إجازة نهاية الأسبوع على الطريقة المغربية

مهمات منزلية لا تنتهي وروتين قاتل

رغم التذمر تكرر المغربية نفس العملية أسبوعا بعد أسبوع بشكل ميكانيكي لأنه الأسلوب الذي اكتسبته من والدتها
TT

عطلة نهاية الاسبوع بالنسبة للبعض فرصة للراحة والاستجمام، وقضاء اوقات ممتعة خارج المنزل للتخلص من تعب اسبوع كامل من العمل، ليتم تجديد الطاقة واستئناف الدوام بنشاط ، إلا ان نسبة كبيرة من النساء يجدن انفسهن مجبرات على قضاء نهاية اسبوع على الطريقة المغربية، وهو التعبير الشائع الذي يعني المكوث في البيت، والتفرغ في فترة الصباح للقيام بالاشغال المنزلية المتراكمة طوال الأسبوع، من غسيل وتنظيف وترتيب، فيما تخصص فترة ما بعد الظهر للذهاب الى الحمام التقليدي، الذي يستغرق مجهودا ووقتا طويلا بسبب الزحام الذي يكون عليه في هذه الفترة، أي في يومي السبت والاحد. واللافت ان جميع النساء والفتيات غير راضيات تماما عن هذا الروتين الاسبوعي الذي يطبع حياتهن، سواء كن متزوجات او عازبات، ولا يعرفن سبيلا لتغيير هذا الاسلوب النمطي الذي يميز حياتهن ويجعلها خالية من أي متع او ترفيه، بل ان الاغلبية استسلمت بعد فشل اكثر من محاولة للتغيير.

«الشرق الأوسط» استقت شهادات طريفة حول هذا الموضوع: تقول سناء بنموسى، ان موضوع «الويكاند» طرح للنقاش اكثر من مرة بين صديقاتها، وفي كل مرة نضع مخططا وبرنامجا عبارة عن اقتراحات بسيطة لكيفية الاستفادة من يومي الإجازة، بدل المكوث في البيت والشكوى والتذمر من الوضع، ومن بين الاقتراحات التي نتعهد بتنفيذها: تناول الغداء في احد المطاعم المشهورة، او الذهاب إلى مركز تجميل من اجل عمل مساج، او ممارسة رياضة الركض على الشاطئ، وغيرها من الافكار غير المكلفة بتاتا باعتبار ان كل صديقاتي موظفات ويتقاضين رواتب محترمة.

الا انه بعد اسبوع او اسبوعين، تقول بنموسى: «تبدأ كل واحدة منا في التهرب وعدم الالتزام بالبرنامج المقترح، والتحجج بأسباب واهية، وبالتالي يفقد الجميع الحماس، ونعود الى نفس الروتين القديم». وتضيف انها لا تجد تفسيرا لهذا الوضع، سوى «اننا نميل الى الخمول والكسل بالفطرة، ولا نحب التغيير والالتزام بأي شيء، وهذه هي نقطة الاختلاف الاساسية بيننا وبين الاوروبيين. فـ «هواياتنا» المفضلة هي الكنس والتنظيف وتحضير الأكل، ثم الشكوى بعد ذلك من هذه المهام».

من جهتها قالت مريم التيجاني ساخرة: ان «الويكاند» على الطريقة المغربية يعني ان نهرع الى سطح البيت حاملات الكنبات والسجاد وكل ما ثقل وزنه من المفارش، لكي نستفيد من الشمس الدافئة في اليوم الجميل، بينما نبقى نحن محبوسات بين اربعة جدران داخل المنزل. مضيفة «اننا نسخر مما نقوم به، غير اننا نكرر ذلك عن طواعية وبشكل ميكانيكي، لماذا؟ لأننا ورثنا ذلك عن أمهاتنا ولم نتعود على أسلوب مغاير من اجل الاستفادة بشكل أفضل من وقتنا وأيامنا التي يطبعها الروتين والملل».

وقالت نادية التازي وهي متزوجة ولديها ثلاثة ابناء: ان المشكلة التي تواجهها وزوجها عند نهاية كل اسبوع، تتعلق بالامكانات المادية. فهي ترى ان لا احد يفضل البقاء في المنزل عن طواعية واختيار، بل لان أي تحرك خارج المنزل يعني صرف مبالغ اضافية تؤثر على ميزانية البيت. فتناول غداء او عشاء في مطعم قد يكلف ثمن اربع وجبات تحضر في البيت، بل احيانا حتى الذهاب الى المقهى يصبح مغامرة مالية، وبالأخص عند اقتراب نهاية الشهر، فالمسألة لا تتعلق بعقليات او نمط سلوكيات إطلاقا. وتقول نزهة الخياط ،انها تقضي عطلتها الاسبوعية في ترتيب البيت وتنظيفه، ومرافقة امها إلى سوق الخضر، ثم الذهاب الى الحمام التقليدي وبعده الى محل الحلاقة لتصفيف شعرها المجعد. ونادرا ما تكسر هذا البرنامج الذي تلتزم به منذ سنوات، بالرغم من السأم والضجر اللذين تشعر بهما مع اقتراب نهاية الاسبوع الى حد انها اصبحت ترى في العمل في حد ذاته متعة وترفيها افضل من أي عطلة كانت قصيرة أو طويلة.

وتعليقا على هذا الموضوع، قالت مجاهدة الشهابي، الاختصاصية الاجتماعية لـ «الشرق الأوسط»: ان عطلة نهاية الاسبوع «مقدسة» في الغرب. فهي فرصة لشحذ الطاقة، والترفيه عن النفس، سواء كانت بالتنزه في الحدائق، والغابات والشواطئ، او تناول طعام الغداء والعشاء خارج المنزل. وتتابع: «كل اسرة او فرد يبحث عن وسيلة للاستمتاع بالعطلة حسب امكاناته المادية، فالمال ليس وحده العامل الرئيسي الذي يجبر الناس على المكوث بحسرة في منازلهم، بل يعود الأمر إلى اننا نميل بطبيعتنا الى الحياة النمطية الروتينية، لكوننا مجتمعا تقليديا، لا يحسن ادارة اوقات الفراغ، فضلا انه ليست لدينا أي هوايات واهتمامات خارج نطاق البيت او العمل، ومدننا خير دليل على ذلك، اذ تجد معظم الحدائق العمومية مهملة او مخربة لا تأوي سوى المشردين، والتنزه فيها يعرض للمخاطر».

بالاضافة الى ذلك، تقول الشهابي ان الحياة الثقافية تعاني من ركود كبير، فالعروض المسرحية والسينمائية قليلة جدا، وأماكن الترفيه الخاصة بالاطفال محدودة او مكلفة، وتبعا لذلك تستسلم الاسر لهذا النمط من الحياة الروتينية الخالية من أي مظاهر للترفيه، الامر الذي يؤثر برأيها، سلبا على نفسية الافراد، حيث تسود ما وصفته «لغة الشكوى والتشاؤم وعدم الرضا عن الذات».

وتنصح الشهابي، بعدم الاستسلام ووضع برنامج ولو مرة واحدة في الشهر لكسر الروتين، اما بالسفر او الذهاب الى الشاطئ او المتنزهات، او زيارة الاقارب شريطة ان لا تتحول هذه الزيارات الى فرصة للحديث عن المشاكل العائلية القديمة منها والجديدة.

كما تنصح السيدات بعدم تأجيل اشغال البيت كلها الى نهاية الاسبوع، حتى لا يضيعن اوقاتهن في الطبخ والكنس والتنظيف، مضيفة ان حسن تدبير الوقت والتنظيم هما اساس الحياة الناجحة، والانفتاح على الآخرين افضل في رأيها من الانعزالية التي تقود الى الضجر والاكتئاب.