زوجتي جيمس بوند

عندما يتحول الشك الى جنون

TT

العديد منا لا زال يتذكر الحادثة التي هزت المجمتع المصري منذ قرابة سنة، وفيها كانت تستشعر الزوجة خيانة زوجها لها بما منحها الله من أحاسيس المرأة، لكنها لم تكن تمتلك الدليل الذي يؤكد لها ظنونها. ولهذا اتخذت القرار بالتجسس على مكالماته الهاتفية في المنزل كما قامت بوضع جهاز تسجيل للصوت أسفل فراش حجرة النوم. وفي ليلة خرجت فيها لحضور إحدى حفلات الاوبرا مع صديقاتها تاركة زوجها في المنزل متعللا بحاجته للراحة. وفي الصباح وبعد انصرافه الى العمل أخرجت الجهاز المخبأ أسفل الفراش للتأكد مما حدث في غيابها كالعادة وكم كانت صدمتها عندما اكتشفت خيانة زوجها لها مع الخادمة الفلبينية التي تعيش معهم بالمنزل. فما كان منها الا ان طردت الخادمة بعد توبيخها بشدة. والتزمت الهدوء وقامت بإعداد وجبة طعام شهية لزوجها ليتناولها بعد عودته من العمل كما استعدت لاستقباله في احسن هيئة. عندما سألها عن الخادمة أجابته انها طردتها بعد اكتشاف إصابتها بالإيدز. تحت هول الصدمة سقط الزوج مصابا بأزمة قلبية حادة تم نقله على أثرها الى إحدى المستشفيات. وبعد ايام قضاها في غرفة العناية المركزة تحسنت حالته واراد ان يعترف لزوجته بخيانته لها طالبا منها مساعدته في إجراء الفحوص الطبية لمعرفة ما إذا كان أصيب بالمرض. وقتها أخطأت الزوجة خطأ عمرها حينما اعترفت له بما فعلته، فما كان منه إلا ان رمى عليها يمين الطلاق. لكن هل أدت هذه النهاية المأساوية إلى ردع الزوجات عن التجسس على أزواجهن؟ ارقام المبيعات تؤكد انهن لا زلن يقبلن على أجهزة التنصت على الاحاديث التليفونية، خصوصا وأنها باتت منتشرة في محلات بيع الاجهزة الالكترونية وبأسعار زهيدة تبدأ من 80 جنيها مصريا وتصل إلى 500 جنيه. مسؤول مبيعات بإحدى هذه الشركات اكد للشرق الاوسط أن الفترة الاخيرة شهدت إقبالا من النساء على هذه الاجهزة، مشيرا إلى أن «البعض منهن صريحات في تفسير طلبهن والبعض الآخر يطلبها بحجج مختلفة». وأضاف قائلا: «خبرتنا في التعامل مع الزبائن باتت تكشف لنا هذه الامور وبخاصة مع نوعية الاسئلة التي توجهها الزبونة لنا مثل: هل يمكن إخفاء الجهاز عن العين؟ وهل يمكن أن يعمل حتى إذا لم يقم أحد بتشغيله؟ وغيرها من الاسئلة التي باتت معروفه لنا كبائعين. ويؤكد محمود كريم مسؤول مبيعات في معرض للاجهزة الالكترونية أن هناك انواعا كثيرة لاجهزة التنصت على المحادثات التليفونية الا ان الطلب يكون على أنواع محددة، منها جهاز صغير في حجم الجوال له سلك بطرفين يتم توصيل أحدهما بجهاز التليفون والاخر بجهاز كاسيت صغير ويعمل بمجرد رفع سماعة الهاتف وبدء المحادثة، حيث يتم تسجيل الحوار كاملا على الشريط ويتوقف التسجيل بمجرد إنهاء المكالمة. الطريف كما يؤكد محمود كريم أن شراء هذه الاجهزة لا يرتبط بسن محدد للمرأة وأكبر دليل حكاية السيدة رتيبة التي جاوزت الستين من عمرها ولا زالت تغار على زوجها الذي رغم تجاوزه الستين بثماني سنوات يعشق مغازلة النساء مما يزعجها، وهو ما دفعها الى ان تلعب معه لعبة القط والفأر، حيث وضعت له جهاز تسجيل للصوت اسفل وسادة الفراش للتنصت على أحاديثه في التليفون عند وجوده في غرفة النوم، الا انه إكتشفه فقام بالقائه في القمامة دون أن يفاتحها بشيء وعندما اكتشفت اختفاءه قامت بشراء جهاز اخر قامت بتوصيله بجهاز التليفون لتسجل له 20 شريطا يتضمن أحاديثه مع صديقاته على الهاتف. وقتها عبر الزوج عن غضبه الشديد واتهمها بعدم ثقتها فيه وانها ستتسبب في هدم البيت بهذا الاسلوب. «لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم» هكذا بدأت دكتورة منال عمر استشاري الطب النفسي حديثها قائلة: أتعجب من قيام بعض النساء بمراقبة ازواجهن والتنصت عليهم. والسؤال هو ماذا يفيدها إذا اكتشفت خيانته لها او تلاعبه بمشاعرها؟ انا اعرف نساء يداومن على مراقبة هواتف أزواجهن المحمولة لمعرف من يتصل بهم ومن يرسل لهم رسائل الكترونية وغيرها من الامور وكلها امور تدل على وجود خلل لدى الزوجة او إصابتها بداء الفضول الشديد الذي يمكن أن يدمر حياتها نهائيا. ومن المعروف في الطب النفسي أن هناك مرضا يسمى الغيرة المرضية يصيب الرجال والنساء على حد سواء، ولكنه أكثر انتشارا بين النساء بحكم سيطرة العواطف عليهن. ومن أعراضه تشديد الرقابة على الطرف الآخر وتخيل أمور وعلاقات قد لا يكون لها اي اساس من الصحة. وبخاصة أن الكثير من الرجال يكون لهم نزوات سرعان ما تنتهي. فلماذا تهويل الامور؟».

الكاتبة إقبال بركة رئيسة تحرير مجلة حواء أكدت للشرق الاوسط أن قيام اي زوجة بالتنصت على زوجها بأي وسيلة يعبر عن عدم ثقة بنفسها في المقام الاول ويجعلها دائما تدور في فلك واحد الا وهو كيف يمكنها السيطرة على افعاله وهو بعيد عنها؟ وكيف يمكنها اكتشاف أسراره؟ وهي امور تدفع الزوج الى التحايل على زوجته بالعديد من الاساليب لتلافي مراقبتها له، كما انها تشعره بالاختناق من علاقته بها وهو ما قد يهدم المنزل على من فيه. وفي رأيي ان الاسلوب الامثل لتعامل أي زوجة مع نزوات زوجها هو التجاهل التام الا ّإذا وقع عليها ضرر مادي جسيم من جراء تلك الازمة او النزوة. فالزوجة العاقلة تعرف كيف تتعامل مع نزوات زوجها وان تعيده اليها والى بيتها دون الحاجة الى مراقبته كما تفعل أجهزة المخابرات».

بقي أن نذكر أن الاقبال على اجهزة التنصت لا يقتصر على النساء فقط ولكنه يمتد الى الرجال ايضا ولكن تبقى للنساء الغلبة في هذا المجال حسب تأكيدات بائعي الاجهزة.