لا تشجعي طفلك على الطاعة العمياء لأنها قد تجعل منه تابعا وضعيفا في الكبر

TT

للطاعة حدود.. لكنها في معظم مجتمعاتنا العربية تعتبر معياراً للتربية السليمة الناجحة، على عكس ما يؤكده علماء التربية وعلم النفس، من ان الطاعة العمياء مرض اذا أصيب به الانسان في سنوات عمره الأولى، تحوله في المستقبل إلى شخصية ضعيفة وباهتة لا تستطيع اتخاذ القرارات المصيرية.

هناك فارق كبير بين أن نربي أبناءنا على الطاعة، كنوع من الأدب والأخلاق الحميدة، وأن نصنع منهم شخصيات بلا ملامح ليفشلوا في النهاية على تحمل المسؤولية. وهو ما يسمى في نظريات الاقناع بـ Innerdirected الذي تنبع قراراته من داخله، فالتربية والنشأة الأولى هي مؤشر اتجاه الشخصية وتكوينها، واذا كانت أساليب التربية في المجتمعات العربية تعتمد على غرس الاعتياد على الانصياع، فإن هذه الأساليب ثبت أنها سبب أساسي وراء «ضياع الشخصية»، الذي يُترج في عدم القدرة على اتخاذ القرارات المهمة، سواء التي تتعلق بالحياة الشخصية أو غيرها. ويؤكد الدكتور علي مكاوي، استاذ الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة، هذا الرأي بقوله إن تنشئة الأبناء على الطاعة العمياء، تصنع منهم مواطنين سلبيين عازفين عن المشاركة في الحياة العامة سواء في النواحي السياسية أو ممارسة العمل العام.

ويضيف إلى أن أسلوب التعليم المعتمد على التلقين، يساهم بدوره في تدعيم هذا التشويه للشخصية، اذ يبعد الانسان عن محاولات التفكير والبحث والوصول إلى نتائج.

ويحذر أخصائيو علم النفس من التنشئة الخاطئة، خاصة ما بين سني 8 و15 سنة، ويؤكد الدكتور نبيل نعيم، استاذ علم النفس بجامعة القاهرة، أن على الآباء أن يربوا أبناءهم على حرية التعبير عن آرائهم وخياراتهم، لتدعيم ثقتهم بأنفسهم، لأن الكبت واللوم والعتاب تقلل من شأن الانسان ويولد شخصية ضعيفة، واذا نشأ الشخص على تقبل التوجيه، سيظل تابعاً خاضعاً في كل أمور حياته، وينتظر من يسيطر عليه ويقوده ويتخذ له قراراته حتى في أدق تفاصيل حياته. وقد يصل الأمر به إلى حد الاستمتاع بالانسياق للغير (الماسوشية). لذا على الأسرة أن تتولى مسؤولية التنشئة الاجتماعية منذ الصغر، وأن يدرك الأهل أن الوظائف العقلية والقدرات الانسانية، تبدأ في تحقيق ذاتها في مرحلة الالزام المدرسي.