قاومي الشتاء بالأناقة وتسلحي بمعاطف تتقن لغة البرد

TT

من الحقائق التي لا يمكن أن نختلف عليها هي أن تغيرات الطقس تؤثر على الموضة بل تتحكم فيها. ومهما حاول المصممون ومتابعو الموضة التشبث بالقطع الخفيفة والناعمة إلا أن البرد في الأخير يقول كلمته: عليك بالمعطف. صحيح أن هناك اختلافا بين متطلباتك إن كنت تعيشين في الشرق، كونك لا تعانين من لفحه إلا مدة شهر أو شهرين على الأكثر، وبالتالي لا تحتاجين إلى معطف كبير وسميك، أو كنت في الغرب حيث تكتسح البرودة جميع مناحي الحياة، وقد يمتد الأمر إلى ستة أشهر، تحتاجين فيها إلى واحد يغطيك ويلفك مثل الشرنقة. وفي الحالتين النتيجة واحدة، وهي أنه لا أحد منا يشتهي لسع البرد أو يتحمل قساوته، وكلنا بحاجة إلى معطف يعطينا الدفء والإحساس بالأمان، لا سيما بعد أن تبيَن أننا نتفاعل مع أي قطعة وفق حاجتنا النفسية لها، وما إذا كانت تمس وترا حساسا بداخلنا. فقد نحاول أن نقنع أنفسنا أن أول وآخر شيء نطلبه في أي قطعة هي الأناقة، لكن هناك دائم صوت بداخلنا يصرخ بصوت خافت لكن ملح: والأمان أيضا. في الشتاء تُترجم كلمة أمان في معطف دافئ وواق من المطر، وفي الصيف تترجم في أزياء ترفع من ثقتنا بأنفسنا. يقول المصمم حسين تشالايان، الذي قدم هذا الموسم معاطف صوفية تغطي المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها «أردت من خلاله، أن أقدم للمرأة قطعة تحتويها كليا، وتُغلَفها مثل الشرنقة». أما ستيلا ماكارتني التي قدمت هي الأخرى تشكيلة مبتكرة لمعاطف بطول يتباين بين الركبة والكاحل، بياقات ضخمة، إلى حد المبالغة، لمزيد من الدفء، فقالت إن «الفكرة من المعطف هي إعطاء المرأة الإحساس بالأمان. فهي، أي المرأة، تريد أن تكون محمية من كل العناصر الخارجية مع الحفاظ على أناقتها...فقبل أن أصممها، تخيلت امرأة تتحطم بها الطائرة في غابة، وتفقد كل حاجياتها سوى معطفها، الذي سيتحول إلى وسيلتها الوحيدة للبقاء والعيش، فهو سيمنحها الدفء، الأمان والملجأ». مما لا شك فيه أن معاطف هذه الأيام لم تعد تتوخى العملية فحسب، ولم تعد القطعة التي تغنيك في أيام البرد عن الاهتمام بباقي أزيائك (لم تهتمين بها وأنت ستخفينها تماما؟) هذا على الأقل هو الاعتقاد الذي كان سائدا من قبل. معاطف اليوم أصبحت قطعة أساسية لا تكتمل أناقتك من دونها، بل يمكن القول إنها أيضا أصبحت من القطع الكمالية، خاصة إذا عرفنا أن العديد من النساء لم يعدن يكتفين بواحد طوال الموسم، بل أصبحن يقتنين أكثر من لون ونوع، لمواكبة متطلبات الموضة أولا، ولإرضاء رغبتهن في تنسيق ألوان أزيائهن حسب لون المعطف أو حسب المناسبة ثانيا. لذلك نرى أنه تعدى دوره العملي، وأصبح جزءا من كل، إن لم نقل كلا من جزء في فصل الشتاء على وجه الخصوص. ثم أنه لم يعد لدينا أي عذر نتحجج به، فهناك زخم من التصاميم المتنوعة، التي تتباين بين الكلاسيكي والفني المتبكر لا بد وأن تجد كل منا ما يناسبها منها. أهم ما يميز معطفا عن آخر، إلى جانب التصميم، القماش، الذي يحدد أيضا سعره. التويد، مثلا، ساد هذا الموسم، وعرف انتعاشا كبيرا بتصاميمه التي تستحضر حقبة الخمسينات، بطية الياقة الضخمة، التي صممت خصيصا لتعطيك مساحة تزينينها ببروش كبير. ثم هناك المعطف الواقي من المطر، الذي لا تختفي موضته أبدا، إلى جانب المعاطف المصنوعة من الجلد أو الشامواه، سواء للنساء أو الرجال، هذا عدا عن الفرو الذي أصبح موضة في متناول الجميع نظرا لإتقان غير الأصلي منه وطرحه بألوان وتصاميم شابة تخاطب جميع الفئات والأعمار. بيد أن الكشمير يبقى الخامة التي لا تتأثر بالموضة ولا يخفت توهجها أو قيمتها. كما لا تنسي أن تنتبهي إلى البطانة، التي يجب أن تكون مثبتة بإتقان حتى تعطي معطفك عمرا طويلا، إضافة إلى لونها وتطريزاتها التي قد تضيف إلى لون معطفك الداكن جمالا خاصة عندما يكون مفتوحا. مما لا شك فيه أن المعطف من القطع التي تستحق أن نصرف عليها مبلغا مهما، لأنها قد تبقى معنا عدة سنوات، إذا استثمرناها جيدا. ولتحقيق ذلك علينا مراعاة عدة عناصر، أهمها عنصر التوازن:

ـ إذا كنت قصيرة، فالمعطف الضخم لن يناسبك، وعوض أن تلبسيه سيلبسك. اختاريه بطول فوق الركبة أو تحت الخصر وبقماش خفيف لكن دافء، مثل الكشمير أو فرو الأرنب، كما اختاريه بصف واحد من الأزرار.

ـ فرضية أن المعطف يجب أن يكون واسعا لأننا سنرتديه فوق ملابس صوفية سميكة، فرضية خاطئة إذ يجب أن يكون مفصلا على مقاسنا بدءا من الأكتاف إلى الخصر والطول. أهم نقطة تضعينها في عين الاعتبار عند اختيار معطفك أن يجمع بين العملية والأناقة.

ـ حتى إذا كنت طويلة ورشيقة، من المستحسن أن تختاريه بقماش جيد ومترف، حتى يغنيك عن ارتداء ملابس صوفية سميكة وكثيرة تحته لمحاربة البرد. الفكرة منه هو منحك عنصري الدفء والأناقة في الوقت ذاته. والعنصران لا يكتملان إلا إذا تمكنت من ارتداء ملابس قليلة تحته ـ إذا كنت نحيفة من الصدر وممتلئة تحت الخصر (الشكل الكمثري) عليك بمعطف طويل، مفصل عند الصدر، بياقة أو أزرار كبيرة تبعد النظر عن الجزء الممتلئ من جسمك.

ـ يتميز الشامواه بالاناقة وبلمسة ترف، لكنه للأسف لا يتماشى مع الجو الماطر. فأي بلل يُتلفه ويؤثر على شكله، لذلك فإن أحسن بديل له هو فرو الخُلد، الذي يتميز بمتانته وبزغبه المخملي القصير، الذي لا يتطلب عناية كبيرة به، ويمكن غسله في البيت.

ـ اللون أيضا جزء مهم في عملية التوازن: ـ إذا كنت تريدين معطفا يدوم لعدة سنوات مقبلة، اختاريه بلون كلاسيكي محايد، مثل الاسود، الرمادي، البني أو الأخضر الداكن. أما إذا كنت تريدين معطفا لهذا الموسم، فعليك بجرعة من الألوان المتوهجة مثل البرتقالي، أو البنفسجي أو بنقوشات هندسية مختلفة، قد تكون مربعات أو ورود، كما رأينا في عروض دار ميسوني، أو اختاريها مُطبعة بجلد الحيوانات الدارجة حاليا.

ـ إذا كان لديك معطف قديم لا تستغنين عنه لأنه مفصل على مقاسك، ويُشعرك بالراحة والثقة، لكنك حائرة كيف تضيفين إليه لمسة عصرية، فعليك بالأكسسوارات: حزام ناعم من الجلد إن كنت صغيرة الحجم، أو سميك إن كنت ومعطفك طويلان. كما لا تنسي أن «بروش» مبتكرا يزيده ألقا ويعطيه طابع «الفينتاج» وهو موضة دارجة هذه الأيام. هناك أيضا قطع من الفرو، بألوان شابة وجميلة، يمكنك أن تشبكينها مع ياقتك وكأنها جزء منه، وتتخلصين منها في أي وقت. إضافة إلى القفازات التي يمكن أن تختاريها بلون قوي في لون أحد أكسسواراتك (لا يجب أن تكون بلون المعطف بحيث تمتزج به وتصبح عادية) وأخيرا وليس آخرا عليك بقبعة مبتكرة، من الصوف أو على شكل البيريه الفرنسي، لأنها بلا شك ستعطي إطلالتك لمسة ساحرة وعصرية.

ـ في مناسبات السهرة والمساء لم يعد معطف الفرو الأصلي هو الوحيد الذي يضفي عليك أناقة وفخامة، فقد طرح المصممون أشكالا رائعة منها بخامات تناسب أجواء المساء، من حيث الخامات المستعملة، التي تباينت بين الحرير المقصب، الساتان المبطن والمخمل الملون. ولأنها أرخص من الفرو، يمكنك أن تختاريها بألوان الموضة مثل البرتقالي أو الأرجواني بدرجاته أو حتى الأبيض