ماركات الملابس العالمية تغزو مراكش المغربية.. ومحلات الملابس المستعملة تزاحمها

TT

لم يرافق الدينامية التي تعرفها مدينة مراكش المغربية على مستوى استقطاب السياح للزيارة والاستقرار النهائي، غلاء في أسعار العقار وتوسع المدينة في الجغرافية المحيطة بها فحسب، بل رافقتها، أيضاً، حركة انعكست على طبيعة الاستهلاك ونمط العيش، أكلاً وشرباً ولباساً.

قبل سنوات قليلة كان أبناء مراكش يقصدون محلات لبيع الملابس الجاهزة يوجد معظمها بسوق «الحفرة» بساحة جامع الفنا، أو بعض المحلات القليلة الموجودة بشارع «جليز» والأزقة المتفرعة منه. محلات تعرض ملابس تم تصنيعها بمعامل الدار البيضاء في الغالب.

كما كان هناك من يقصد أسواق الملابس المستعملة، على أمل العثور على ملابس تحمل توقيع أرقى الماركات العالمية بأسعار زهيدة. من أشهر هذه الأسواق هناك سوق سيدي ميمون، حيث يمكن للشاب المراكشي أن يعثر على قميص يحمل علامة LACOSTE أو BOSS أو سروال أميركي بثمن لا يتعدى 10 دولارات.

وبالإضافة إلى زبائن الحفرة وسيدي ميمون، كانت هناك قلة، تتمتع بالإمكانات المادية العالية، تقصد الدار البيضاء أو الرباط لشراء ملابس مستوردة تعرضها محلات تابعة لشركات ملابس عالمية.

اليوم تغيرت الأمور، وصارت مراكش تفتح محلاتها لاستقبال ما ستعرضه كبريات دور الأزياء والشركات العالمية. عطور لمختلف الأذواق والجيوب، وملابس تلبي خيارات عديدة واختيارات مختلفة.

وبعد أن كانت توجد بمراكش، محلات قليلة تبيع ملابس تحمل علامات عالمية، صارت المدينة تعيش ما يشبه التخمة على مستوى المعروضات من الملابس والعطور والاكسسوارات. ولا تضع هذه المحلات إلا شرطاً واحداً أمام روادها، يتلخص في أن يكون الجيب مرتاحاً إلى دفئه وأوراقه المالية.

تتمركز هذه المحلات داخل الأسواق الكبرى، مثل محلات MOXE وLACOSTE للملابس الجاهزة، أو محل Caterpillar للأحذية، أو بالقرب من هذه الأسواق، مثل محل secret women لملابس النساء الداخلية، ومحل Etam Celio وUnited Colors of Benetton وMorgan ، كما توجد بشارع جليز محلات فتحت أبوابها أخيراً، مثل محلات Lee Cooper و Best Mountain وDiesel وEnergie.

وإلى كل هذه المحلات التي صارت تضايق وتسابق بعضها إرضاء لسكان مراكش وزوارها، في مرافقة تامة للحركية التي تعيشها المدينة الحمراء، من المنتظر أن تفتح محلات أخرى، مثل Zara، التي تُشيد لها حالياً بناية كاملة بشارع جليز.

ويرى كثير من شباب مراكش، الذين تستبد بهم الماركات العالمية في اللباس، أن المحلات التي صارت تفتح أبوابها وتعرض سلعها، ليست إلا تلخيصاً للتحول الذي تعيشه مراكش من مدينة مغربية محدودة جغرافياً إلى مدينة عالمية التوجه والساكنة. ويصر كثير من شباب المدينة على شراء ملابس من محلات تعرض معروضاتها من اللباس بأثمان قد تبدو في نظر العديد من المراكشيين مرتفعة، ذلك ان هذا الاقبال يساير تحولاً في العقليات لدى هذا الشباب الذي صار يقتنع في قرارة نفسه أنه لم يعد من اللائق أن يلبس سروالاً رخيصاً أو قميصاً عادياً.

وصار عادياً اليوم أن يتبختر الشاب بسروال اشتراه بمبلغ 150 دولاراً أو أكثر. أما الشيء غير العادي فهو أن يلبس الشاب سروالاً عادياً ثمنه 10 دولارات.

ولا يقاسم معظم أبناء مراكش نفس راحة بال مثل هؤلاء الشباب، الذين وإن كانوا يتمنون أن يكون بمستطاعهم شراء منتجات كبريات الشركات العالمية في مجال اللباس والعطور، فإنهم مضطرون لمسايرة واقع حالهم وجيوبهم فيقصدون «الحفرة» بجانب ساحة جامع الفنا أو يتوجهون إلى محلات «سيدي ميمون»، حيث يمكن التنقيب بين الملابس المستوردة والمستعملة لعلهم يعثرون على سروال أو قميص يحمل توقيع مصمم عالمي.