راندا حجاج.. تعيد إحياء الفلكلور بلغة عصرية

«بهية» خط أزياء يتغنى بمصر وثقافتها

TT

من أجواء الفلكلور المصري استوحت مصممة الأزياء المصرية راندا حجاج خطوط وملامح خط أزيائها الأول الذي أطلقته أخيرا باسم «بهية» والذي تهدف من خلاله إلى إعادة إحياء التراث المصري وتحديدا «الجلابية الفلاحي». فبعد أن عملت لسنوات في مجال الأعمال كمديرة تسويق في شركات عالمية، وبعد عودتها إلى مسقط رأسها، رأت أن مصر تمتلك خليطا تراثيا متنوعا ومدهشا من الثقافات قلما يوجد في أي بلد آخر. لاحظت أيضا أن معظم المتاجر أصبحت حاليا تبيع منتجات «فلكلورية» مثل الطربوش وأزياء التراث القبطي والمشغولات اليدوية، وتستهدف السائحين والمناسبات التنكرية بالدرجة الأولى، فيما لم ينتبه أحد من قبل إلى إمكانية مزج هذا التراث مع ملابس الحياة اليومية.

لكل هذه الأسباب قررت راندا أن تدعم خلفيتها عن الأزياء بالدراسة الأكاديمية من خلال دراسة تصميم الأزياء بفرع معهد «Burg» الإيطالي بالقاهرة الذي تدعمه وزارة الصناعة المصرية ويعطي دبلوم تصميم الأزياء بالتعاون بين مصر وإيطاليا، وتعطي هذا التراث حقه.

تقول راندا حجاج: «خلال دراستي بالمعهد كان هناك قسم يطلق عليه اسم (الحضانة) يلتحق به كل المصممين الجدد لإطلاق مشروعات تصميم الأزياء الخاصة بالدراسة وكان أول مشروع لي يحمل اسم (بهية) وهو عبارة عن تصميم ملابس من وحى (جلابيب الفلاحات) في الريف المصري. أعجبت الفكرة القائمين على المعهد وطلبوا مني تنفيذها بشكل احترافي، وبالفعل قمت بعمل (الباترونات) الخاصة بالتصميم بنفسي وأطلقت مجموعة أزياء خاصة بالصيف وأخرى بالشتاء».

تتذكر راندا أن عشقها للفلكلور المصري يعود إلى الصغر، إذ أن زيها المفضل في الحفلات الخاصة والحفلات التنكرية كان «الجلابية الفلاحي» ومنديل الرأس المطرز.

وعن سبب اختيار اسم «بهية» لخط الأزياء: «فكرت كثيرا في اسم يعكس طبيعة المصريين ويعبر عن مصر من دون اللجوء إلى (الكليشيهات) الشهيرة مثل (حبيبتي يا مصر) و(أم الدنيا) وغيرهما، ومن هنا جاء اسم بهية الذي اقتبسته من فيلم (العصفور) للمخرج العالمي يوسف شاهين. فقد أثر هذا الفيلم في طريقة تفكيري وحياتي بشكل كبير، وكانت شخصية بهية في الفيلم التي جسدتها الفنانة القديرة محسنة توفيق رمزا لمصر في عزتها وقوتها وصبرها. هذه الصفات هي التي أردت عكسها في أزيائي لتحمل رسالة إلى المصريين والعرب والعالم أجمع، كما كان بالفيلم أغنية شهيرة للشيخ إمام تقول: (مصر يا امه يا بهية). بالإضافة إلى أن كلمة (بهية) بالنسبة لي تجسد الجمال والتألق وهو ما ينبغي أن تكون عليه الأزياء المصرية».

يتميز خط «بهية» بأنه يجمع بين الحداثة والموضة وبين التراث والهوية المصرية. فهو فضفاض، يستوحي خطوطه من الجلابية، وملائم لكل الأعمار. وتراعي راندا أن تقدم في كل مجموعة «تيمة» معينة من التراث المصري، كما تقول. فمجموعة الشتاء على سبيل المثال مستوحاة من التراث السيناوي، بحيث صممت ونفذت يدويا في سينا، ونفس الأمر سيتم بالنسبة للتراث الصعيدي والنوبي والأسواني والإسكندراني.

وتطمح راندا من خلال دراستها للتسويق بالجامعة الأميركية وكذلك العمل في الشركات متعددة الجنسيات لمدة 13 عاما للوصول بـ«بهية» إلى العالمية، لافتة إلى أن هذه الخبرة زودتها بدراية كافية بمتطلبات السوق الداخلية والخارجي، مما سيساعدها على الانطلاق خارج مصر.

وعن الصعوبات التي واجهتها أثناء تصميم خطها «بهية» تقول: «في البداية لم تكن لدي خبرة كافية بنوعية الأقمشة التي يجب استخدامها، وقمت بشراء أقمشة بكميات كبيرة جميعها لا تصلح، بالإضافة لتعاملي مع بعض الحرفيين الذين لا يلتزمون إطلاقا بالمواعيد المحددة للانتهاء من العمل، لكن الخبرة جاءت بعد التجربة، وأصبحت كما يقول المثل المصري «أعط العيش لخبازه». أول ما قمت به بعد ذلك أني حددت تعاملاتي مع أماكن معينة تلتزم معي بكل التفاصيل، ونفذت مجموعة أزياء الشتاء ذات الطابع السيناوي في سينا مستعينة بـ«بدو سينا» واستغرقت المجموعة شهرين للانتهاء منها. في هذه الفترة تعلمت أن «الثوب» السيناوي لا يخرج عن اللون الأسود والتزمت بذلك تماما حتى لا أخرج عن الهدف الأساسي له، لكني أضفت بعض التفاصيل العصرية مثل مزجه مع «قميص أبيض» وقطعة جينز. أما الجلابية الفلاحي فكان الوضع مختلفا من حيث استخدامي لكل الألوان المبهجة والمنقوشة التي يتميز بها هذا الزي.

ولا تستبعد راندا أن تطلق قريبا خط أزياء رجاليا وليكن «زوج بهية» كما قالت، وهو الآخر ستستوحيه من التراث المصري.