دراسة: أطفال الحضانة أكثر عدوانية .. والأمهات يتساءلن: هل نترك وظائفنا؟

TT

من أكثر المشاكل والعقبات التي تواجه الأم العاملة إيجاد مكان يأوي صغارها في فترة دوام عملها. فإذا لم يجد الأبناء بيت إحدى الجدات للمكوث فيه خلال فترة غيابها، فلا مفر أمامها من اللجوء لإحدى الحضانات التي انتشرت في كل مدن مصر، وبخاصة القاهرة التي يزداد فيها عدد الأمهات العاملات، إلا أن إحدى الدراسات الاجتماعية التي أجريت أخيرا في القاهرة على نحو 1100 طفل من أبناء الأمهات العاملات، كان نصفهم من الذين يمكثون في أحضان الجدة، ونصفهم الآخر من مرتادي الحضانة، أكدت أن أطفال الحضانة أكثر عدوانية من غيرهم بنسبة 17%. كما أكدت الدراسة أن الأطفال الذين يمكثون أكثر من 30 ساعة في الأسبوع بعيدا عن أحضان أمهاتهم أكثر ميلا للشجار والعنف من أقرانهم الذين يتمتعون بأحضان أمهاتهم لفترات أطول.

هذه الدراسة أزعجت الكثير من الأمهات اللاتي تساءلن عما يمكن ان يفعلنه إذا كانت ظروف الحياة تضطرهن للعمل والغياب عن الأبناء؟ حملنا هذا التساؤل إلى الدكتور هاني السبكي، استشاري الطب النفسي، الذي أجاب: «لا شك أن الطفل يكون أكثر أماناً وإحساساً بالطمأنينة، وهو بجوار أمه، وهو ما ينعكس على شعوره تجاه العالم المحيط به، إلا أن غياب الطفل عن والدته لعدد محدود من الساعات كل يوم لا يعني بالضرورة اكتساب الطفل سلوكا عدوانيا، بل قد تغني عالمه وتجعله اجتماعيا أكثر، وبخاصة إذا استطاعت الأم تعويض غيابها عن طفلها من خلال اللعب أو القراءة أو مشاركته وقت فراغه بعد عودتها من العمل».

وتابع: «أعتقد أن القضية تتعلق بالكيف لا بالكم، بمعنى الكيفية التي تقضي فيها الأم وقتها مع طفلها، لا عدد الساعات، بدليل ان هناك أمهات لا يعملن ولكنهن فاشلات في تربية أطفالهن والعكس صحيح. والحقيقة أنني أرفض فكرة التصنيف في معاملة الأطفال، فمثلا نقول: أبناء الأم العاملة، أبناء الأم التي لا تعمل، أبناء الحضانة وغيرها من العبارات، ففي رأيي أن الأم أم، وتستطيع أن تمارس دورها بنجاح إن أرادت سواء كانت تعمل أو تقوم بالإشراف على البيت، المهم أن تتأكد من أسلوب تعاملها مع أبنائها ومعرفتها بكل صغيرة وكبيرة في حياتهم وإلمامها بمشاعرهم وما تنطوي عليه».

من جهتها، تؤكد الدكتورة منال عمر، استشارية طب نفسي أطفال «ان عدوانية الأطفال لها أسباب كثيرة منها أن يكون الطفل وحيد أبويه، واعتاد على التدليل من دون أي محاولة لضبط سلوكياته والتحكم فيها. كما قد يكتسب العنف من بعض البرامج التلفزيونية التي يتابعها الأطفال هذه الأيام، والتي تدعم هذا السلوك لديهم.

ليس هذا فقط، يجب علينا الاعتراف أن بعض المشرفات في حضانات الأطفال غير مؤهلات للعمل في دور الحضانة ومتابعة الصغار، وبالتالي تنعكس سلوكياتهن على الأطفال الذين يحتكون بهن لساعات طويلة، وهنا أوجه حديثي للأم العاملة أن تتأكد من نوعية الإشراف الموجودة في الحضانة التي تترك فيها طفلها.

كما أن عليها أن تتحاور معه كثيرا عند عودته من الحضانة لتعرف ما يحدث له أثناء غيابه عنها، ولتقوم بعملية تقويم أي مشاعر أو سلوكيات خاطئة بدلا من أن تتراكم بداخله وهي لا تشعر به. على سبيل المثال، بعض الأطفال من الذين يودعون دور الحضانات يشعرون بالإهمال وأن والدتهم تتركهم لأنها لا تريد المكوث معهم، هؤلاء الأطفال بحاجة إلى فهم حقيقة الوضع وسماعه من الأم بأسلوب لطيف، كأن تعترف لهم أنها تشعر بالضيق والحزن لابتعادها عنهم، وأنه لولا عملها الذي تحتاج إليه الأسرة لمكثت معهم طوال الوقت، وكيف أنه يساهم هو الآخر بمكوثه في الحضانة في إسعاد الأسرة التي يتحمل كل عضو فيها مسؤولية محددة، إلى جانب عبارات التدليل والحب التي تعوض الطفل ساعات غياب والدته عنه وتجعله يشعر باهتمامها به وحبها له.