التداوي بالأعشاب يهدد الطب وينافسه في الأردن

TT

رغم التقدم المذهل الذي تحقق في حقل الطب على اكثر من صعيد إلا ان ذلك لم يمنع ظاهرة التداوي بالأعشاب من الازدهار في الآونة الأخيرة بحيث راجت على نطاق واسع «بات يهدد الطب أو ينافسه» حسب تعليقات مشفقين ازاء رواج الظاهرة ونتائجها السلبية.

ومن ابرز مظاهر هذا الرواج الإعلانات التي تمتلئ بها الصحافة ووسائل الاعلام والأخبار التي تنشر عن «النباتات الطبية وفاعليتها في معالجة العديد من الأمراض المستعصية التي لم يتمكن الطب من ايجاد العلاج الناجح لها كالإيدز والسرطان وبعض أمراض القلب». ومثال لذلك اعلان نشر اخيرا تحت عنوان «لأول مرة في الأردن.. الأعشاب تتحدى ما عجز عنه الطب الحديث..» ويشير الإعلان إلى قدرة المعلن «باستخدام الاعشاب» على معالجة وضمان الشفاء التام لجميع الأمراض التالية: الكبد الوبائي، الصدفية، القولون، سرطان الدم، العقم، الروماتيزم، والسكري.. هكذا بالحرف.

ويقول الدكتور زيد حمزة وزير الصحة الأردني الأسبق: لا تكاد تخلو صحيفة من خبر عما يسمى بالنباتات الطبية أو الأعشاب المستعملة في التداوي.. ويبدو أن لهذه الأخبار تأثيرا سحريا على الناس اذ يقبلون على قراءتها والتحدث عنها في مجالسهم بحماس وشغف كبيرين ويكتب عنها البعض بحنين شديد الى الماضي مع تعداد لفوائدها الجمة كما وردت في كتب الأقدمين وكيف كانت تعالج الكثير من الأمراض حتى أن بعض الأكاديميين المعاصرين يرددون ذلك لكنهم لا يملكون خشية الوقوع في الخطأ العلمي «إلا أن يذكروا بسُمَّية بعضها وضرورة الحذر من تناولها». ويضيف الدكتور حمزة: ان الرابح الأكبر من ذلك هم العطارون والباعة الجدد الذين يطلقون على أنفسهم لقب «العشابين» أو اختصاصيي العلاج بالنباتات الطبية.. ولا يتورعون عن الإعلان عن أنفسهم وعن أدويتهم وقدراتهم في معالجة الأمراض.. كما أن بعض الصحف تفرد لهم أبوابا خاصة لتلقي رسائل القراء «المرضى» ووصف العلاج اللازم لهم خلافا لاحكام قانون الصحة العامة.

كما تداخل ما يسمى بـ «العلاج الروحاني» بالعلاج الشعبي لدرجة أصبح من الصعب التمييز بينها بل فرضت هذه الظاهرة نفسها في الواقع الذي نعيشه بعيدا عن كل رقابة أو متابعة جادة بغض النظر عن كل ما تسببه من أضرار جسيمة على صحة المواطنين الذين لا يملكون الوعي الكافي حول الضرر الذي تحدثه مثل هذه الوصفات.

ويقدر عدد مراكز ومحلات التداوي بالنباتات أو الأعشاب والطب الروحاني ذات العلاقة الوثيقة بها في معظم الأحيان بالآلاف في كل قطر عربي.

ويقول الدكتور طلال أبو رجيع اختصاصي الأعشاب في كلية الصيدلة بالجامعة الأردنية ان هناك الكثير من عامة الناس يعتقدون ان النباتات الطبية آمنة الاستعمال واسعارها اقل من الأدوية وليست لها آثار أو انعكاسات جانبية على المرضى علاوة على اعتقاد بعض الناس منذ آلاف السنين بأن الأعشاب تداوي الكثير من الأمراض حيث كرست الثقافة الدينية والاجتماعية لدى الناس موضوع التداوي بالأعشاب خاصة ان 40 في المائة من الأدوية اصلها من النباتات سواء أكانت محورة أو معدلة أو مصنعة.

ويحذر الأطباء من ان خطورة هذه الأعشاب مصدرها النباتات التي لم تدرس صفاتها الحيوية بعد لا سيما انه يتم استخدام بعض النباتات السامة التي أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية سميتها وضررها الواضح على الصحة.

ويطالب الأطباء والصيادلة واختصاصيو الاعشاب بضرورة وضع حد لهذه الظاهرة حتى لا تستفحل في المجتمعات العربية يقول الدكتور حمزة ان جمعية اطباء التخدير في الولايات المتحدة اكدت ان هناك مضاعفات خطيرة تحدث اثناء تخدير مرضى العمليات الجراحية الذين تناولوا علاجات نباتية وأوصت بانقطاع المرضى المقدمين على الجراحة عن تناول تلك النباتات قبل اسبوعين على الأقل من اجراء العملية.

=