دور الأزياء والتجميل تدخل غمار أولمبياد أثينا وتتبارى داخل الملاعب وخارجها للفوز بميداليات ذهبية

TT

بدأت الألعاب الأولمبية الجمعة الماضي في جو مبهر، شاركت فيه شخصيات رياضية وسياسية مرموقة، وأيضا شخصيات من عالم الموضة، مثل عارضة الأزياء ناعومي كامبل التي كانت واحدة ممن حملوا الشعلة الأولمبية في يوم الافتتاح في بادرة يمكن تفسيرها فقط بأن الموضة أيضا دخلت عالم الرياضة وأصبحت جزءا لا يتجزأ منها. ومما لا شك فيه انه، وحتى نهاية شهر أغسطس (آب) الحالي، ستطغى المنافسات الرياضية على حياتنا اليومية، وسيظل البعض منا متسمرا أمام شاشات التلفزيون لمتابعتها، لا سيما بعد دخول عنصر الإبهار والأناقة عليها، الأمر الذي سيجعلها «عروضها» أكثر متعة للعين، وبالتالي لن نحتاج إلى القول إن صناع الجمال والأزياء اقتحموها من أوسع الأبواب، أي من خلال رياضيين يهتمون بمظهرهم بنفس القدر الذي يهتمون فيه بإبراز مواهبهم، مثل الأختين ويليامز، اللتين يشاع أن الوقت الذي تقضيانه في تنميق مظهرهما أطول من الوقت الذي تقضيانه في الملاعب، وأنهما لا يقبلان الظهور في ملاعب التنس إلا بملابس رياضية بتوقيع مصمم معروف، بل إن فينوس تحولت إلى التصميم بدورها حيث ظهرت في أثينا عاصمة الألعاب الأولمبية بقبعة من تصميمها. بعبارة أخرى ستسود على منافسات هذه السنة ثقافة «الماركات العالمية». فكما هي الحالة بالنسبة للعديد من المجالات التي أصبح فيها المظهر في أهمية الموهبة، فالرياضة أيضا أصبحت تؤمن بأن الجسم السليم والشكل الحسن وجهان لعملة واحدة، بدليل أن التكهنات بمن سيفوز بميدالية الرياضي والرياضية الأكثر اناقة، هي الأخرى بدأت قبل أشهر. من المرشحين للفوز بها، السباح الأسترالي، إيان تورب، الذي له ميول لاستعراض عضلاته المشدودة، وظهرت له صور مع ابنة بلده، العارضة إيل ماكفرسون على صفحات المجلات، ولاعب كرة السلة الأميركي، كارميلو أنتوني، الذي كان ضمن لائحة أكثر الرجال أناقة في استفتاء مجلة «إيسكواير» لعام 2004، ولاعبة الجمباز الروسية سفيتلانا خوركينا، التي تمشي في الملاعب وكأنها تتهادى على منصة عرض أزياء، وأخيرا وليس آخرا بطلة القفز العالي، دانييلا رات، التي تميل إلى أزياء مارني ودولتشي آند غابانا، وبعيدا عن الملاعب تلبس فساتين الشيفون والتصاميم الضيقة. ولأن صناعة الموضة عموما، والأزياء خصوصا، أصبحت تتوخى الربح حتى تستمر، كان لابد أن تستغل هذه المناسبة المهمة لتطرح تشكيلات مبتكرة تم استلهامها من ألعاب رياضية مختلفة، مثل كرة التنس، الغولف، البولو والكريكيت وغيرها. ففي عروض أزياء ميلانو للرجال رأينا الكثير من التصاميم الرياضية أو «السبور الكاجوال» في عروض فيرساتشي، أرماني، وبياجوتي وغيرهم. هذا الأخير، مثلا، طرح قميصا وبنطلونا بنقوش تُجسد الحلقات الأولمبية الخمس. وعلى هامش عروض الأزياء الجاهزة للمرأة، قدم المصممون تشكيلات «رياضية» محضة بألوان صيفية وأقمشة وتصاميم مريحة غير مبالغ فيها. وإذا كان المظهر الرياضي لم يؤثر عليك بعد، فإن عدواه لا بد أن تطالك قريبا، إلا إذا كان جهاز مقاومتك قويا، ولا تميلين إلى هذا النوع من الأزياء على الإطلاق، فصناع الأزياء مصممون على أن يحولوا نهارك إلى ملعب تكونين فيه «بطلة» وليلك إلى مسرح أبولو تكونين فيه أفروديت، بطرحهم أزياء رائعة تنساب على طول جسمك بنعومة، وتلفك بسخاء وأنوثة خاصة إذا أضفت إليها اكسسوارات من الذهب، تكون بمثابة ميداليات تستحقينها على حسن ذوقك. ولأزياء النهار، حتى إذا لم تكوني من النساء اللواتي يتوجهن إلى نادي رياضي ثلاث مرات في الأسبوع أو أكثر، ولا تعني لك ملابس الرياضة أي شيء، فلن تجدي نفسك خارج اللعبة، لأن العديد من دور الأزياء العالمية طرحوا قبل عدة أشهر، تشكيلات «رياضية» موجهة لك وللرجل على حد سواء، يمكنك تطويعها بسهولة في الأيام العادية، خاصة إجازات نهاية الأسبوع، وتلك المناسبات التي تشعرين فيها بأنك تريدين التخلص من بعض القيود، سواء التي تفرضها عليك بروتوكولات المناسبات الخاصة، أو فقط حرارة الشمس. فشانيل، رالف لوران، برادا، برينغل، كارولينا هيريرا وكريستيان ديور وغيرهم، طرحوا تشكيلات رياضية تغازلك باللعب على هذا الوتر بالذات. فدار كريستيان ديور، مثلا، قدمت تشكيلة شابة وصاخبة بالألوان مستوحاة من لعبة الغولف، التي يعتز لاعبوها بأناقتهم، إذ اعتبروا لسنوات عديدة من الرياضيين الذي يهتمون بمظهرهم وليس فقط بمهاراتهم الرياضية، حتى قبل أن يطال هذا الاهتمام ألعابا أخرى، مثل لعبة التنس، من خلال لاعبات أمثال آنا كورنيكوفا، وكرة القدم من خلال ديفيد بيكم وأمثاله. كل هذه الأزياء، طبعا، عندما تُلبس كما قُدمت على منصات العرض أو في المحلات أو على صفحات المجلات الترويجية، تبدو مبالغا فيها ومزدحمة بنقوش الدار المصممة، لكن الفكرة هي تنسيقها مع قطع أخرى حتى لا تعطي الانطباع بأنك ضحية موضة، وليس لك أسلوبك الخاص، خاصة إذا كنت ناضجة وتعديت العشرين. فارتكاب فتاة صغيرة لأخطاء مثل هذه تفسر بأنها جزء من تطورها وبحثها عن ذاتها وبلورة أسلوبها، لكن أن ترتكب امرأة ناضجة خطأ مثل هذا فليس له أي تفسير آخر سوى أنها ضحية موضة، أو حسب رأي البعض الآخر أنها «نوفو ريش»، حديثة نعمة تتمتع بالمال وتريد أن تعلن ذلك على الملأ بارتدائها أزياء بتوقيع مصممين كبار من رأسها إلى أخمص قدميها وبنقوش صارخة، من دون مراعاة للذوق العام والخاص على حد سواء. أما إذا كنت تريدين أزياء تجمع النهار والمساء، فهناك فساتين رياضية وتنورات مع بلوزات تتماشى مع بنطلونات بيضاء توحي بالشمس والانطلاق والحركة، مثل تلك التي طرحها رالف لوران، برادا، دونا كاران وغيرهم، المهم أن تختاري منها ما يناسبك وأسلوب حياتك حتى تبدين رياضية بكل معنى الكلمة.

* من المستحيل أن تمر مناسبة بحجم الأولمبياد من دون أن تُستثمر تجاريا، لذلك ليس غريبا أن تتسابق العديد من شركات التجميل ودور الأزياء لأن يكون لها نصيب من الكعكة، بدءا من البذلات الرياضية إلى الكريمات والاكسسوارات، من أحذية وساعات وغيرها. فشركة «كامبر» الأميركية مثلا ابتكرت ستة أحذية «أولمبية» للرجال والنساء برسومات تمثل تاريخ هذه المناسبة، بينما طرحت شركة «كوريس» اليونانية لمستحضرات التجميل الطبيعية، منتجات أطلقت عليها اسم «الميدالية الذهبية» تشمل كريمات مرطبة بعضها من مستخلصات الورد البرِِي وبعضها من زيت الكاكاو، وغسول من مستخلصات الشاي وغيرها. أما الداعم الرسمي للألعاب الأولمبية «نو سْكين» فقد استغل المناسبة وطرح 19 مستحضرا خاصا بالبشرة والشعر. وبما أن «سووتش» هي الساعة الرسمية التي سيتم اعتمادها لتوقيت المنافسات، فإن تصميمها جاء مبتكرا يُجسد رموزا رياضية بالخط الإغريقي. أما شركة «أبيفيتا بروبوليني» اليونانية، التي لها باع طويل في صناعة مستحضرات التجميل الطبيعية التي استعملتها المرأة اليونانية منذ سنوات وظلت قيد المحلية طويلا، فإنها وجدت أن هذا هو الوقت المواتي للتوسع وتسويق منتجاتها في الولايات المتحدة. وطبعا لا يمكن الحديث عن أي مناسبة رياضية من دون الحديث عن كل من شركتي «ريبوك» و«أديداس». فهذه الأخيرة وفَرت ملابس رياضية لـ900 رياضي و500 مدرب ومرافقين للوفد الأميركي، بينما سيلبس فريق كرة السلة الأميركي بذلة من تصميم «ريبوك» خلال الألعاب، باستثناء الأحذية التي تعتبر العمود الفقري في كل المباريات الرياضية. وقد تبيَن أن الناس لا تقبل على التصاميم العصرية والمبتكرة فحسب، بل أيضا على التصاميم القديمة التي ترتبط في أذهانهم بفترة معينة أو بأبطال فازوا بميداليات وحققوا مفاجآت خلال الألعاب الأولمبية السابقة، لذلك فإن معظم هذه الشركات رجعت إلى أرشيفها لإعادة طرح تصاميم قديمة، مثل حذاء أديداس (كانت تعرف سابقا بداسلر) الذي لبسه بطل الجري جيسي أوين في أولمبياد برلين عام 1936. وحذت حذوها شركة «نايك» التي ستطرح ايضا أحذية لها تاريخ وقصة. وقد صرَح مايك راتليج، مدير ماركة «بيما» أن «الأولمبياد يخلق جوا مثيرا، يجعل الناس يشعرون بالحنين إلى أبطال سابقين، فالعديد من الناس ما زالوا يتذكرون بوضوح، مثلا، اللحظة التي فاز فيها لينفورد كريستي بسباق 100 متر، وأنه كان يلبس حذاء من «بيما» وغير ذلك من الذكريات». لكن هذه الشركات لا تكتفي بإعادة القديم، الذي يتميز بالعملية والذكريات الذهبية فقط، بل أيضا طرحت، أحذية تجمع بين العملية والأناقة في الوقت ذاته، لا تقتصر على الملاعب والنوادي الرياضية، ويمكن ارتداؤها في الأيام العادية مع سروال جينز أو سروال غير رسمي.