المشاكل العائلية بين تدخل الأهل وحلول مكاتب الاستشارات الزوجية

TT

من الصعب ألا تمر الحياة الأسرية من دون أزمات، لكن السهل هو إمكانية تجاوزها بقليل من الحكمة والتفكير الايجابي، خصوصا إذا توافرت الرغبة الحقيقية في انهائها. ويؤكد علماء الاجتماع والمهتمون بشؤون الاسرة ان ادارة هذه الازمات فن له اصول ومبادئ، كما ينصحون باللجوء الي متخصصين في هذا المجال، من خلال مكاتب الاستشارات الاسرية التي تهدف الى تقديم يد العون والمساعدة في بموضوعية وعقلانية.

فيما يخص الازمات التي تواجه الاسرة هناك اتجاهين: الاول يحبذ ان يأتي الحل من الداخل ويرفض تماما تدخل أي عنصر خارجي، وهذا الاتجاه يستند إلى ان التجارب الواقعية وتدعمها الابحاث الاجتماعية التي تؤكد ان تدخل الغير يتسبب في تفاقم المشكلة، بدليل أن آخر الاحصاءات الواردة في دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية اكدت ان 30% من حالات فشل الزواج كانت بسبب تدخلات خارجية. كما يناقش اصحاب هذا الرأي أن حل المشكلة داخليا أفضل لأنه يستند الى افتراض دراية اطراف المشكلة بكل ابعادها اكثر من أي عنصر خارجي. لكن رغم المؤيدين لهذا الاتجاه، هناك من يرى العكس وينادي بالاستعانة بالاهل والاقارب كونهم اكثر دراية وخبرة، أو بالمكاتب الاستشارية لأن بها متخصصين في النواحي النفسية والاجتماعية، بل والقانونية اذ لزم الامر.

لكن الدكتورة سوسن الجندي استاذ علم الاجتماع فتحبذ الحل الوسط، وتشير الى ان ادارة الأزمة يتوقف على نوعها وحجمها. فالازمات التي تواجهها الاسرة عديدة ومختلفة، ربما تكون مجرد خلاف بين الزوجين وهذا الامر يتطلب ان يتفهم كل منهما وجهة نظر الآخر، فيحدث كثيرا عندما يهدأ طرفي المشكلة ان يلمتس العذر والمبرر للآخر، وبكثير من الحب والاستعداد للمشاركة في الجلسة تنتهي الازمة دون ان تتطور وتستلزم تدخل الغير.

بينما هناك ازمات من نوع آخر، كأن تفقد الاسرة جزءا من دخلها، يترك الزوج عمله او تعرض الزوجة لضغوط عملها او ان يستوجب الامر ملازمتها البيت لتربية الاطفال أو تعثرهم في الدراسة وغيرها من الأمور التي تتطلب المشاركة في الرأي والبحث بهدوء عن طريقة مناسبة لحلها. كما تتطلب اتباع اسلوب علمي ومنهجي للوصول الى الحل بتحديد المشكلة، تحديد ابعادها، استيضاح تأثيرها علي الاسرة من كافة الجوانب، طرح اكثر من رؤية لحلها من خلال وجهات نظر مختلفة لكل الاطراف الاب والام والابناء، الوصول الي الحل المناسب للجميع، وأخيرا وليس آخرا المشاركة والتعاون في الحل.

من جهة اخرى ترى الدكتورة سوزان عبد المجيد مديرة احد مكاتب الاستشارات والتوجيه الاسري ان الظروف قد تغيرت والمجتمع أصبح مفتوحا، لذا اختلطت المعايير، مما يجعل الاسرة تشعر بالضياع أحيانا، وخاصة اذا كان كل أفرادها من الشباب الذين يفتقدون الي الخبرة والتجربة. في هذه الحالة يجب أن يكون هناك وعي باهمية الدور الذي يمكن ان تلعبه مكاتب الاستشارات الاسرية، وما توفره من خدمات. وتقول الدكتورة سوزان «في بداية عملنا واجهنا تحفظات كثيرة. فالمجتمع الشرقي ما زال يحرص علي عدم البوح بخصوصياته، لكن الأمر تغير وليس معنى ذلك اننا ضد الخصوصية، بل نحن نحترمها لكن ضد ان تنهار الاسرة امام أي ازمة تواجهها، والحل موجود وفي متناول اليد.