«اللبيسة».. مهنة جديدة تقتحم المجتمع السعودي

سعودية تحول شغفها بالتسوق إلى مهنة مربحة.. وزبوناتها من الشابات

الاهتمام بالمظهر وهوس الموضة وراء ظهور مهنة «مستشارة الأزياء» («الشرق الأوسط»)
TT

مهنة مستشار الأزياء أو"اللبيسة" حسب التعبير الشائع، هي المهنة المعروفة جداً والمحترمة في أوساط اجتماعية رفيعة ولدى النجوم الذين يسلط عليهم الإعلام أضواءه، مرشحة لأن تصبح مهنة أكثر شعبية وأن تتوسع دائرة عملائها، بعد أن كانت تقتصر على نجوم الفن والغناء، أو الأشخاص ذوي المكانة وجداول الأعمال المزدحمة لدرجة لا تسمح لهم بالتمتع بالتسوق واختيار الأزياء والملابس والإكسسوارات والأحذية والحقائب.

هذا ما تؤكده تجربة الشابة السعودية شذى المحضار، وهي فتاة في مقتبل العمر تحمل بكالوريوس في العلوم الطبيعية كانت شغوفة بالتسوق لدرجة جعلتها تفكر باحترافه وجعله مهنة تكتسب منها، وهي مهنة جديدة نوعاً ما على المجتمع السعودي، وكانت خدماتها إلى وقت قريب تقتصر على الطبقات الاجتماعية المرفهة نوعاً ما، إلا أنها اصبحت شائعة بعد أن أصبح هوس الظهور في أحسن وأبهى طلة هماً عاماً.

تقول شذى وهي واحدة من قلائل يمارسون هذه المهنة في السعودية، ويقدمون خدماتهم لطبقات مختلفة ومتفاوتة اجتماعياً "أحب التسوق كثيراً منذ طفولتي وأعرف كل أسراره بدءاً بخطوط الموضة المختلفة والمحلات الراقية وحتى التخفيضات وكيفية الحصول على صفقات رابحة، وهو ما جعلني أفكر جدياً باحتراف هذه المهنة، خاصة مع إقبال الأجيال الناشئة واهتمامهم بمظهرهم المتزايد يوماً بعد يوم، وهو أمر إيجابي ساهمت فيه برامج التلفاز التي تعنى بتغيير مظهر الإنسان وتحسينه وتربط ذلك بنجاحه في حياته العملية والاجتماعية".

وتؤكد شذى على أن التشجيع الذي لمسته في محيطها الاجتماعي حفزها على الاستمرار، لكن الحافز الأكبر لي ـ كما تقول ـ هو الفرح والرضا التام من معظم الذين استعانوا بخدماتي، وعملاء شذى هم شباب في مقتبل العمر من الجنسين من طبقات اجتماعية أكثر اقتداراً، لديهم الوقت للتسوق لكنهم يرغبون برأي آخر.

وتصف شذى خطوات عملها بقولها "أقوم أولاً بتحديد موعد لشرب القهوة مع العميل والهدف هو تكوين صورة كاملة عن شخصيته واحتياجاته من خلال الحديث عن مهنته أو دراسته وما يصنعه في الحياة، واحتياجات مظهره، والأسلوب الذي يفضله، وهل هو من نمط الشخصيات العملية أو الكلاسيكية، أو الرسمية، وما هي الألوان التي يحبها أكثر، وتلك التي تليق بلون بشرته وشكل وجهه، وأقوم بتسجيل ملاحظاتي في مفكرة صغيرة أحتفظ بها دائماً معي كما أعرض عليهم سكتشات، ودفاتر أخطط فيها تصاميم أساسية وعامة، حتى أستطيع التعرف على الطابع العام لذوق كل زبون، بالإضافة إلى استعانتي بالحاسب الآلي لعرض التصاميم".

وتضيف "أطلع الزبون خلال هذه الجلسة غالباً على أحدث صيحات الموضة بحسب النمط الذي يفضله، وقد أصطحبه في جولة داخل المحلات التجارية إذا كان ذلك يناسبه، أو أقوم بمهمة التسوق بمفردي، بعد أن اتسلم من العميل مبلغاً مالياً أو بطاقة ائتمان خاصة بدفع تكاليف مشترياته، وميزانية الشراء تكون مفتوحة بحسب حالة العميل المادية واحتياجاته، لكنها تبدأ من 3 أو 4 آلاف ريال كحد أدنى، أما مقابل أتعابي فهو مبلغ يتراوح من 30 وحتى 40 % من الميزانية الإجمالية"، وتتابع "لدي خطة للتعاون مع المحلات التجارية الكبرى والحصول على تخفيضات مجزية تشجع عملائي الذين يأتون إلي عن طريق معارف أو أصدقاء أو عملاء سابقين".

صعوبات مهنة "المستشار" قليلة لا تذكر مقارنة بمزاياها من وجهة نظر شذى التي تؤكد على أن مهنتها تعتمد بشكل أساسي على القدرة على التواصل مع الناس، وكسب ثقتهم، فمستشار الأزياء هو نوعاً ما صديق يحرص كثيراً على مظهرك العام ولا يهتم إلا بما يراه في صالحك.

وتتابع "صحيح أن هذه المهنة تفتقد للأمان الوظيفي كونها وظيفة غير مصنفة ضمن ديوان الخدمة المدنية، وأنا أتقاضى أتعابي بالنسبة للعمل الذي أقوم به فقط، وليس هناك أي امتيازات كالتأمين الطبي وخلافه، لكنني عندما أفكر بموضوعية أجد بأن مجرد قيامي بالعمل الذي أحبه كثيراً وأجد نفسي فيه يعوضني عن كل تلك المزايا، وأحلم في يوم من الأيام أن أنشيء شركة خاصة بأحدث خطوط الموضة والاستشارات ذات العلاقة بها، وإصدار مجلة متخصصة في هذا المجال".

أما المكسب المادي فهو جيد بحسب ما تشير إليه شذى التي تؤكد بأن ما حققته حتى الآن شجعها على الاستمرار في هذه المهنة، إضافة إلى أن الوظائف ليست متوفرة وهناك الكثيرات ممن يضطررن إلى العمل ساعات طويلة بدون أي مزايا أو عوائد مادية مجزية وفي وظائف لا تحقق لهن التقدم العملي ولا تسعدهن، ولهذا أرى أن عملي موفق جداً وأنا سعيدة به.

مهنة المستشار لا تقتصر على الأزياء والتسوق فقط، لكنها تتضمن العمل على تجميل كامل لصورة العميل، ابتداء من قصة الشعر، ونوع الماكياج وطريقة اللبس، ونصائح أخرى عديدة بحسب شذى، التي ترى أنها تقوم بمهنة رائعة تحسن مزاج الآخرين وتمنحهم المزيد من الثقة بأنفسهم، وربما يستحق الأمر التجربة، لكن التسوق وإنفاق المال مباشرة يبقى هواية لدى الكثيرين يصعب التنازل عنها حتى لو كان الأمر لصالح خبير.