دراسة تؤكد أن الطفل المضطَهد يتحول إلى مضطِهد

«أنا أمانة.. ما ني مهانة»

TT

«أنا أمانة.. ما ني مهانة»، شعار حملة توعية كويتية جديدة الهدف منها ترسيخ المفاهيم والقيم المتعلقة بتربية الأطفال والتعامل معهم بشكل صحيح داخل المجتمع، في إشارة واضحة إلى صور الاضطهاد الممارس ضد الأطفال، لا سيما داخل نطاق الأسرة. وهو الاضطهاد الذي يأخذ أشكالا متنوعة قد تكون الضرب المبرح، الإهمال، استخدام الألفاظ النابية، عدم الإشباع العاطفي، أو رفض ذويهم لهم في حالة ما إذا كانوا مصابين بعاهة أو تشوه، وغير ذلك من الحالات المؤسفة التي قد تتعرض لها نسبة كبيرة من الأطفال في أي مجتمع. كما أشارت الحملة إلى دراسة قد تشكل منحى جديدا للتربويين وعلماء النفس، تتمثل في أن 85% من الذين قد اضطهدوا أثناء طفولتهم يمارسون الاضطهاد بشكل أو بآخر تجاه أبنائهم.

ويشير د.علي عسكر، الاستشاري النفسي الاجتماعي والأستاذ المساعد في قسم علم النفس التابع لكلية التربية الأساسية، إلى أن نسبة اضطهاد الأطفال في تزايد مستمر على الرغم من عد تسجيل تزايد الحالات الواردة إلى عيادات الطب النفسي، وهو الأمر الذي يعود إلى سن الطفل وعدم قدرته على الإفصاح أو الشكوى مما يعانيه من اضطهاد ومعاملة سيئة أو الذهاب إلى الجهات المعنية للحصول على المساعدة اللازمة، فضلا على عدم قدرة الجيران أو المحيطين به على تقديم شكوى، خوفا من الوقوع في مشاكل مع ذوي هؤلاء الأطفال.

ويشير د. عسكر إلى أن الاضطهاد الذي يتعرض له الطفل ينقسم إلى نوعين، الأول مادي يتمثل في الضرب المبرح او الحبس أو الحرق إلى غير ذلك من الممارسات غير المشروعة والثاني معنوي وهو الأشد عنفا نظرا لبقاء آثاره النفسية السيئة داخل الطفل فترة طويلة، بل قد تتطور بدورها لتجعل منه إنسانا منحرفا أخلاقيا وسلوكيا في المستقبل. ويتمثل العنف المعنوي في استعمال ألفاظ نابية لدى التحدث معه، أو تفضيل بعض أخوته عليه، لا سيما إذا كان الطفل غير الشقيق، أو إهماله كليا فيشعر انه شخص غير مرغوب فيه. ويزيد الأمر سوءا إذا كان يعاني من تشوه خلقي عند الولادة مثلا، مما يدفع بوالديه إلى الخجل به وإسقاطه من حساباتهما ويشعره بالعزلة والفراغ العاطفي.

ويلاحظ د. عسكر أن نسبة كبيرة ممن يضطهدون أبناءهم قد تعرضوا للاضطهاد في طفولتهم بشكل أو بآخر. ويؤكد أن نتيجة هذه الآثار النفسية والسلوكية قد لا تنعكس على الطفل وعلى أسرته فحسب، بل قد تطال المجتمع بأكمله. وعلى الرغم من كون الأسرة هي البيئة الأولى التي يستقي منها الطفل قيمه ومبادئه، إلا أن هناك جهات أخرى مسؤولة عن عملية التنشئة الاجتماعية للطفل، كما عليها تأهيل الاختصاصيين الاجتماعيين وتدريبهم على كيفية احتواء الحالات التي تتعرض للعنف المنزلي واستيعابها بما يشمل الوقوف على أسباب المشكلة والوصول إلى حل ناجع بالتفاهم مع ذوي الأطفال.

ولم يستثن د. عسكر وسائل الإعلام من المسؤولية، إذ يمكن ان تعلب دورا كبيرا في توعية الأسر بأخطار هذه المشكلة والآثار النفسية التي تتربت عنها.