لوحات من الشوكولاته تخاطب كل الحواس

TT

من منا لا يحلم بأن يتناول وجبة طعام في مكان جميل وهادئ، ومن حوله لوحات فنية تمثل مناظر وأشكالا تفتح «النفس» كما يقال؟ قليلون طبعا، لكن أن تتحول هذه اللوحات نفسها إلى قطع للأكل تفوح منها رائحة الشوكولاتة ويمكن التهامها بعد التمتع بمنظرها، فهذا ما لم يكن يخطر في البال. صحيح أن الفنون جنون، وإن كان بدرجات فهناك من يقطع أذنه (فان كوغ) وهناك من يصل به الأمر إلى محاولة الانتحار (غوغان) لكن ما يثلج الصدر أن هناك من دفعه حب التميز وجنون الشوكولاتة بتحويل هذه الأخيرة إلى وسيلة للرسم. المقصود هنا الرسام الأسترالي اللبناني الأصل سيد شدياق، الذي أراد فنا يخاطب الحواس، بما فيه الشم. وأكد لنا خلال زيارته للندن في طريقه إلى ألمانيا، أن الفكرة رغم غرابتها لقيت رواجا كبيرا في استراليا والولايات المتحدة، وبالذات في نيويورك حيث يقيم حاليا، وحتى باريس عاصمة الموضة، التي قام فيها بتصميم فستان من الشوكولاتة في السابق. قد تبدو فكرة رسم لوحات فنية بالشوكولاتة، للوهلة الأولى أمرا غريبا، خصوصا وأنه يؤكد أنها قابلة للأكل وتتميز بنكهة لذيذة، كونه يستعمل نوعا بلجيكيا جيدا منها، يزوده بها باري كالابوت المعروف، مجانا اعترافا منه لموهبة شدياق ورغبة منه لدعم فنه اللذيذ. ويعلق شدياق أنه في حال أراد الشخص الاحتفاظ بلوحاته كقطع فنية، فهذا أيضا ممكن لأنها لا تذوب بفضل استعماله الكثير من زبدة الكوكو، التي تحافظ عليها أطول فترة ممكنة، إضافة إلى أسرار مهنة لا يريد البوح بها. تولدت الفكرة لدى سيد خلال دراسته في معهد جوليان أشتون للفنون بسيدني استراليا، إذ كان حلم التميز يراوده ويلح عليه، ورغم أنه تخصص في الرسم بالزيت أصلا، إلا أنه في زحمة العباقرة الذين اعتمدوا هذه الوسيلة، شعر أن صفة التميز قد تراوغه بعض الشيء، ومن هنا جاءته فكرة الرسم بالشوكولاتة «أردت دائما أن أكون فنانا عظيما ومختلفا، وبعد تفكير قلت مع نفسي إن الكل يحب الشوكولاتة، فلم لا تكون وسيلتي للرسم؟»، وهكذا كان، ونال أول عرض اقامه في نيويورك عام 2003 إعجابا كبيرا، مما شجعه أن يعرض في أماكن أخرى من العالم. يعتمد في أسلوبه على تذويب الشوكولاتة البيضاء التي يستعملها كأرضية للرسم بدل القماش (الكانفاس) ثم يخلطها بالألوان ليرسم عليها «بورتريهات» لشخصيات معروفة، أمثال مارلين مونرو، أوبرا وينفري، جبران خليل جبران، الذي كان له تأثير كبير عليه ولا زال يشده إلى جذوره اللبنانية بقوة، أو مناظر من الحياة. المشكلة كما يشرح شدياق أنه بمجرد أن تذوب الشوكولاتة، عليه أن يسرع في الرسم حتى لا تتجمد فينتهي بالتهامها، وهذا ما كان يقوم به دائما في بداية عمله، لكنه مع الوقت تعلم أن يقاوم إغراءها، وأن يتعامل معها كأداة للرسم وليس كأدة للذة. www.chocolatepainter.com