أول عيادة تجميل في العالم .. كانت في المغرب

سمعة عالمية محاطة بسرية تامة

TT

لم تحظ عمليات التجميل بهذا الاهتمام الشعبي والاعلامي الكبير، الا في السنوات الاخيرة، حيث انتقل الهوس بالمظهر والشكل الى جميع الفئات بعدما كان محصورا في فئة المشاهير الذين يعتبر مظهرهم رأسمالهم الذي يراهنون عليه للبقاء تحت الاضواء مدة اطول، بل ان العمليات التي اجراها بعض المشاهير اصبحت «علامة فارقة» في حياتهم وموضوعا للسخرية والتندر احيانا، مثل صدر الممثلة العالمية باميلا اندرسون، وانف مايكل جاكسون الذي خضع للترميم اكثر من مرة، بل حتى السياسيون لم يسلموا من هذه الموجة، فرئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني كان حديث الصحافة العالمية قبل عام، عندما تسربت معلومات عن اجرائه عمليات تجميل في احدى المصحات بباريس لازالة التجاعيد حول عينيه، وكذا عملية زرع الشعر، استعدادا لخوض الانتخابات.

واذا كان اطباء التجميل يؤكدون ان هذه الجراحة كانت وما زالت منتشرة بين جميع الفئات، الا انه لا يمكننا انكار الدور الذي لعبه هؤلاء المشاهير في زيادة الاقبال عليها اعجابا او رغبة في التشبه بهم من طرف عامة الناس.

في المغرب، جراحة او عمليات التجميل لا تحظى بصيت اعلامي كبير، ليس لانها غير متداولة بين الناس، بل بسبب طابع السرية والتكتم اللذين يرافقانها، بالرغم من ان هذه الجراحة عرفت في المغرب منذ الخمسينات، واول مصحة تجميل في العالم كان مقرها في المغرب وتحديدا في مدينة الدار البيضاء، حسبما أكد لنا الدكتور رشيد السلاوي احد اشهر جراحي التجميل في المغرب ورئيس الجمعية المغربية للتقويم والتجميل التي تضم اربعين طبيبا هم عدد الجراحين المغاربة المتخصصين في هذا المجال.

ويضيف السلاوي ان «المغرب يحتل مكانة رفيعة في مجال جراحة التجميل، ليس على صعيد العالم العربي والافريقي فحسب، بل على الصعيد الدولي ايضا، كون جراحة التجميل عملية قديمة جدا في المغرب، ويمكنني القول انها وجدت في المغرب في الوقت الذي لم تكن قد عرفت في بعض الدول الاوروبية».

هذه المكانة المرموقة للمغرب، جعلته يحظى بسمعة طيبة في المحافل الدولية، وهي مكانة معروفة على الصعيد العالمي اكثر منها على المستوى المحلي والعربي. ويفسر السلاوي قلة عدد الجراحين المغاربة المتخصصين في هذا الصنف من الجراحة، الى صعوبة وطول مدة التكوين في هذا المجال، «فلابد من دراسة الطب العام، ثم دراسة الجراحة العامة، ثم جراحة التقويم، ثم جراحة التجميل، أي ان الطبيب يقضي عشرات السنين لكسب التجربة والخبرة، لكن هذا لم يمنع المغرب من اكتساب سمعة طيبة في هذا المجال شجعت العديد من الاجانب للقيام بعمليات مهمة فيه، قادمين من دول اوروبية مثل فرنسا وسويسرا وبلجيكا والمانيا واسبانيا، ومن دول افريقية مثل موريتانيا والسينغال، ومن كندا ايضا. ولا شك ان وسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت ساعدت على تسهيل التواصل بين الراغبين في اجراء هذه العمليات من جميع انحاء العالم، وإن كانت نسبة العرب من دول الشرق الاوسط ما زالت قليلة». ويتابع الدكتور السلاوي ان «هذه العمليات ناجحة في المغرب لأنها تكون على يد متخصصين وخبراء. ففي فرنسا مثلا يوجد اكثر من 4500 طبيب تجميل، لكن عدد المعترف بهم رسميا من طرف هيئة الاطباء والحكومة الفرنسية، لا يتعدى 600 طبيب، أي ان هناك حوالي 4000 طبيب غير مؤهلين للقيام بتلك العمليات، بينما الاربعون طبيبا الموجودون في المغرب كلهم مؤهلون، ولديهم الكفاء والخبرة المطلوبة، لذلك فهي مضمونة النتائج اكثر من اي مكان في العالم».

والى جانب كفاءة الجراحين المغاربة، هناك عامل آخر مشجع وهو التكلفة المعقولة مقارنة بالخارج، لأنها تأخذ بعين الاعتبار مستوى الدخل والقوة الشرائية للمواطن المغربي.

وتتراوح الأسعار ما بين 30 و3000 دولار حسب نوع العملية. فتجميل الانف واستئصال المرارة، مثلا، تجريان بنفس التكلفة وهي حوالي الف دولار، لانهما تستغرقان نفس المدة الزمنية، وتتطلبان نفس المجهود الطبي.

واذا كان الفنانون العرب، سواء المصريين أواللبنانيين، قد أصبغوا على عمليات التجميل نوعا من الاثارة، فإن الامر مختلف تماما في المغرب، لأن الصحافة المغربية لا تتعامل مع الموضوع بنفس الطريقة المثيرة، ربما لانها تعتبرها شأنا خاصا، او لان «نجومية» الفنانين المغاربة لا تثير الفضول بنفس الدرجة التي تحصل في الغرب.

وفي هذا السياق يوضح الدكتور السلاوي انه من الخطأ الاعتقاد ان هذه العمليات تقتصر على المشاهير او الاثرياء، لأن الواقع يثبت عكس ذلك «كل ما في الأمر أن الأشخاص العاديين مغمورون، وبالتالي لا يتم تداول اخبارهم في الصحف والمجلات.. وكل ما علينا هو ملاحظة ان جراحات التجميل تمارس بكثرة في النصف الجنوبي من الكرة الارضية، رغم ان دول الجنوب اقل ثراء من دول الشمال، فهي موجودة في المغرب واميركا الجنوبية والبرازيل وفي جنوب اوروبا مثل اسبانيا وفرنسا، اما في الدول الاسكندنافية، فلا وجود لها تقريبا».

وسألنا الدكتور حسن بوعياد الاختصاصي في جراحة التقويم والتجميل، لماذا يتعامل المغاربة بسرية تامة مع موضوع عمليات التجميل، وكان رده ان السبب يعود الى الطابع المحافظ الذي يتميز به المجتمع المغربي، بالاضافة الى ان هناك من يرفض عمليات التجميل لاسباب دينية.

أما بالنسبة للمضاعفات الجانبية، فيشير بوعياد انها نفس المضاعفات التي يمكن ان تنتج عن أي عملية جراحية اخرى «لكن يجب على جراح التجميل شرح هذه المضاعفات والنتائج للزبون من دون أي مبالغة، حتى لا تحدث صدمة نفسية اذا لم تكن النتيجة كما توقع في خياله. وهنا أخص النساء بالقول ان لا يصدقن المسلسلات المصرية التي تظهر فيها سيدة تعرض وجهها للتشويه، فتجرى لها عملية تجميل، وبمجرد ازالة الضمادات عن وجهها تبدو فاتنة ورائعة الجمال. هذه مبالغات وخرافات، فعمليات التجميل تتطلب التضحية والانتظار والصبر قبل أن تظهر النتيجة النهائية».