طفلك يشعر بالغيرة من إخوته؟ إليك كيف تتعاملين معه

TT

تعتبر الغيرة إحدى المشاعر الإنسانية الطبيعية لدى الإنسان عموما، ولدى الأطفال بشكل خاص. فالقليل منها يشكل له دافعاً نحو التطور والمنافسة، لكن الكثير منها يفسد حياته وحياة من حوله، لا سيما عندما تنجم عنها تصرفات عدوانية وأنانية، الأمر الذي يستدعي ان تتوقف عائلته لمعرفة دوافع هذه السلوكيات وكيفية علاجها.

يرى المتخصص النفسي، روحي عيدات، بأن الغيرة لدى الطفل تعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية: الأول، يظهر عندما يقترب موعد ولادة الطفل الثاني في الأسرة، حيث يشعر بتراجع مكانته عند والدته وابتعادها عنه، خصوصا خلال فترة مكوثها في المستشفى، ولا يتحسن الأمر عند عودتها إلى البيت، لأنها تكون مُجهدة ومرهقة، وهو ما لا يتفهمه الطفل الذي يريد ان يأخذ جرعته من الحنان الذي افتقده، ولأنها تشعر أنها تحتاج للعناية بالمولود الجديد أكثر، ثم يأتي دور باقي الأهل والاصدقاء في مضاعفة إحساسه بالغربة وعدم الأهمية، فالكل يهنئ وسعيد بالضيف الجديد، الذي تتسلط عليه كل الأضواء والقبلات التي كانت من نصيبه في السابق. الثاني، يتمثل في ضعف الثقة بينه وبين من حوله، فضلا عن ضعف أو عدم ثقته بذاته وبقدراته، مما يؤدي به للشعور الشديد بالغيرة، كونه ينظر إلى الآخرين دوماً بأنهم أفضل منه، ولا يستطيع إدراك أو اكتشاف قدراته الشخصية، التي يتميز بها عنهم، خاصة إذا كان يعاني من إعاقة أو من مرض ما.

الثالث، يتعلق بالتمييز في المعاملة بين الأبناء، مما يخلق جوا من الغرور عند البعض منهم، ويثير حفيظة وغيرة البعض الآخر. وقد تظهر أعراض هذا التمييز في صور مختلفة، قد يكون بعضها التفضيل بين الإناث والذكور، وبعضها إعطاء امتيازات للطفل عندما يكون مريضاً أو معاقاً، مما يثير غيرة الأخ المعافى وتمنيه للمرض أحياناً فضلا عن كراهيته للطفل المريض. أما الإشارات التي يجب أن ينتبه لها الآباء فعديدة، منها حالة التبول اللاإرادي، التي لم تكن موجودة من قبل. وهذا السلوك قد يكون محاولة لا شعورية للفت الانتباه والمطالبة بحقه من الاهتمام، وهو بذلك كمن يتمنى العودة إلى المرحلة العمرية السابقة، لتعتني به أمه كما تعتني بأخيه الصغير، إضافة إلى التقلب المزاجي وعدم الرضا بالهدايا التي يتلقاها من المحيطين به، بغض النظر عن قيمتها، لأنها لا تعوضه عما فقده من حنان، وإن قبلها فيكون ذلك وقتياً. المطلوب من الأم في هذه الحالة، أن تبذل كل المحاولات لجعل طفلها سعيداً وراضياً عن نفسه وعن المحيطين به، وذلك عن طريق تحاشيها التأنيب والعقاب، الذي قد يزيد المسألة تعقيداً، حتى عندما يقوم ببعض التصرفات غير اللائقة تجاه أخيه، لأن الهدف هو تشجيعه على مساعدة الأم على العناية بالأخ الصغير، بدلاً من أن نعزله عنه فنربي بينهما الكره منذ الصغر. من الخطوات الأخرى التي يمكن اتباعها للتقليل من إحساسه بالغيرة: ـ إشراكه في مهمة التمهيد لاستقبال المولود الجديد، حتى إذا ما جاء هذا الأخير، شعر أنه ليس منافساً له بقدر ما هو ونيس، فضلا عن «الاقتصاد» في إظهار الحب والعطف الزائد للمولود الجديد، خاصة أمام إخوته. ـ ترسيخ فكرة أنه أصبح كبيراً ناضجاً ويمكن أن يعتمد عليه في رعاية أخيه الصغير، في ذهنه، خاصة أنه سيكون قدوته الذي يتعلم منه في المستقبل، أو بتوليد المنافسة الايجابية في نفسه للوصول إلى الأفضل على ألا تصل المنافسة لمستوى الصراع، وعلى شرط عدم المقارنة بينهمم، مع ضرورة احترام قدرات كل منهم على الرغم من اختلافها.

ـ مراعاة الوالدين التقليل من مدح بعض الأبناء على حساب آخرين، لان لكل طفل شخصية مستقلة، لها مزاياها واستعداداتها الخاصة، ومن الواجب احترامها وتقديرها في معظم الأوقات، وعدم استثارة المقارنات الفردية المؤدية إلى الغيرة، وهذا لا يمنع بالطبع من إظهار النواحي الطيبة ونقاط القوة لكل منهم، ومحاولة تنميتها وتغذيتها. ـ الحرص على مبدأ المساواة في التعامل بين الذكور والإناث، لأن التفرقة تثير الغيرة وتؤدي إلى الشعور بكراهية البنات للجنس الآخر في المستقبل، بالإضافة إلى عدم المبالغة في إغداق امتيازات كثيرة على الطفل المريض فتجعله يتمارض أكثر ويثير الغيرة في إخوته نحوه.