الـ«شورتات» تتسلل إلى خزانة الرجل

شابة من حيث المبدأ .. كلاسيكية من حيث التصميم

TT

في الوقت الذي لا تتحرج فيه المرأة من تجربة أية صرعة جديدة، فإن الرجل، عموما، ما زال أقل جرأة وأكثر تحفظا، سواء تعلق الأمر بالصرعات او الألوان بل وحتى بعض الأقمشة التي قد يراها خاصة ببنات حواء، وفي حال استجمع شجاعته وجرَّب قطعا جديدا فإنه يجربها في أمكنة معينة تفاديا لأي انتقاد أو «كبوة» أناقة. وأكبر دليل على هذا الأمر تعامله مع البنطلون القصير أو «الشورت» أو ما يعرف ايضا بـ«البرمودا» الذي ظل زمنا مقتصرا على الشواطئ أو بعض النزهات الجبلية قبل أن يبدأ في التسلل إلى خزانته اليومية بخجل بسبب حاجته الملحة إليه نظرا لارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في السنوات الأخيرة. فمما لا يختلف عليه اثنان هو انه، أي الشورت، اصبح الآن قطعة موضة أساسية بالنسبة للمرأة تلبسها في أماكن العمل كما تلبسها في الشوارع والشواطئ، نظرا لتصميماتها الأنيقة المطعمة بالكلاسيكية ولأقمشتها التي يمتزج فيها الحرير مع الكتان، والتويد مع الجرسيه إلى نقوشاتها الخفيفة التي جعلتها تنافس التنورة في أنوثتها واناقتها، إلا ان «الشورت» بالنسبة للرجل ظل وما زال أمرا يخضع للشد والجذب بين موافق وغير موافق عليه في المدن وأماكن العمل، خصوصا في بعض المناطق التي لم يتحرر فيها الرجل تماما من قيود الرسمية وبالتالي ما زال محروما من ارتدائه في العديد من الأماكن. فحتى عهد قريب كانت فكرة ان نرى رجلا انجليزيا يلبس الـ«شورت» في شوارع لندن امرا نادرا، ولا نقصد هنا فئة الشباب أو البوهيميين، بل فئة رجال الأعمال الذين تفرض عليهم أعمالهم ومناصبهم قيودا لا مفر منها، لكن زائر لندن في أيام الصيف، حيث تصل الحرارة إلى اكثر من 37 درجة، لا بد أن تثير انتباهه بعض النماذج من الرجال في بذلات رسمية يلجأون إلى ثني بنطلوناتها إلى الركبة ليفسحوا المجال لأرجلهم بالتنفس بعض الشيء وينعتقون من الحرارة الخانقة، وبهذا يضربون بالقيود والرسميات عرض الحائط، ولسان حالهم يقول ان الراحة تأتي قبل الأناقة. وإذا كان هذا المظهر واضحا للعيان، فهو بلا شك صارخ بالنسبة للمصممين الذين يعتبرون ان جزءا من مهمتهم وعملهم ان يلتقطوا حاجة السوق ويلبونها بشكل أو آخر. فقد تلقفوا هذه الحاجة وبدأوا منذ ما يقرب العامين بطرح تصميمات متنوعة من «الشورتات» لموسم الصيف لكنها تخاطب عدة مناسبات. وحتى عروض الأزياء لصيف 2007، التي شهدتها كل من ميلانو وباريس في الأسابيع الماضية، كانت سخية جدا بهذه القطعة، التي إذا كانت في السابق تتسلل بخجل إلى خزانة الرجل، فهي حتما ستقتحمها بقوة من الآن فصاعدا من باب الحاجة والعملية أولا، ومن باب العصرية والحداثة ثانيا. من أهم المصممين الذين طرحوا مجموعة متكاملة منها المصمم البريطاني نيل بارات، الذي عمل سابقا كمصمم فني في دار «برادا» واكتسب خبرة طويلة في مجال الأزياء الرجالية. الجميل في مجموعته انه نجح في تنسيقها بشكل يرضي كل الأذواق، فهي تتناغم مع «تي ـ شيرت» كما تتناغم مع جاكيت توكسيدو وربطة عنق، وبهذا خرجت من حصار الإجازات إلى المناسبات «النصف» رسمية. يقول بارات ان حجم الإقبال شجعه على طرح المزيد من «الشورتات» هذه السنة «فالرجل اصبح اكثر اهتماما بمظهره، وبالتالي فهو يحرص على أناقته أينما كان، ولا يستثني العطل والإجازات من هذه الحسبة، لا سيما أنها تكون الفترة التي يلتقط فيها صورا كثيرة لنفسه كذكرى، وبالتالي يريد ان يكون فيها متألقا حتى يستعرضها بفخر لسنوات مقبلة». ويتابع بارات أن «الرجل لا يحتاج عموما إلى اكثر من شورت واحد، فلم لا يختاره من نوعية جيدة ويصرف مقابل ذلك مبلغا معقولا؟». لكن بالنسبة للرجل الذي يصاب بالملل بسرعة ويحب التغيير فإن بارات ينصحه بالإخلاص لتصميم واحد يكون مناسبا لجسمه على ان يغير في الألوان «في خزانتي مثلا خمسة شورتات بتصميم واحد لكن بألوان مختلفة تتباين بين البيج والكاكي والأزرق النيلي.. لكني أبتعد تماما عن الأقمشة الخفيفة جدا لأنها لا تتسم بالأناقة الرجالية». و«الشورت» في رأيه يجب ان لا يكون ضيقا جدا كما لا يجب ان يكون فضفاضا، على ان تكون له جيوب عملية يمكن ان تحتوي كاميرا تصوير وآيبود ومحفظة نقود ومفاتيح وقلما، وغيرها من الاكسسوارات التي لا يستغني عنها الرجل، وفي الكثير من الأحيان هذه الجيوب هي ما تضفي على الشورت صفته «الذكورية». إلى جانب نيل بارات، قدم بول سميث ايضا مجموعة من هذه القطعة اقتبسها من بنطلونات الجينز من حيث التصميم الذي يجلس عند الخصر وبطول يغطي الركبة بالكاد، وكعادته لعب على فكرة الرجل الأرستقراطي، فنسقها مع قمصان مقلمة وأحزمة جلدية وأحذية «سبور» وهو المظهر الذي أراده ان يكون مناسبا للنزهات الشاطئية وأجواء العمل في الوقت ذاته. ففلسفته دائما كانت هي ان الملابس المريحة لا تعني تطليق الأناقة بل الجمع بينهما. ورغم ان بول سميث، كغيره من المصممين، لم يفوت فرصة طرح هذه القطعة نظرا لحاجة الرجل إليها فإنه اعترف انها تناسب الرجل الجريء جدا إذا كان ينوي ارتداءها في مدينة كبيرة مثل لندن، وقال «عن نفسي فأنا لا أجرؤ على ذلك، وإن كنت لا أتخلى عنه عندما اسافر إلى اوروبا نظرا لثقافتها المتفتحة أكثر على الموضة». والمتابع لعروض بول سميث لا يمكن ان يتجاهل الأسلوب الراقي لتصميماته حتى فيما يتعلق بـ«الشورتات». فهي فعلا تخلص الرجل من عقدة الخوف من تجربة الجديد، كونها لا تخص الرجل الجريء والشاب فقط، بل تخاطب ايضا الرجل المحافظ الذي تعود على الأسلوب الكلاسيكي في العمل، لكنه يريد ان يتبنى الأسلوب «السبور» في إجازات نهاية الأسبوع وما شابهها، أي أنها شابة من حيث المبدأ وكلاسيكية ومعقولة من حيث التصميم. فبالنسبة له يمكن ارتداء «شورت» بلون داكن مثل الأزرق النيلي وقميص مقلم مع جاكيت مفصل وحذاء رسمي وحزام جلدي، إذا كانت المناسبة شبه رسمية، كدعوة غداء في مطعم مع أصدقاء، بينما يمكن ارتداؤه بلون أبيض أو بيج إذا كانت المناسبة مجرد نزهة على شاطئ البحر أو رحلة على متن يخت. نفس فكرة بول سميث، في تقديم مجموعة «شورتات» خاصة بالنهار وأخرى بالمساء أو بالمناسبات «النصف» رسمية، طبقتها دار لوي فيتون من خلال تشكيلة اكبر تخاطب مناسبات أكثر. فقد جاء بعضها خاصا بممارسة الرياضات الجادة تتميز بألوان غامقة بعض الشيء وأقمشة لماعة، وبعضها الآخر قصيرا جدا يغطي الأفخاذ بالكاد للتنزه في شواطئ «سانت تروبيز» أو «نيس». وإذا كانت هذه المجموعة القصيرة جريئة نوعا ما ولا تناسب كل الأذواق فإن لوي فيتون أرتأت ان لا تخسر زبونها الكلاسيكي، فقدمت له مجموعة أخرى اكثر رزانة واحتشاما ـ إن صح القول ـ تغطي الركبة تماما ومفصلة بطريقة راقية تتباين بين البساطة أو بجيوب متعددة استوحتها من اسلوب «السافاري» تتوفر بألوان الأحمر والأبيض والأزرق النيلي. الجميل فيها ايضا انه بالإمكان ارتداؤها مع «تي ـ شيرت» قطني أو مع قميص رسمي وجاكيت وحتى ربطة عنق لمظهر حيوي وعصري جدا. لكن القاعدة الذهبية التي يصر عليها خبراء الموضة هي ان يكون قماشا الجاكيت والشورت مختلفين حتى لا يأتيا عبارة عن بذلة قصيرة، كما كان الحال بالنسبة للمصمم ألكسندر ماكوين. فمما لا شك فيه ان هذا الأخير مبدع وفنان، إلا انه غير معصوم عن الخطأ، إلى جانب أنه ليس كل ما يقدم على منصات عروض الأزياء قابلا للاستعمال كما هو، بل يحتاج في الكثير من الأحيان إلى ترجمة وتغيير حتى يتناسب مع أرض الواقع ومتطلبات الأناقة اليومية. ألكسندر ماكوين برر هذه «الكبوة» ـ إن صح التعبير ـ بأنها مجرد طرح فكرة أراد من خلالها القول انه ما دام هناك بذلة تتكون من جاكيت وبنطلون طويل، هناك ايضا بنطلون قصير «شورت» من نفس القماش يمنح الرجل المزيد من الخيارات التي يمكنه ان ينتقي منها ما يشاء وينسقها حسب ذوقه الخاص.

* الحرارة والرجل > ارتفاع درجات الحرارة يؤثر سلبا على العديد من الرجال، بحيث تتغير سلوكياتهم وتصبح اكثر عدوانية وأقل صبرا بدليل طريقتهم في قيادة السيارة، فضلا على بعض احكامهم وقراراتهم، بما فيها اختيارهم للأزياء، التي يبدو انها تكون تحت تأثير ضربة شمس. فالصيف هو موسم ارتكاب الاخطاء في حق الأناقة وموسم ظهور ضحايا الموضة بشكل كبير سواء من خلال اختياراتهم للقمصان المنقوشة بشكل متضارب لا يليق بمكانتهم أو من خلال الألوان التي لا تتناغم مع بعضها البعض أو مع لون بشرتهم بحجة انها ألوان صيفية تتشرب الحرارة، وهلم جرا. حتى لا تنتمي إلى هذه الفئة وتكون منسجما مع نفسك ومرتاحا مع الطقس إليك بعض القواعد الذهبية:

> الجينز قطعة كل المواسم، لكن بعض انواعه لا يناسب الصيف لأنه يكون ثقيلا وسميكا لذلك يجب اختياره خفيفا بقماش مخلوط بالقطن. > يفضل الاستعاضة عن الجينز ببنطلون من الكتان، خصوصا ان بالإمكان ارتداءه بأسلوب «سبور» يتناسب مع أجواء الإجازة أو بأسلوب أنيق يتماشى مع أجواء مكاتب العمل حسب طريقتك في تنسيقه مع باقي القطع والألوان.

> البنطلون القصير موضة هذه الأيام، لكن من الأفضل اختياره بطول يغطي الركبة وبتصميم غير ضيق، أي يجب ان يكون مريحا من دون ان يكون فضفاضا. نسقه مع «تي ـ شيرت» بلون متوهج في الأيام العادية أو مع قميص أبيض لمظهر أنيق وسبور في الوقت ذاته، على ان لا يكون ضيقا عند الخصر. > الألوان الأحادية تبقى هي الأفضل في الأمسيات، لذا فإن اللونين الأبيض والأسود من الخيارات المفضلة والمضمونة إذا كنت كلاسيكيا.

> صندل مفتوح أساسي في موسم الصيف حتى تتنفس الأصابع، لكن تجنب ان تلبسه مع جوارب في المدن أو الشواطئ بحجة الراحة، وطبعا يختلف الأمر إذا كنت في نزهة برية أو جبلية وإن كان يفضل ان تلبس حذاء مقفولا.

> مهما وصلت درجة الحرارة فإن منظر قميصك مفتوحا ليظهر منه صدرك أمر غير أنيق إلا إذا كنت على الشاطئ.