بريطانيا: 555 مهرجانا صيفيا كل واحد بموضة وشخصية

في أسكوت تتألق القبعات وفي غلاستنبوري أحذية الكاوتشوك

حذاء المزارعين المصنوع من الكاوتشوك كما ترجمته دار بيربيري
TT

لا يسعك إلا ان تحيي في البريطانيين صمودهم البطولي في وجه تحولات الطقس وتقلباته الغادرة. فهم لا يمكن ان يتنازلوا عن فعالية تخرجهم من الروتين اليومي مهما عصفت الرياح وأمطرت السماء، وأكبر دليل على هذا القول مهرجانهم الموسيقي السنوي، غلاستنبوري، الذي رغم تاريخه في شهر يونيو إلا ان الأمطار والوحل قدره الذي نجى منه بأعجوبة هذه السنة. والمثير للإعجاب ان هذا القدر تحول مع الوقت إلى جزء من شخصيته.. بل ومتعته. فغلاستنبوري لا يكتمل من دون وحل ودون تخييم على إيقاع المطر الذي يكاد ينافس إيقاعات موسيقاه المتنوعة، وكان من الطبيعي ان يكتسب مع الوقت أيضا موضة خاصة به. فإذا كانت القبعات جزءا من مهرجان سباق الخيول، أسكوت، والفراولة والكريمة جزءا من شخصية مباريات ويمبلدون للتنس، فإن الحذاء العالي الساق الخاص بالحقول والمزارعين المصنوع من الكاوتشوك، أول ما يتبادر إلى الذهن عندما يذكر غلاستنبوري. أي نوع من الأحذية الأخرى، على اختلاف تصميماتها بما فيها الرياضية، نشاز في المهرجان، وغير عملية، ومن هنا اصبح هذا التصميم البروليتاري ضرورة لا بد منها، بل وهو الأناقة نفسها، وكل من يخرج عنها يبدو ساذجا أو دخيلا على المهرجان، خصوصا ان لا حجة له في ظل هذا الزخم من التصميمات التي تطرحها المحلات، بعضها بألوان النيون، وكأنها تتحسب لظلمة الليل وعتمته في الهواء الطلق، وبعضها الآخر مرصع بالأحجار، مثل تلك التي ارتدتها المغنية شيرلي باسي في العام الماضي مع فستان سهرة بفتحة عالية عند الجنب وكأنها تتعمد ان تبرزه.

ما يحسب للبريطانيين أن حماسهم لمهرجاناتهم الثقافية لا يخف بأي حال من الاحوال، وتبقى هذه المهرجانات تقليدا تتوارثه الاجيال، إذ لا تستغرب ان تجد في غلاستنبوري، جدا في الستين، وطفلا في العاشرة من العمر، أو اسرة بكاملها. وقد سجلت بريطانيا في السنوات الأخيرة تزايدا في عدد المهرجانات، إلى ان وصلت إلى 555 فعالية حسب ما نشره موقع efestivals.com وأغلبها يكون تاريخها بين يونيو وسبتمبر، وتجذب في الغالب عشاق الموسيقى والتخييم. ويقال عن عدد المقبلين عليها، سيزيد هذا العالم بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر عملة اليورو، مما يجعل التوجه إلى أي مكان خارج الجزيرة البريطانية عملية باهظة الثمن.

دار «بيربيري» بحكم بريطانيتها وتاريخها العريق المتجذر في ثقافة الفعاليات الشتوية، فهي التي أعطتنا المعطف الممطر الشهير، بدأت تتفنن أخيرا في هذه الأحذية واضفت عليها الكثير من الاناقة. فقد أرسل المصمم كريستوفر بيربيري عارضاته في ميلانو اخيرا، بفساتين سهرة قصيرة وأحذية من الكاوتشوك اللامع بتفاصيل انيقة، ستجعلها مطلبا للانيقات بعد ان كانت في يوم من الأيام حكرا على صغيرات السن في الشتاء وفي المناطق الموحلة فقط.

أما الأجمل في الأمر انها لن تبقى حكرا على غلاستنبوري وتركن إلى أن يأتي آخر، لأنها حتما ستجد طريقها إلى مناسبات أخرى، لأنها ببساطة تضفي الكثير من الشبابية والحيوية على أي مظهر.