جورج سودن.. الرجل الذي يحاول تعليم الإيطاليين كيفية شرب القهوة الأميركية

من اختيار حبوبها إلى طحنها

TT

منذ أن وطأت قدما المصمم الصناعي جورج سودن، المولود في ليدز، ميلان للالتحاق بشركة «أوليفيتي» عام 1971 لم يغادرها. وطوال هذه الفترة أنجز كثيرا من التصميمات؛ بدءا من الحاسبات التي تتخذ أشكال كائنات حية، والأجهزة الملحقة بالأدوات المنزلية، والأدوات، والأثاث، وحتى أدوات الكتابة لشركات كبيرة مثل «أليسي» و«بايريكس». تتسم تصاميم سودن بالحرفية العالية والأناقة، إضافة إلى - بطبيعة الحال - تلك القطع التي ابتكرها عندما شارك أيتوري سوتساس وناتالي دي باسكوير وآخرون من مجموعة «ممفيس».

يقوم سودن الآن، 58 عاما، وللمرة الأولى بعمل تصاميمه الخاصة، بمجموعة من الأدوات المنزلية؛ بدءا من ماكينة إعداد القهوة البورسلين التي يطلق عليها سودن «سوفتبرو»، التي تشبه إلى حد بعيد إناء الشاي. وتشبه التكنولوجيا المستخدمة فيها تكنولوجيا أواني الضغط الفرنسية، غير أنه لا يوجد ضغط، التي تتكون من وعاء أسطواني من الصلب به فتحات شبه ميكروسكوبية على جانبي الإناء، تمتزج فيه القهوة والماء الساخن. تم تصنيع البورسلين المستخدم في هذه القطعة يدويا، وجاء أشبه بقطعة عتيقة في أسلوبها، أما المرشح المستخدم فيها فهو أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا. فقد تم تصنيع كلا الجزأين في الصين في مصانع مفوضة من قبل سودن، ولا حاجة للقول إن الآلة الجديدة الشبيهة بالديك أثارت إعجاب مراسلة الصحيفة واستمتعت بتناول قهوة الصباح واستخدمت الآلة في إعدادها.

* هذه القهوة لذيذة، على الرغم من أنني لست مؤهلة لتصنيف المذاق مقارنة بالقهوة التي أعدت باستخدام الضغط القوي، لكني كمدمنة للقهوة أحب أن يظل الإناء دافئا على الأقل لمدة ساعة، وهو ما يسمح باحتساء عدة أقداح من القهوة. فهل البورسلين قادر على حفظ الحرارة أكثر من الزجاج؟

- نعم، إنه يحتفظ بالحرارة لأن هناك مادة أكثر والحرارة التي يتم تبادلها في الهواء أكثر بطئا. ودائما يقوم محتسو الشاي بتسخين الإناء حتى لا تتبدد درجة حرارة المياه في الحال إلى السيراميك ثم إلى الهواء.

* دائما تبدو القطع التي صممتها مفعمة بالحيوية، حتى وإن لم تكن أشبه بكائن حي..

- هذا شيء أؤمن به، فالقطع لها هوية، والقطع أيضا تصنع هويتها. والقطع التي أصممها مفعمة بالحيوية بما أضعه فيها وما يضيفه إليها الآخرون. فلا يكفي أن تفوض آخرين بصنعها.

ربما كان ذلك السبب في تفوق المصممين الإيطاليين. فكانت أغلب شركات التصنيع موجودة هنا في ميلان، لذا كان المصممون مرتبطين بها 100 في المائة. بيد أن العقود الماضية شهدت تلاشي تلك الصلة. لكنني أرى ضرورة أن لا تدع الآخرين يعملون على التصميم من دون إشراف منك. ففي «مجموعة سودن» أقوم بالإشراف على كل شيء يتم تصنيعه، وأتعلم من الأفراد الذين يقومون على صناعته خلال العملية. أضف إلى ذلك، مصانع البورسلين التي تتسم بالروعة، فهي تقوم بصناعة البورسلين منذ 2000 عام. وكل شيء يصنع يدويا من دون استخدام الآلات. لكن حتى وإن كنت تنتج بكميات كبيرة ينبغي عليك متابعة كل شيء، فقد تبدأ القطعة برسم مستدير لتنتهي وقد خرجت في شكل مربع. ذلك لا يعني السيطرة؛ بل التعاون.

* كم عدد القطع التي قمت بتصميمها، وما أقربها إليك؟

- قمت بتصميم كثير من الأشياء على مدار السنوات المختلفة، بلغت مئات الأشياء، لكن أقربها إلى نفسي يحتاج إلى مقابلة أخرى.

* هل لك أن تخبرنا عن مشكلة القهوة؟

- إننا نتعامل مع القهوة بصورة سيئة للغاية، وقد ابتكرنا كثيرا من الطرق الغريبة لصنعها؛ من المرشحات التي تستخلص الزيت من القهوة، إلى المكبس الذي يسحق حبوب القهوة، وحتى ماكينات «إسبريسو». ما توصلت إليه هو أن نصف المشكلة يكمن في الحفاظ على الحبوب بعيدا عن الماء. وهي بالفعل فكرة سهلة للغاية؛ عبر المرشح، من وجهة نظر تكنولوجية للغاية، لأنها تتعلق بالحجم والثقوب. إنها أشبه بتكنولوجيا تنميش الصورة التي تعتمد على معدات غالية لإنتاج منتجات فائقة التقنية. وقد طرأت لي هذه الفكرة خلال زيارتي لمصنع في الصين.

* كيف استقبل الإيطاليون ماكينتك الجديدة؟

- شعروا بأن قهوة «إسبريسو» يمكن أن تكون مريعة.

* حسنا، لكن هل أعجب أصدقاؤك الإيطاليون بالقهوة الجديدة؟

- جميعنا يمتلك وسائل التكيف مع الأشياء، وهم لا يستطيعون فهم السر وراء شرب الأميركيين القهوة في أقداح كبيرة.

* إذا فالأمر لا يتعلق بقهوتهم؟

- لا داعي أن نتحدث كثيرا عن قهوة «إسبريسو» الخاص بهم، فأنا أحاول أن أعلم الإيطاليين كيفية شرب القهوة الأميركية.

* خدمة «نيويورك تايمز»