القفطان المغربي يتعلق بأصالته.. ويحتمي بها من مقص التصاميم الجريئة

TT

منذ ان نظم اكبر عرض للقفطان المغربي بمدينة الدار البيضاء عام 2000 تحت اسم «قفطان 2000 » بحضور مصممين وعارضات اجنبيات، واصبح بعد ذلك موعدا سنويا للتباري وتقديم الجديد، وفتح الباب على مصراعيه امام المصممين والمصممات المغربيات الى ابتكار موديلات جديدة وعصرية للقفطان المغربي تواكب خطوط الموضة العالمية.

فبعد ان كانت عصرنة القفطان تتم بخجل وتردد، اصبحنا امام «ميني» قفطان وقفطان وبلغت هذه التصاميم من الجرأة، الى درجة ان بعضها حول القفطان التقليدي المعروف بطابعه الجمالي والانثوي وبطوله الذي يستر جسم المرأة الى قطعتين او ثلاث من القماش اقرب الى ملابس السباحة. واذا كانت هذه «الجرأة» تجد من يؤيدها ويدافع عنها، فان لها ايضا معارضيها. المصممة احسان غيلان، صاحبة دار الازياء «maison de mode» التي شاركت للمرة الاولى في عرض «قفطان2004» الذي اقيم في مدينة مراكش، بموديلات مستوحاة من عصر النهضة ومن تقاليد الخياطة الايطالية الراقية على وجه التحديد، قالت انها تميل إلى التجديد، وتعمل على ذلك بمزجها الالوان الجريئة والمتناقضة والتطريزات والاقمشة المختلفة، فـ «ادخال التغييرات على شكل القفطان التقليدي أمر مرغوب فيه، لانها هي التي منحت القفطان المغربي شهرته العالمية وفتحت المجال لتسويقه خارج المغرب. بيد ان كل ذلك لا يعني اننا الغينا شكل القفطان التقليدي الذي يبقى هو الاساس الذي نشتغل عليه». واضافت غيلان انها لا تؤيد مطلقا المبالغة في العصرنة وفي تقديم موديلات لا علاقة لها بتاتا بالقفطان المغربي، مثل الميني قفطان والقفطان بـ jeans او استعمال اقمشة شفافة جدا.بل افضل، كما قالت «ان يحتفظ القفطان بجزء من خصوصيته مثل الطول والحزام ويبقى المجال واسعا امام المصممات للابتكار والابداع على مستوى القصات والاقمشة التي عرفت ثورة كبيرة في السنوات الاخيرة استفاد منها القفطان المغربي». ومن جهتها تقول المصممة امينة البصيري التي لديها خبرة طويلة في مجال الخياطة التقليدية الراقية وسبق لها ان قدمت عروضا كثيرة داخل وخارج المغرب، خاصة في اوروبا وبعض دول الخليج، انها تعترض بشدة على تجريد القفطان المغربي من اصالته وخصوصيته «تصميماتي مستوحاة من الزي المغربي القديم، مثل القفطان الذي كانت ترتديه جداتنا في السابق مع ادخال بعض التعديلات البسيطة عليه ليتلاءم مع العصر، وشخصيا لا افضل المبالغة في «عصرنة» الزي المغربي لانها تفقده خصوصيته لدرجة ان بعض التصميمات معمولة للعرض فقط، وبعضها غير محتشم ولا يصلح للمرأة العربية وغير موجه لها. وأنا ألاحظ دائما أن زبوناتي يشاركنني هذا الرأي، فهن أيضا يفضلن الزي العادي الاصيل».

واضافت البصيري «على مستوى القصات احاول ان اقدم كل عام قصات جديدة مختلفة عن العروض السابقة لان هذا من شأنه ان يزيد الاقبال على هذه الازياء، التي يجب أن تكون متجددة في الاسلوب، مع الحفاظ على الأساس وأصالته، لا سيما ان كل امرأة تعشق الجديد الذي يميزها عن الاخريات. اما على مستوى الالوان فشخصيا لا اجاري خطوط الموضة في هذا المجال ولا اختار الالوان الشائعة حسب كل موسم، وانما اطرح جميع الالوان التي تتلاءم مع مختلف الاذواق. وبصفة عامة، فإن الزي التقليدي المغربي يفرض استعمال الالوان الغامقة كالاسود والبني والازرق النيلي والاخضر، اما الالوان الفاتحة كالابيض والبيج فتصلح للمناسبات الخاصة فقط مثل حفلات الزفاف».

واعترفت المصممة الشابة صوفيا ميكو أنها تقدم موديلات جريئة جدا إلى حد أن بعضها يفضح أكثر مما يغطي، لكنها تبرر ذلك بان الموديلات التي تصممها خاصة بعروض الازياء فقط، اي انها غير مخصصة للاستعمال في المناسبات العادية، وهي تستعمل هذا الأسلوب مرورا، أو جوازا، لعرضها في الخارج، كونها تصاميم تناسب متطلبات السوق الأجنبية. واكدت ان تصاميمها ان كانت مخصصة للعرض فقط او لا تناسب جميع النساء، فهي تتيح لهن «اكتشاف اخر خطوط الموضة في مجال الاقمشة والالوان التي تختارها بعناية». واضافت ان الخط الذي اختارته في مجال تصميم الازياء هو دمج الخياطة التقليدية المغربية بالازياء العصرية، حيث تستعد حاليا كما قالت لطرح تشكيلة جديدة من فساتين عصرية للسهرة محاكة على طريقة القفطان. واذا كانت ميكو تعتبر ان الموديلات الجريئة تلقى اقبالا عند عرضها خارج المغرب، فالمصممة نادية التازي تنفي ذلك، بقولها إنها عندما اقامت عرضا للقفطان المغربي في مدينة نيويورك قبل سنتين،عرف العرض نجاحا كبيرا لم تكن تتوقعه، بسبب الاقبال على اقتناء كل المجموعة التقليدية التي عرضت، ولم يهتم أحد باقتناء ولا قطعة عصرية. وأضافت ان «الاميركيين لم يعودوا يرغبون في الموديلات العارية»، لذلك فهي تؤيد «محافظة القفطان المغربي على اصالته مع ادخال تعديلات عصرية عليه شريطة ان لا تصل إلى حد الابتذال» ليتلاءم مع شخصية المرأة المغربية والعربية على وجه الخصوص».

ومهما اختلفت الآراء حول القفطان المغربي، فإن الاصيل منه سيبقى دائما هو الأجمل والأساس، فحتى عندما قام المصمم المخضرم، إيف سان لوران، وبعده بالمان بالاستقاء منه، فإنهما أضافا عليه لمسات عصرية مبهرة، لكنها أبدا لم يُجرَداه من عراقته، وكانت النتيجة أنهما، في الثمانينيات، أبدعا فساتين سهرة طويلة بأكمام وياقات عالية مطرزة بالذهب، وبكل ما هو مترف، تنسدل على جسم المرأة في حياء فتزيدها أنوثة وإغراء من دون أن تظهر أي جزء من جسمها.