التحلي بروح رياضية.. له ولها

موضة مستقاة من ثقافة الشارع.. وتفرضها الأزياء الـ«سبور»

TT

من جنوب أفريقيا، تحمس كرة القدم عامة الشعوب في كل أنحاء العالم، ومن خضرة ويمبلدون، تلهب كرة المضرب مشاعر الطبقات المخملية. المهم أن الرياضة بكل أشكالها حديث الساعة، الأمر الذي ينعكس دائما على شوارع الموضة. هذه المرة من خلال أسلوب رياضي منطلق، من الخطأ القول إنه وليد الساعة، بل شهد مولده منذ عدة مواسم، بحكم تأثير الموضة الأميركية، حيث ولد المظهر الـ«سبور»، وشب، ثم انطلق على يد شباب من أمثال ألكسندر وانغ، وغيره. ولم يقتصر الأمر على الأزياء المتسمة بالاتساع والراحة بل أيضا إلى الإكسسوارات من قبعات وأحذية. هذه الأخيرة مثلا كانت فكرة تنسيقها مع بذلة مفصلة بالنسبة للرجل، أو فستان بالنسبة للمرأة، إلى عهد قريب، جريمة في حق الذوق العام والموضة على حد سواء. لكن شتان بين الأمس واليوم، بعد أن تخلصت هذه الأحذية من إيحاءاتها الرياضية البحتة، واكتسبت تصميماتها حداثة وعصرية، إلى حد أنه أصبح من الجرم عدم معانقتها، وبقوة.

البداية كانت منذ بضع سنوات، على يد أمثال هايدي سليمان، مصمم دار «ديور أوم» السابق، ثم خليفته الحالي كريس فان آش، اللذين قدما الرجل لهذه الأحذية بأشكال مثيرة، بعضها باللون الذهبي وبعضها بالفضي. وسرعان ما لحق بهما آخرون مثل «لانفان» و«غوتشي» و«ديسكارد»، وهلم جرا. وعندما أعلنت دار «جيمي شو» المعروفة بأحذيتها ذات الكعوب العالية، التي لا تتنازل عن أربع بوصات، والتصاميم الأنثوية، منذ بضعة أشهر، خبر طرحها أحذية رياضية بسعر لا يقل عن 395 جنيها إسترلينيا، أثيرت ضجة كبيرة، أججت الاهتمام وزيادة الإقبال، وهذا ما كان. الخبر في حد ذاته لم يكن صادما، بقدر ما كان تأكيدا أن الأحذية المنخفضة، أو من دون كعب تماما، ستعرف انتعاشا كبيرا بعد سنوات، عانت فيها المرأة بسبب الأحذية الفنية والعالية، التي تصيب الأقدام والظهر في مقتل. فكما يقال، لكل فعل رد فعل، فبعد سنوات من التنافس على من يقدم لها أعلى كعب، عاد المصممون إلى صوابهم بعد أن تأكدوا أنها تفيدهم أكثر، وهي سالمة وتتمتع بكامل عافيتها، الأمر الذي عكسته منصات عروض الأزياء ومحلات الموضة هذا الصيف. فالأحذية المنخفضة تدفقت بتصميمات تتباين بين الصنادل ذات الإيحاءات الإغريقية، و«الباليرينا» التي، كما يدل اسمها مستوحاة من أحذية راقصات الباليه، مع العلم أنها سادت منذ عدة مواسم، فضلا عن الأحذية المستوحاة من التصاميم الرجالية وما شابهها، وبالتالي لم تكن الأحذية ذات الإيحاءات الـ«سبور» سوى تسلسل طبيعي، وإن لم يكن متوقعا أن يأخذ شكله القوي هذا.

في لقاء صحافي أعلنت تامارا ميلون، صاحبة دار «جيمي شو»: «أردنا أن يتمتع زبائننا بفرصة الحصول على أحذية رياضية تجمع بين الأناقة والموضة». ورغم ما في هذا القول من تناقض، على أساس أن مفهومي الأناقة والموضة لم يكونا في الماضي مرادفين لهذا النوع من الأحذية، فأنه عندما تعانقه النجمات وعارضات الأزياء، فإن الأمر يأخذ صورة أخرى. كذلك تختلف النظرة عندما تتأكد أن هذه الأحذية التي كانت لصيقة بلاعبي كرة السلة أو هواة المشي الطويل، اكتسبت خفة وزن ومظهرا جيدا على حد سواء.

ورغم أن هذه التصميمات ليست جديدة، وظهرت في السوق منذ عدة مواسم، فإن الجديد فيها هذه المرة أنها دخلت سوق المنتجات المترفة. إلى جانب جيمي شو، طرحت «غوتشي» مثلا تصميمات بنقوشات النمر، يقدر سعرها بـ455 جنيها إسترلينيا، أما محلات «هارفي نيكولز» اللندنية فالتقطت بحس تجاري، هذا الهوس وترجمته بافتتاح قسم جديد خاص بهذه الأحذية في شهر فبراير (شباط) الماضي، استعانت فيه بمجموعة من المصممين لطرح تصميمات خاصة جدا، حتى تجد فيه الباحثة عن تصميم مبتكر وفريد، بغيتها.

ولأن الحديث هنا عن الموضة وصناعها، فإنه من الصعب تصديق أن تكون الراحة والعملية هما الدافع الأساسي وراءها. فبتتبع مسيرتها وانطلاقها الصاروخي، يتبين أنها كانت من مستلزمات المظهر الـ«سبور» الذي شهدناه على منصات عروض الأزياء العالمية، كذلك مظهر الروك آند رول، بالنسبة للمرأة والرجل على حد سواء. بالنسبة للأولى، ما علينا إلا تصور بنطلون واسع يضيق عن الكاحل أو الركبة بتوقيع الأميركي ألكسندر وانغ و«تي شيرت» أو قميص، وبالنسبة للرجل فإنه يتماشى مع بنطلون ضيق وسترة تعانق الجسم وتشده لتبرز تفاصيله الرياضية أو الرشيقة، كما رأينا في عروض «ديور أوم» و«لانفان» وغيرهما.

ويجمع الكل أنها موضة مستقاة من ثقافة الشارع، ومن روح الشباب، وموجهة إلى هذه الشريحة، وإلى زبائن صغار السن، لأنها في الواقع، وإذا لم يتم التعامل معها بحذر، يمكن ألا تضفي على لابسها أي رشاقة أو طول، بل أحيانا تظهر السيقان بشكل أقرب إلى الكاريكاتوري. بمعنى أنها تضخم عيوبه، وتركز عليها، إذا كانت نحيفة، فهي تزيد من نحولها، وإذا كانت ممتلئة فهي تعطيها امتلاء أكبر. في المقابل، عندما يلبسها مراهق أو صبية في مقتبل العمر، فإنها تكتسب حيوية تتقبلها العين. لهذا يفضل، بالنسبة للشرائح الناضجة، تنسيقها بحذر، مثلا مع بنطلون جينز ضيق أو بنطلون مفصل وضيق يمكن أن يضفي عليها مظهر الروك آند رول، الذي يتماشى حتى مع الستينيين، بدليل مايك جاغر، مغني فريق الرولينغ ستونز. لكن إذا لم يكن الرجل يمتلك مقاييس جاغر أو جرأته وشخصيته، فإن تجنب هذه الأحذية أضمن له ولسلامته النفسية ومكانته.

* همسات:

- الحفاظ على الإطلالة ككل بسيطة ورشيقة - أن تحافظ المرأة على الجانب الأنثوي من المظهر الـ«سبور» ولا تسرف في هذا الأخير - إذا كانت الإمكانيات تسمح لا تبخلي على نفسك بواحدة من النقوشات يجب على أي رجل عصري أن يستثمر في حذاءين رياضيين، الأول خاص بممارسة شتى الرياضات ويجب أن تتوفر فيه كل العناصر التي تسند الأقدام والركبة عند القيام بحركات وأنشطة قوية، مثل القفز أو حركات الآيروبكس، والثاني يجب أن تتوفر فيه عناصر الراحة والأناقة والعصرية؛ لأنه مخصص للأيام العادية خارج النوادي الرياضية. أما الأهم فهو أن تختارها بشكل جيد حتى تضفي على بدلتك، حتى إن كانت تميل إلى الرسمية والكثير من الحيوية والشبابية، على شرط أن تكون البدلة مفصلة بشكل قريب جدا من الجسم.

-الخطر الذي يتهدد الرجل هو النقوشات الصارخة والألوان المتضاربة التي تدخل في بعضها، فمهما حاول الواحد إقناع نفسه بأنها عصرية ومتميزة، إلا أنها تبقى محفوفة بالخطر، ولا تناسب كل من تعدى الـ16 من العمر. النضج بمعنى التقدم في العمر لا يعني مخاصمة الموضة وعدم معانقة بعض صرعاتها، إلا أن هذا العناق يفضل أن يقتصر على الجزء العلوي وألا يصل إلى الأقدام.

- التصميمات الرياضية ليست هي المقصودة هنا، وبالتالي لا يمكن أن تكون بديلا عن الأحذية المطروحة حاليا للاستعمال خارج النوادي الرياضية، ولن تنفع هنا أي تبريرات بأن الدافع هو عامل الراحة والعملية، لأن التي طرحها المصممون أخيرا تتوفر على هذين العنصرين، بالإضافة إلى عنصري الأناقة والحداثة.

- يفضل أن تلتزم بالتصميمات الكلاسيكية من هذه الأحذية، من حيث الشكل والألوان، لأنك ستستفيد منها أكثر، لأنها تناسب الكثير من الأزياء. المقصود بالكلاسيكية هنا، التصميمات التي تأخذ شكل حذاء كلاسيكي بأحزمة، ولا ترتفع عن القدم، وهي أيضا تلك لا تتضمن أي ألوان صارخة أو نقوشات. الأفضل أن تختارها بلون واحد، إما رمادي أو أزرق أو أسود، وتنسيقها، إما مع سترة وبنطلون جينز لمظهر أنيق أو مع «شورت» في إجازات نهاية الأسبوع.

- إذا لم تثرك موضتها، لا تحاول أن تتحايل عليها باختيار أحذية هجينة بين الرياضي والرسمي؛ لأنها تكون في الغالب سميكة وبدون شخصية، الأمر الذي ينعكس عليك. إذا كنت كلاسيكيا ومحافظا في مظهرك، يمكنك اللجوء إلى حذاء من «تودز» من دون أحزمة؛ لأنه الأقرب إلى هذا المظهر.

- هذه الإطلالة عصرية وشبابية، لهذا تجنب أن تظهر جواربك منها، وإلا انقلب السحر على الساحر. في الوقت ذاته، ننصحك باستعمال جوارب قصيرة وخفية، فهي ضرورية في أغلب الأحيان، لأن القدمين تتعرقان، في حالة لو طال استعمال هذه الأحذية، وليس ببعيد أن تشعر بعدم الراحة فيها، من ملمسها ورائحتها واحتكاكها بالجلد.

-هذه الأحذية تتماشى مع البنطلون الضيق، وتبدو كأنها صممت من أجله، لكن من الممكن أيضا استعمالها مع بنطلون بقصة مستقيمة، وطويل على أن تثنيه بطيات محسوبة، للحصول على مظهر شبابي، وعلى أن يكون بقماش مناسب مثل الدينم أو القطن. الفكرة أن تثنيه حتى يظهر الكاحل فقط، وليس نصف الساق. هذا المظهر كما أظهرت عروض الأزياء الرجالية يخلق شكلا متناسقا، يركز على الحذاء، الذي يجب أن يكون أنيقا، وبلون واحد وإلا حصل تشويش.