الجلابية الخليجية .. عين على التراث و أخرى على المستقبل

TT

ما أن يحل شهر رمضان حتى تبادر معظم محلات الأزياء النسائية في دول الخليج عامة والسعودية خاصة بطرح تشكيلات متنوعة من الجلابيات الخليجية، حتى تفي بطلبات المرأة المتزايدة في هذا الوقت تحديدا. واذا كانت الشابات في الماضي يحاولن تجنب الجلابية قدر الإمكان، بحيث كان استعمالها المكثف يقتصر على الناضجات بقطعته الواحدة الفضفاضة، إلا ان الوضع تغير الآن، فقد أصبحت الجلابية الخليجية أكثر من مجرد ثوب مكون من قطعة واحدة، بعد أن تم تطويرها وإدخال تصاميم مبتكرة عليها، لتتحول إلى زي مثالي لكل الأوقات والمناسبات، يقوى حضورها مع حلول رمضان والعيد، وتحتدم المنافسة عليها بين الشابات والاكثر نضجا.

سبب هذا التحول ليس مجرد عادة رمضانية، لأن الجلابية بشكلها الحالي، توفر فعلا كل ما تتوخاه المرأة منها، بدءا من الاحتشام إلى الأناقة والعملية، تماشيا مع متطلبات هذا الشهر الفضيل من الناحيتين الاجتماعية والروحانية. بالإضافة إلى ذلك أصبحت المرأة ترغب في نوع من التغيير والتميز من خلال العودة إلى التراث والأصالة العربية، وهذا ما اشارت إليه وفاء محمد، موظفة في القطاع الخاص بقولها: «حتى في أماكن العمل نعمد إلى ارتداء الجلابية العصرية التي نجد في تصاميمها ما يناسب أذواقنا وأهواءنا».

وطبعا لا يمكن إنكار أن التصاميم المبتكرة اهم عنصر جذب للشابات، وهو ما أكدته لنا عهود عبدالله، طالبة جامعية، بقولها انها باتت وصديقاتها يتنافسن على اقتناء مختلف الموديلات منذ تحول الجلابية للتصاميم الشبابية وإدخالها لمسات غربية عليها، ومحاكاتها لصرعات الموضة الموجودة في الساحة العالمية من حيث الألوان والأقمشة، وتضيف عهود: «كان للمجوهرات والإكسسوارات الشرقية، التي تتماشى مع الجلابية، فضل على إدخال تصاميم من حضارات أخرى كالهندية والصينية وغيرهما، ودور كبير في زيادة نسبة إغرائها للشابات، خصوصا في هذا الشهر الكريم الذي تكثر فيه الزيارات العائلية، كما أننا بارتدائها نحاكي ملابس ممثلاتنا الخليجيات المفضلات في المسلسلات الرمضانية». وترى مصممة الأزياء السعودية سارة بكر بعدا آخر لإقبال النساء على الجلابيات في رمضان حيث تقول: «يعد ارتداء الجلابية تقليدا رمضانيا لدى الكثيرات، وهو ليس بالأمر الجديد، فهو متعارف عليه منذ أكثر من 20 سنة، فالجلابية تتميز بأنها خفيفة وواسعة وتربطنا بالماضي الجميل، وذلك ما زاد من إقبال الأمهات وبناتهن على حد سواء، لكن الجديد أن البعض منهن يذهب إلى حد طلب وتفصيل تصاميم وموديلات خاصة بهن، يمزجن فيها بين التراث والأفكار العصرية بحثا عن التميز والتفرد».

وتتابع المصممة سارة بكر: «بالنسبة لي فإني احرص على تقديم تصاميم خفيفة تناسب كل الأيام، بحيث يمكن الاستفادة منها في هذا الشهر الفضيل وبعده، لأني اعتمد على مزج التراث بالحديث، مثلا استوحيت من الطبيعة الصحراوية تصاميمي الأخيرة كرمز لتراثنا وتقاليدنا. بالنسبة للألوان فقد اخترت ألوان الأخضر والأحمر، بينما ادخلت اللون الأبيض كلون جديد في الأزياء التراثية، وركزت في تصاميم الشابات على الألوان الفاتحة والمشرقة كالأخضر التفاحي والفيروزي وكذلك الفوشيا والبرتقالي والأحمر، كما لم اقتصر على القطعة الواحدة، بل طرحت بلوزات طويلة تلبس فوق الثوب أو البنطلون أو حتى التنورة».

سارة بكر ليست الوحيدة التي أدخلت تجديدات عصرية على الجلابية التقليدية، فأمينة الجاسم بدورها قدمت خيارات تراثية للشابات من خلال مجموعة كاملة اعتمدت فيها الربطات على الخصر و«البلايز» الطويل المصمم بطريقة تراثية. وتعزو الجاسم اهتمامها بالتجديد إلى محاولة جذب الشابة للبيئة العربية وربطها بجذورها العريقة.

اشتملت أزياء الجاسم على مجموعة كلاسيكية تتدرج من البساطة إلى الأكثر الفخامة للمناسبات الكبيرة، كما تتنوع أقمشتها ما بين الحرير والشيفون، ومجموعة ثراثية مستوحاة من أزياء الجدات تعرف إقبالا كبيرا في رمضان بالذات، لما توفره للمرأة من راحة وأناقة، وهو ما تبحث عنه المرأة.

وللدلالة أسمت مجموعتها هذه الثوب العربي مبتعدة عن تسميته المغلوطة بالجلابية. وترجع مينة الجاسم السبب إلى كون الثوب العربي يتميز بحيز كبير من الفخامة والأناقة أخرجته من نطاق «الجلابية»، المفردة المصرية التي ترمز لما يلبس يوميا ويتميز بالبساطة الشديدة.

* الجدير بالذكر انه منذ حلول شهر رمضان استضاف عدد من محلات الأزياء الشهيرة في الخليج مجموعة من مصممات الجلابية الشهيرات في البلدان العربية ومن أهمها المعرض الذي تستضيفه محلات هارفي نيكولز بالرياض ويضم مجموعة من ألمع المصممات العربيات للجلابية والقفطان، حيث يشارك في المعرض كل من المصممات: كبرى القصير من البحرين، كلوديا شمس ونهى المنصور من الكويت، أمينة الجاسم وسارة بكر من السعودية ولابيش من أبوظبي.

كما يصاحبه معرض مجوهرات اختيرت لتتناسب مع أزياء الجلابيات ويضم تصاميم لكل من جيهان علامة من لبنان، كافيتا بهل من الهند، مجوهرات طارق الفتيحي ومجوهرات سارة من السعودية.

وعن سبب الاهتمام الذي توليه هارفي نيكولز للجلابية، اجابت زينة الأطرش، مشرفة التسويق بالمحلات بانه في هذه الفترة تحب المرأة السعودية العودة إلى الزي التقليدي لما يتيحه لها من راحة، فهو واسع وأنيق ومتعدد التصاميم والألوان والخامات، وبالتالي يشكل عنصر جذب مهما للمرأة، عدا أنه يزيدها جاذبية شرقية لا يعلى عليها.