أسواق الموضة السعودية تواكب نفس خطوط الموضة العالمية

يبحثون عن آخر صيحاتها في المجمعات المحلية والعواصم الأوروبية

TT

الموضة، بكل خطوطها وجنونها، وكل ما تحمله من جديد من أزياء تتعلق بالأزياء والاكسسوارات، إضافة إلى كل ما يتعلق بالجمال والتجميل من مساحيق ومستحضرات التجميل، ومن قصات وتسريحات الشعر، تبقى من أكثر المواضيع الدسمة التي تهتم بها المرأة على اختلاف هويتها وعمرها ومستواها التعليمي والمادي، ولا تختلف المرأة السعودية عن غيرها في هذا المجال. فالسعودية العاملة لا تنسى ان تخصص جزءا من دخلها الشهري للتسوق، وإشباع رغباتها في التعاطي مع خطوط الموضة، وشراء كل ما هو جديد، بل إن بعضهن لا يهتم بما تبقى من الدخل الشهري ما دامت خزانة ملابسهن قد استقبلت بعض القطع الجديدة. حب التسوق وشراء الملابس والاكسسوارات، يتضح بمجرد إلقاء نظرة سريعة على ساحة الجامعات السعودية، فكل خطوط الموضة تراها أمام عينيك كأنك تتصفح كتالوجا أوروبيا. كما يتضح هذا من خلال ارتفاع عدد المجمعات التجارية، وأقرب مثال على ذلك مدينة جدة، التي تضم شوارعها اكبر المجمعات التجارية الخاصة بالماركات العالمية الشهيرة. ويتلخص هذا التنوع بالذات في «شارع التحلية» الذي يطلق عليه اسم شارع «منهاتن» أو «شانزيليزيه» جدة، الذي يضم أرقى وافخر دور الأزياء الأوروبية، إضافة إلى عدد كبير من الماركات التجارية العالمية المتخصصة في الأزياء وكل ما يتعلق بأناقة المرأة والرجل والأطفال، إلا أن هذا لا يعني ان السعوديات يكتفين بالتسوق منه فحسب، فهوس التسوق من أوروبا لا يزال قويا، والسبب، حسب رأي البعض، أن الموضة في السعودية متأخرة عن بقية العالم، الأمر الذي يطرح بعض التساؤلات عن مدى صحة هذا الأمر.

محمد المالكي مدير موقع «رباعيات» على الانترنت، ومساعد مشرف خدمة العملاء بشركة رباعيات التي تضم عددا كبيرا من أرقى الماركات الأوروبية، ينفي اتهام الاسواق السعودية بانها متأخرة عن قطار الموضة، ويقول «التأخير لا يتجاوز الشهر بسبب إجراءات الشحن، ليس أكثر، وهناك تشكيلات أوروبية تعرض في السعودية قبل دور الأزياء في أوروبا، فالمسألة تعتمد على الموسم. فمواسم فصول السنة ودرجات الحرارة في السعودية تختلف عن دول أوروبا، فنحن لا نستطيع بيع بعض الملابس الشتوية جدا المناسبة للمناطق الثلجية بمدينة جدة الساحلية ذات الجو الحار طوال العام، مثلا».

وحول إصرار الكثير من السعوديات على التسوق في أوروبا كايطاليا وفرنسا ولندن، وإن كانت من ذات الماركات العالمية الموجودة في السعودية، يعلق المالكي بأن هذا يعتمد على العامل النفسي، ليس أكثر «فعندما تخبر السيدة صديقاتها بأن الحقيبة التي تحملها قد اقتنتها من باريس، يكون لها وقع أكبر من أن تقول بأنها اقتنتها من السعودية».

وعلى عكسه، ترى أميرة عبد الوهاب التي كانت تتسوق في احد المراكز التجارية بأنها تتسوق في جدة، وهذا لا يمنع تسوقها في روما، حتى وان كانت الماركة موجودة في جدة، مبررة ذلك بالقول:«عادة ما تتوفر في محلات روما أو باريس ماركات عديدة،كما ان نفس الماركة تتوفر على تصميمات متنوعة من حيث أحجامها وألوانها على خلاف ما هو موجود في السعودية، فهنا التشكيلة محدودة جدا».

ويعلق المالكي على هذا الرأي بقوله:«بالفعل كل مؤسسة وكيلة لاسم ماركة عالمية، تعتمد في ما تطرحه وتوفره على ما يختاره مدير المعرض أو الشخص المسؤول عن شراء ما يراه مناسبا للزبونات في السعودية، بمعنى ان هذا الاختيار يعتمد على ذوقه، لكن هذا لا يمنع بأن نقوم بتوفير أية قطعة تختارها السيدة من الانترنت أو الكتالوج».

ويتفق معه مدير قسم أزياء الأطفال بشركة السواني، أسامة عبد المنعم، بأن الموضة في السعودية مواكبة لخطوط الموضة عالميا، والتأخير لا يتجاوز بالنسبة له الـ60 يوما بسبب إجراءات الشحن، فواجهات المحلات بأوروبا «تستعد للموسم قبل بدايته، فما ان يأتي شهر أغسطس الا وتكون تلك الواجهات الزجاجية قد امتلأت بأزياء شتوية وهذا مناسب لنا بان نقوم بعرض بضائعنا متزامنة مع الموسم».

وحول بعض الأزياء الممنوعة في السعودية يقول «كل ما يمس الدين الإسلامي بسوء بصور وشعارات وعبارات ممنوع، لكن لا تتدخل الجمارك السعودية بتصميم الأزياء وخطوط الموضة. أما مسألة التسوق من أوروبا فهي مسألة شخصية. فهناك من تفضل البحث عن ماركات غير موجودة في السعودية حتى تحصل على التميز المطلوب أمام صديقاتها».

ويرى أسامة عبد المنعم أن مسألة اختيار الأزياء من عدة ماركات عالمية، مهمة صعبة ويتحمل المسؤول عنها أمانة لأنه هو الشخص المسؤول عن ارتداء الأطفال الموضة في السعودية وهذا كما يقول «يجعلني حذرا جدا». ويتعجب من إقبال الكثير من الفتيات والشباب في السعودية على الموضة الغريبة إلى حد البحث عنها عبر مواقع الانترنت، معلقا أن «القمصان والتي شيرتات التي تحمل شيئا من الإيحاءات الجنسية كصور شفاه وغيرها تجد إقبالا كبيرا من قبل الفتيات».

وهذا ما ترفضه سيدة الأعمال السعودية فايزة عبد الواسع صاحبة بوتيك «فائزة» بقولها:«أبيع أزياء الهوت كوتير وفساتين العروس التي أجلبها من أوروبا، وأركز على خطوط الموضة التي تناسب بنات بلدي من دون أي خدش للحياء والدين».

وتؤكد أن الموضة في السعودية مسايرة للموضة في العالم إلا في ما يمس الإساءة بالدين فهذا مرفوض «لدينا الموضة كلها في السعودية، فأصحاب المحلات التي تحمل أسماء ماركات عالمية يعرفون بأننا في زمن العولمة، والانترنت منافس قوي لهم، لذلك هم يسارعون لتقديم الجديد».

الملاحظ ايضا أن حب السعوديات للموضة يجعلهن يبحثن عنها ليس في المحلات من خلال الأزياء الجاهزة، بل يبحثن عن كل ما يمت لها بصلة، بما في ذلك البحث عن خياطة ماهرة في المشاغل النسائية لخياطة فستان سهرة. ويصل البحث عنها ذروته قبل موسم إجازة الصيف والأعياد، حيث تزدحم الصالونات، وكل سيدة لاهية في البحث عبر صفحات الكتالوج عن الموديل المناسب لها، وهذا يدل، كما تقول أماني جواد مديرة أحد المشاغل النسائية «على أن خطوط الموضة غير غائبة في جميع مدن وقرى السعودية، وهي غير متأخرة إطلاقا بسبب العولمة».

مسايرة السعوديين رجالا ونساء للموضة لا تقتصر فقط على الأزياء والإكسسوارات، فالجميع يتابع كل ما يتعلق بموضة الشعر بقصته وتسريحته وألوانه والماكياج، وهذا ما تؤكده مصففة الشعر كوثر المغربي بقولها «المجلات النسائية والقنوات الفضائية استطاعت أن تنقل لنا آخر صيحات الموضة، وهذا ما تتابعه البنات والسيدات على حد سواء. فعادة ما يسألنني عن آخر تسريحة أو قصة للشعر، الأمر الذي يلزمني أن أتابع خطوط الموضة أولا بأول، إضافة إلى تطوير مهنتي بأخذ دورات منتظمة في بيروت وباريس».