ندى دبس تختزل أسفارها في قطع أثاث تجمع بين الحداثة والتراث

TT

بأسلوب هندسي مميز يجمع بين الحداثة والتراث استطاعت مهندسة الديكور اللبنانية ندى دبس أن ترسم خطا خاصا بها تجلى في تصاميم متنوعة ارتكزت في صناعتها على مواد فريدة قوامها الأصداف والقصدير، فاستخدمتها ببراعة وتناسق.

مجموعة دبس التي أطلقت عليها اسم east and east مزجت بين التراث الاسلامي الشرق أوسطي والتراث الياباني بما يتلاءم مع متطلبات العصر وأذواق الناس وأهوائهم من خلال قطع تزيينية صغيرة وقطع أثاث خارجة في تصميمها عن المألوف في عالم الديكور.

فقد طوعت مادة الأصداف واستعملتها في صيغة جديدة بأشكال وأحجام متنوعة، إلى حد انها تحولها إلى شبه حبات من اللؤلؤ، كما هو حال طاولة خشب غاية في البساطة بهندستها العصرية وخطوطها الواضحة المرسومة بدقة، لكن السر يكمن في واجهتها المزينة بعرق صدف يبدأ بغصن وردة وينتهي كحبة لؤلؤ.

وتحرص ندى دبس في أعمالها، المصنوعة في معظمها من مادة الخشب أو الزجاج، على الاشكال سواء كانت زخرفات أو دوائر لتغير طبيعتها الجافة الى عناصر تجمع بين الكلاسيكية التراثية والثقافة الحديثة، مستعينة في ذلك من ثقافتها الواسعة وأسفارها الكثيرة بين دول عدة أبرزها اليابان وأميركا ولندن، حيث تلقت دروسها الجامعية وبدأت حياتها العملية. تقول انها واجهت عدة مصاعب عندما عادت قبل سبع سنوات لتستقر في لبنان، حيث لم يبد احد استعداده لعرض أعمالها، بحجة أن اللبناني يفضل الأعمال الأجنبية المستوردة، لكن خبرتها الطويلة جعلتها تقتنع أن حرفية اللبناني لا تقل أهمية عن أي متخصص أجنبي، فقررت التحدي وخوض غمار العمل الخاص مبتكرة أعمالا وتصاميم لاقت استحسان أصدقائها واعجابهم، لتوسع بعد ذلك نشاطها وتفتح محلا خاصا بها في وسط بيروت، حيث تعرض كل تصاميمها وأعمالها وتستقبل زبائنها لتلبي لهم كل متطلباتهم بناء على ما يوجد في صالة العرض أو بعد أن تتوصل معهم الى تصميم يتشاركان في وضعه.

تشمل أعمالها كل ما يمت بصلة الى ما يسمى الأثاث الحديث، من الكراسي الخشبية الى الخزائن والطاولات والتحف والأدوات التزيينية الصغيرة وحتى غرف الطعام والصالونات. وهي التي تشرف على عملية التنفيذ من البداية الى النهاية بدءا من حفر الخشب بحسب الأشكال المطلوبة مرورا بتقطيع الأصداف بما يتلاءم مع الشكل والحجم وصولا الى التثبيت اليدوي لكل قطعة في مكانها على حدة ، لتأتي منسجمة مع فنون الحفر والنقوش الشرقية، وهذا كله يتطلب وقتا طويلا قد يصل الى نهار كامل لتنفيذ تصميم واحد، والعملية نفسها تنطبق أيضا على القطع المصنوعة من مادة الـplexiglass أو النحاس والتي يدخلها القصدير أو الأصداف. وتشير دبس الى أن الأخطاء في أعمال كهذه لا يمكن إخفاؤها، وخلافا للانتيكات، التي قد لا تؤثر على جماليتها بل يعتبر جزءا من جاذبيتها إذا كانت قديمة، فإن قطع الاثاث الحديث، على العكس، يفترض أن تكون كاملة من كل الجهات لأن أي ثغرة تخفض من قيمتها.

وتستعير دبس من التراث خطوطه العريضة لكنها سرعان ما تنسفها لمصلحة رؤية أجمل وأكثر حداثة وخصوصية. كما يمكن ان نلاحظ في جمعها بين البلور والأصداف من خلال مرآة لتزيين مدخل البيت وتمتد طول الحائط بشكل مستطيل ضمن اطار من خيوط الأصداف، وحتى تكتمل اناقة المرآة لا بأس من استعارة مقعد منخفض من التراث العربي، لكن الخشب شبه غائب عنه لتحتل الأصداف المكانة الأكبر وفق اشكال تنبض بالحياة وكأنها ما زالت في بيئتها الفطرية مع لمسة كفيلة لتجعلها تناسب المكان الجديد الذي تحتله. وعناية دبس بالقطع الكبيرة لا تحول دون اهتمامها بالتحف والقطع التزيينية الصغيرة، فتحاول فيها مزاوجة الزجاج بالخشب في علب صغيرة مرصعة بالأصداف كما لو ان هذه المادة هي حجر كريم، يستحق أفضل استخدام لتبرز مكانته التي تليق به وسط المواد التجارية الرائجة في سوق الاثاث، وهو ما ينعكس على أسعارها العالية نظرا لندرتها وتفردها. هذا الغنى في تقنية هذه الأعمال وتصميمها جعلت دبس تتخذ قرارا بعدم المشاركة في معارض محلية واكتفت بعرض أعمالها في خارج لبنان، خوفا من التقليد الذي يلجأ اليه الكثير من التجار، مكتفية بزبائنها اللبنانيين والعرب والأجانب، بعدما ذاعت شهرتها في أوساطهم.