لقاء «شانيل» مع السينما من خلال عطر

«بلو دي شانيل» قصة حب تتمرد على التقاليد والقيود

الممثل غاسبار أوليال الوجه الممثل لعطر «بلو دي شانيل» والمخرج مارتن سكورسيزي يتناقشان قبل تسجيل لقطة من الفيلم في نيويورك
TT

ما هي قصة «شانيل» مع العطور؟ صحيح أنها من بيوت الأزياء التي لا يزال اسمها يؤجج الحلم، إلا أن قصتها مع العطور استثنائية، إذ قلما تطرح واحدا لا ينسيك ما سبق وجربته من قبل، وفي الوقت ذاته يحقق للدار المزيد من النجاحات، وليس أدل على هذا من أن عطرها «شانيل نمبر 5» الذي ابتكر في عام 1921 لا يزال يحتل قائمة أكثر العطور شعبية في العالم، وكلما عادت إليه الدار حقق النتيجة نفسها. لكن الآنسة كوكو شانيل لم تغبن حق الرجل، وكانت دائما مناصرة له، على الأقل فيما تطرحه في مجال العطور، بحكم أنها لم تقدم له أزياء، وهذا ما تعرفه الدار جيدا، وتترجمه في اهتمامها الكبير بتعطيره وتجميله.

آخر إبداعاتها طرح في الأسواق مؤخرا، باسم «بلو دي شانيل» Bleu De Chanel، وهو عطر موجه لرجل استثنائي وعصري، يجمع بين الشاعرية والتمرد، وبين النعومة والقوة، بفضل خلاصاته، التي تعتمد على بهارات حارة، مثل حب الفلفل الوردي والزنجبيل، فضلا عن الحامض، النعناع، جوز الطيب، الفيتفير، الغريب فروت، الياسمين، البخور، البتشولي وخشب الصندل. الجميل فيه أنه لا يزكم الأنف منذ الوهلة الأولى، بل يتغلغل في الأحاسيس بهدوء لذيذ ليسكنها. فقوته كما تشرح الدار، تكمن أساسا في هدوئه وشاعريته.

أول ما تفتح قارورته الزرقاء، تنبعث منها رائحة الأخشاب يصاحبها إحساس منعش كما لو أنك في بحر لازوردي حالم، تعززه نغمات من الليمون وخلاصات الفواكه، مما يؤكد رغبة الرجل في الانطلاق والحرية. ما يحسب له أيضا أنه متعدد الوجوه، بحيث يمكن أن يناسب الرجل الواقعي والعملي المقبل على الحياة بكل متعها، والرجل الشاعري الروحاني على حد سواء. فما أكدته دار «شانيل» منذ تأسيسها إلى اليوم، أنها إذا كانت قادرة على شيء، فهو بلا شك ابتكار عطر أنيق بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهذا ربما ما سيجعله مثيرا ومرغوبا من قبل المرأة أيضا، لا سيما أنه يجمع النعومة بالقوة، بفضل أخشابه وأزهار السوسن التي تخفف من قوتها، كما يشجع على الرغبة في الانطلاق إلى الهواء الطلق والمشي لساعات على شاطئ تتلاطم على سواحله الأمواج، بفضل خلاصاته الحمضية وبهاراته الحارة، أو الخلود إلى التأمل والحلم بفضل نغمات البخور المتناثرة منه.

وعلى الرغم من نجاحات عطور الدار في كل المرات، وعلى الرغم من أنها طرحت سابقا عطري «شانيل ألير سبور» و«إيغويست بلاتينيوم» المتميز بخلاصات الفواكه والسوسن، فإن عطرها الجديد يتجاوزها بشاعريته وعمقه، والفضل يعود إلى أن مبتكره جاك بولغ المعروف، كان يعرف أن المواد لم تتغير ولم يطرأ عليها جديد، بمعنى أنها استعملت من قبل، لهذا اعتمد فيه على تقنيات جديدة ركزت على ترويض المواد والخلاصات بهدف استعمالها بشكل جديد. وحسب اعترافه، فإنه أراد «عطرا رجاليا صريحا ومباشرا وصافيا.. قمت بعدة اختبارات استعملت فيها مواد خام، استعملناها من قبل لكني حاولت أن أرى إلى أي مدى يمكن استعمالها هذه المرة حتى تأتي النتيجة مختلفة عن ذي قبل. وطبعا كانت النية هي التوصل إلى نتيجة تلمس وترا حساسا لدى الرجل. وبالفعل فهو عطر استعملت فيه فقط العناصر الأساسية التي يتطلبها أي عطر، من بهارات وأخشاب وأزهار، وهذا ما يجعله حسيا ومثيرا».

الجانب الآخر المثير فيه أن كل عناصره تعزز الأسطورة التي بدأتها كوكو شانيل منذ عام 1921، العام الذي شهد ولادة «شانيل نمبر 5»، كما يعود إلى بداياتها، قبل الشهرة، عندما كانت تقضي إجازاتها في دوفيل مع الطبقات المخملية. ولا شك أن العودة إلى جانب من الجوانب المتعددة لحياة هذه الأسطورة، التي بدأت مع مصممها الفني للأزياء كارل لاغرفيلد من خلال رحلة إلى شانغهاي، التي لم تزرها يوما لكنها استقت منها الكثير ثم أخرى إلى سان تروبيز، انتقلت إلى العطور، مما يؤكد على قوة تأثير المصممة وحياتها على الدار وعلينا حتى الآن.

ولأن العطر الجديد دام انتظاره طويلا، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن آخر العطور التي قدمتها «شانيل» للجنس الخشن كانت في عام 2004 من خلال «ألور أوم سبور»، فإنه كان يستحق استقبالا وتقديما يليقان بالمقام، وهذا ما كان بالفعل. فقد جندت له مخرجا عالميا هو مارتن سكور سيزي، الذي حصل ما لا يقل عن 17 ممثلا عملوا معه على جائزة الأوسكار، وهذا بلا شك يجعله من أهم المخرجين في هوليوود، كما جندت له وجها وسيما وشخصية محبوبة وجذابة هو الممثل الفرنسي الوسيم غاسبار أوليال، لكي يمثله ويروج له. أما القصة التي تم تسجيلها على مدى خمسة أيام وتعتبر من الأفلام القصيرة التي باتت معظم بيوت الأزياء تتبارى فيها، فتتبع قصة حب يعيشها غاسبار، وتجسد رومانسيته وتمرده على كل القيود.