم العروس والعريس. يقول حازم فتحي، ويعمل بمحلات باتشي في الطائف، إن العرسان يقبلون حاليا على الفضيات اكثر من الكريستال، وأضاف «تختلف الكمية المطلوبة لإحياء حفل الزواج من شخص لآخر بحسب الميزانية المرصودة وعدد المدعوين. فهناك مثلا علب الحلويات الإيطالية والصينية، وهناك التحف الموقعة من قبل كبار المصممين، مطلية بالذهب الخالص، وغيرها. كما يختلف ما يوزع منه على الرجال، عما يوزع على صديقات العروس، وعادة ما يكون الرأي الأخير للعروس في ذلك».

ويؤكد (أبو رياض) الذي يعمل في هذا المجال منذ أكثر من 15 عاماً، أن «علب الأفراح طرأ عليها تطور كبير عما كانت عليه في السابق، فهناك علب على شكل مجسم للمصحف أو علبة حلويات مشكلة أو شوكلاتة مخصصة للصغار فقط وهكذا». وكشف أبو رياض بعض الطرائف التي تحصل عند شراء هذه العلب، والناتجة عن أن أهل العريس غالبا ما يبحثون عن السعر المعقول بينما تبحث العروس عن الغالي والفخم بقوله: «حدث أمامي موقف لن أنساه عندما أرادت أم العروس شراء علب (ملكة) غالية بينما رفضت أم العريس بشدة، وهي تشير إلى خيار اقل سعرا، مما أدى إلى نشوب شجار بينهما كان سيتطور إلى ما لا تحمد عقباه لولا أن تدخلت لأصلح بينهما وأوفق». وإذا كان البعض يختلف في شكل وسعر علب الأفراح بالدرجة التي تصل معها الأمور إلى فسخ الزواج، فإن أغلب العائلات تتفق سلفاً على الكمية والنوعية التي يحتاجونها باعتبار أن الزواج «مودة ورحمة!».

تقول السيدة جميلة عبد القادر، وهي من مكة المكرمة: «هذه عادة مكية مكتسبة، أخذها الأهالي عن المصريين الذين يشتهرون بتوزيع حلويات (الملبس) في أفراحهم، وعن الشاميين الذين يوزعون الكعك والحلويات التقليدية، كل ما قام به المكيون أنهم وضعوا لمساتهم الخاصة على هذا التقليد، سواء في طريقة التغليف أو التقديم». وتضيف «تخضع عملية توزيع (علب الملكة) لطقوس خاصة في منطقة مكة المكرمة. حيث يأتي العريس بأهله ويستقبل أهل العروس في مقر الحفل، تصدح فيه قصائد مديح في عائلتي العريس والعروسة، ويحفه حملة المباخر، ومصابيح الإنارة التقليدية، و(المعاشر)، وهي صوان خشبية توضع فيها علب (الملكة) وتغطى بأقمشة مزركشة وملونة. وبعد أن يتم عقد القران يقوم أقارب العريس بتقديمها للمدعوين من الرجال، والدعاء للعروسين بالتوفيق في حياتهم الجديدة».

لكن حسب رأي السيدة جميلة فإن هذه العادة دخلت مؤخرا في «باب المباهاة والتفاخر بين العائلات» إلى حد ان «هناك من يقوم بوضع سبائك ذهبية داخل العلبة بدلا عن الشيكولاتة، وآخرون يقومون باختيار تحف من الكريستال الخالص المطعم بالذهب والفضة ويصل سعر العلبة الواحدة الى نحو 1000 ريال»، لتتحول هذه العادة التي كانت جميلة في بساطتها إلى عادة مكلفة ومرهقة!