منحوتات تجمع الفنية بالعملية

تحف وإبداعات من خشب الصفصاف

TT

بعد أن عرفت الأزياء طريقها إلى المتاحف، واعترف الغرب بأنها اسلوب من الأساليب الفنية التي يمكن استعمالها لقراءة الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، ليس غريبا ان تحظى الحرف اليدوية بنصيب من هذا الاعتراف والاحتفال. فهي ايضا أصبحت لها معارض خاصة بإبداعات حرفييها الذين دخل بعضهم عداد الفنانين. وطبعا ليس هناك أفضل من لندن لتعطيهم هذا الحق، فمن يوم 12 ابريل (نيسان) إلى 2 من شهر يونيو (حزيران)، تشهد العاصمة البريطانية معرضا من تنظيم «إيربان فيلد» Urban Field، يركز على التصاميم العصرية المصنوعة من خشب الصفصاف، مع العلم انه خشب دخل مجال الاستعمال الفني منذ عشرين عاما فقط، أي أنه في قمة نضجه حاليا. يجمع المعرض أعمال ستة فنانين، دايل بيهنال، جيني كريسب، ليزي فاري، سارة رانك، كارولين شارب، وسوزي تومبسون، تخصصوا في تطويع هذا الخشب في أشكال فنية يمكن إبرازها في أماكن رئيسية من البيت وكأنها منحوتات فنية، خصوصا إذا عرفنا أن سعر القطعة الواحدة قد يتعدى الـ 200 جنيه استرليني بسهولة، مثل أعمال الفنانة سوزي تومسون، التي وصفت صحيفة «الدايلي تلغراف» أعمالها، بأنها «قطع تعدت العملية.. فهي تحف في منتهى الجمال».

قصة هذه الأخيرة مع خشب الصفصاف بدأت بقصة حب مع حمامتين أهديتا لها في قفص مجدول بخشب الصفصاف، وعندما كبرت الحمامتان ضاق القفص بهما، مما جعلها تفكر في صنع قفص أكبر. وبما أنها لم تكن تعرف من أين تبدأ جدل الخشب ولا تفهم شيئا عن تقنياته، دخلت مدرسة لتتعلم أصوله بنية الاستعمال الشخصي فقط، لكنها سرعان ما اكتشفت انها يمكن ان تستعمله للتعبير عن نفسها بشكل أوسع. تقول سوزي لـ «الشرق الأوسط»: «بمجرد أن بدأت استعمل هذه المادة حتى وقعت في حبها. جاذبيتها بالنسبة لي كانت تكمن في قوة مقاومتها وكثرة قيودها، لأني وجدت أني أدخل معها في حوار ساخن، اخسره للحظات أو ساعات، فأترك القطعة جانبا، لأعود إليها في ما بعد وأستكمل نقاشي معها حتى تلين وأطوعها»، وتضيف سوزي انها تجمع في قطعها اليدوية الأسلوب الألماني التقليدي، والتقنيات الانجليزية العريقة، كما تعطيها أشكالا تتناسب مع أي ديكور، وإن كانت تفضل ان يكون المكان الذي توضع فيه واسعا وغير مزدحم بالأغراض حتى تبرز القطعة بشكل جيد. مثل العديد من الفنانين الذين يريدون أن يكون لهم دور في الحفاظ على البيئة والعودة إلى الطبيعة، تفضل سوزي استعمال كل ما هو عضوي ولا يؤذي الطبيعة بأي شكل من الأشكال، بدءا من تجنبها الصبغات الكيميائية، إلى عدم إزالتها قشرة الخشب الخارجية للحفاظ على مظهره الطبيعي. ما يبرر سعرها ليس شكلها المتميز فحسب، بل ايضا طريقة تحضيرها التي تستغرق وقتا لا يستهان به إذا أخذنا بعين الاعتبار انها قد تكون عبارة عن مجرد سلة صغيرة. فبعد اختيار النوعية الجيدة وقبل نسجها، تنقع سيقان الخشب في الماء لمدة عشرة ايام حتى تصبح مرنة ويسهل تشكيلها، كما أن هذه الطريقة تساعد سوزي، حسب قولها، على جدلها بطريقة محكمة، مما يمنحها متانتها واشكالها التي تحاكي المنحوتات.

* ما دام سعر القطعة يتعدى الـ 200 جنيه استرليني، فإن العناية بهذه القطعة مهم جدا لكي تدوم اطول. تقول سوزي إن هذه القطع تناسب البيت، بعيدا عن أشعة الشمس أو أي مصدر للرطوبة، وبما أن خشب الصفصاف مادة طبيعية قوية، فإنه لا يحتاج إلى عناية كبيرة ليبقى في حالة جيدة، لكن تعرضه لأشعة الشمس القوية يمكن ان يبهت لونه ويفقده توهجه مع الوقت. أما إذا ظل خارج البيت أكثر من عام ونصف العام، فقد يتفتت. لكن سلال القصب يمكن ان تكون قطع زينة رائعة في أمسيات الصيف إذا تم وضعها في مراكز معينة من الحديقة، على أن يحرص صاحبها على إدخالها البيت بعد انتهاء السهرة، أو في اليوم التالي. وتشير أيضا إلى انه من الممكن رش القطع المصنوعة منه بالماء، بواسطة بخاخ، مرتين في العام. بعد ذلك تترك جانبا إلى ان تجف طبيعيا، إذ لا يجب استعجال تنشيفها، سواء باستعمال مناشف أو المجفف الكهربائي، كما يجب تجنب لفها وهي مبللة.