صوفي ضحية كذبة صحافية غير مقبولة

TT

نجحت صحيفة بريطانية شعبية في التحايل على صوفي ريس جونز كونتيسة ويسكس زوجة الامير ادوارد ابن الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، ودفعتها لابداء آرائها حول عائلة زوجها المالكة وعدد من الشخصيات السياسية البريطانية. وتظاهر الصحافي الذي نفذ هذه المؤامرة بأنه احد الشيوخ العرب الساعين الى التعامل مع شركة العلاقات العامة التي تعود ملكيتها الى الكونتيسة، وتبلغ قيمة العقد «المزعوم» حوالي نصف مليون جنيه استرليني.

ومن وجهة نظري، من ناحية عامة، فان لجوء اي صحيفة الى الكذب امر حقير ويتجاوز اخلاقيات هذه المهنة. ولم يكن الهدف من وراء افتعال هذه القصة الحصول على معلومات من صوفي تهم البشرية، ولكن مجرد اقاويل مثيرة حول العائلة المالكة واحراج صوفي بالنتيجة. من هنا فاني ابدي تعاطفي الشديد مع الكونتيسة.

في المقابل، ورغم ان ما يلي قد يبدو مجحفا، اعتقد ان الكونتيسة باختيارها الابقاء على شركة العلاقات العامة التي تملكها جعلت نفسها عرضة للاتهامات التي تقول بانها تستخدم الحظوة الملكية التي تتمتع بها لدعم مصالحها التجارية.

ولنكن صرحاء فان شركات العلاقات العامة تهدف الى زيادة قيمة الشركة في اعين الناس. وعادة ما يتطلب تحقيق ذلك جهدا طويلا ومتعبا، فوسائل الاعلام لا تهتم عموما بالكتابة عن الاشخاص او الشركات المغمورة. ولهذا فان شركات العلاقات العامة تنفق الساعات الطوال في اقناع محرر كتابة خبر ولو صغير عن احد المتعاقدين معها. ومن هنا فان وضع صوفي كفرد من افراد العائلة يخدمها الى حد كبير في تحقيق اهداف شركتها. فليس من محرر في اي جريدة سيرفض الرد على مكالمة منها، كما ان المشاهير والشخصيات المهمة ستحضر اي حفل استقبال تعده للمتعاقدين معها، مما يعني حضور وسائل الاعلام وبالتالي تغطيات اعلامية للمتعاقدين. وهذا يعني حصول صوفي على اتعابها والمتعاقد على الظهور الاعلامي الذي ينشد.

غير ان قدرا من الانتقاد بات يتنامى بين صفوف البريطانيين تجاه الفكرة التي تجعل اي شخص من العائلة المالكة يبدو ناجحا مهنيا او تجاريا هدفا مشروعا للانتقادات. ويصعب التكهن بان الشركات او الافراد ستظل على تعاملها مع صوفي في مجال العلاقات العامة لو انها كانت شخصية عادية تعمل في هذا المجال. وتجدر الاشارة هنا الى انه ورغم لقبها الملكي وعلاقاتها العامة فان شركة الكونتيسة صوفي لا تعتبر ناجحة تجاريا. ولهذا قد يلجأ الزبائن لشركتها بسبب اسمها اول الامر، غير انهم ربما يقررون بعدها الحصول على خبرة مهنية افضل من شركات اخرى.

وسبب اثارتي لهذا الموضوع، ان هناك جيلا جديدا من ابناء وبنات المشاهير الذين يشقون حياتهم بسهولة اكبر من غيرهم بسبب شهرة ابآئهم وامهاتهم، غير ان هذه الميزات مثل سيف ذي حدين. فشخصية مثل ستيلا، ورغم ما حققته من نجاح مع دار «كلوي» للازياء التي انتقلت منها أخيرا الى دار «غوتشي»، ما تزال عرضة للاشارات التي تنال من موهبتها كمصممة للازياء، وربط ما حققته من نجاح بشهرة والدها مغني فرقة «البيتلز» السير بول مكارتني. وهنا يمكن المحاججة من جديد على انها ما كانت لتحقق هذا النجاح سريعا لولا انها تحمل اسما معروفا.

وما اود قوله في هذا المقام ان عموم الناس تنساق وراء تبرير نجاحات ابناء المشاهير بسبب اسماء اهاليهم، ولا يرجعونه للفرد الذي يحمل هذا الاسم المعروف ببساطة، وطالما اننا جميعا كمستهلكين او زبائن ظللنا ننجر وراء الاسماء المعروفة عندما نشتري او نقرأ كتابا او نتعامل مع شركة او محل، فسيظل سوق حملة «الاسماء المعروفة» رائجا.