«شوف الزهور واتعلم».. لكل لون معنى ومغنى

إنجي تيمور تفتح أول مدرسة لتعلم فنونها في مصر

إنجي تيمور
TT

«الورد جميل وله أوراق عليها دليل من الأشواق.. إذا أهداه حبيب لحبيب يكون معناه وصاله قريب.. شوف الزهور واتعلم». الكل يستمع لهذه الأغنية الرائعة لسيدة الغناء العربي أم كلثوم ويندمج معها، ولكن قليلين هم من استجابوا لدعوة كوكب الشرق، وتعلموا كيفية عشق الزهور، برعايتها وتنسيقها. السبب عدم إدراكهم دورها في إدخال جزء من الطبيعة إلى بيوتنا، ناهيك عن دورها في الترويح عن النفس، والتخفيف مما يشوبها من كدر وآلام. إنجي تيمور، منسقة الزهور، في المقابل، تعلمت الكثير منها، ودفعها الولع بها ورغبتها في تغيير نظرة ومفهوم المصريين لها لافتتاح أول مدرسة لتنسيق الزهور في مصر.

درست إنجي إدارة الأعمال، وتعلمت حب الزهور الطبيعية منذ الصغر كما تقول: «أحب الزهور منذ نعومة أظافري، والسبب في ذلك جدتي التي زرعت بداخلي حب الطبيعة، بتشجيعي على زراعة الزهور بيدي».

تتابع: «أثناء دراستي الجامعية بدأت أعلم نفسي فن تنسيق الزهور من خلال الإنترنت، فكنت أشاهد فيديوهات لمنسقي زهور عالميين، كما قرأت كتبا كثيرة لمعرفة أصناف الزهور وأنواعها. بعد التخرج سافرت لكثير من الدول الأوروبية، وكنت أذهب لمزارعها هناك للتعرف على كيفية زراعتها وأنواعها وطرق العناية بكل زهرة للحفاظ عليها أطول فترة ممكنة. أيضا كنت أذهب لمحلات الزهور لمشاهدة طرق تنسيقهم لها، واكتشفت أن أوروبا تتميز بزهور ذات جودة عالية جدا، ولكن منسقيها غير مبدعين مقارنة بلبنان ومصر مثلا. فهما من أكثر البلدان التي تمتلك ذوقا وإبداعا في تنسيق الزهور، تليهما الإمارات والكويت والأردن».

بعد أن أنهت إنجي دراستها في هذا المجال، بدأت في العمل من المنزل، بتنسيق باقات لأقاربها وأصدقائها، قبل أن تتولى مهمة تزيين وتنسيق الزهور بالسفارات، مدعومة بأسرتها التي تعمل في السلك الدبلوماسي. بعد نجاحها الأولي افتتحت محلها عام 2001، واقتحمت السوق بمفهوم جديد، وهو البحث عن كل ما هو مختلف في تنسيق الزهور، بداية من اختيار أنواعها وألوانها، إلى تجميعها وابتكار أدوات خاصة لوضعها فيها. فقد ملت المزهريات المعتادة، وكانت تريد أن تخرج من نطاقها إلى نطاق أوسع.

ترجع إنجي نجاحها إلى كونها لا تحب تكرار تصميماتها، ولا تقليد غيرها. فعلى الرغم من أنها تدخل على الإنترنت وتطالع الكتب لتتابع أحدث تصميمات تنسيق الزهور في العالم، فإنها لا تتقيد بها ولا تقلدها، مفضلة أن تبتكر لنفسها خطا منفردا يتميز بالرقة والجرأة في الوقت ذاته. فهي لا تكتفي بالورود، وتستخدم الخضراوات والفاكهة أيضا في تصميماتها، خاصة التفاح الأخضر. من أفكارها الغريبة أيضا تصميم باقة زهور في مغرفة شوربة، وباذنجانة، وعلبة بيض من الكارتون، وطربوش. بمعنى آخر أي شيء ما دام سيعطي شكلا مميزا وفريدا. وتعترف إنجي: «عندما أبدأ في تصميم باقة ورد، لا تكون لدي فكرة محددة، ولا أعرف ماذا سأفعل، ولكن بمجرد أن أنظر للزهور وأحدد الأنواع والألوان التي سأستخدمها، تتضح لي الصورة».

لم تكتف إنجي بهذا النجاح، بل أخذت على عاتقها مهمة تغيير مفهوم المصريين عن الزهور؛ تقول: «مع الأسف، لا أحد في مصر يقدر الزهور الطبيعية، فالناس لا تشتريها إلا في المناسبات، في حين أننا نجد الزهور في كل بيت في أوروبا، فالأجانب يقبلون على شراء الزهور في أي وقت، حتى إن كانت زهرة واحدة، ومن هذا المنطلق أحاول تغيير مفهوم المصريين ونشر ثقافة اقتناء الزهور الطبيعية في كل وقت».

تقديمها برنامجا عن تنسيق الزهور، كان الأول من نوعه في مصر، ساعدها في مهمتها هذه، كما تعترف: «بدأ الناس يغيرون أفكارهم بالتدريج، وأقبلوا على شرائها بدلا من الزهور الصناعية والمجففة، التي كانت تلقى إقبالا على أساس أنها تعيش لفترة طويلة، ولكنها في رأيي تفتقد الروح، وتصبح مع الوقت مملة».

ترجمت إنجي هذا النجاح بافتتاحها، منذ عامين أول مدرسة لتعليم فن تنسيق الزهور في مصر، كان الإقبال عليها كبيرا، إلى درجة أنها وضعت شروطا مهمة للقبول فيها: «أقوم بإجراء مقابلة شخصية مع المتقدمين، لأني أبحث عن صفات محددة في الطالب، مثل أن يكون محبا للعمل اليدوي؛ لأننا نستخدم أدوات حادة، كما أن بعض أنواع الزهور بها أشواك جارحة. وأن يكون صاحب ذوق رفيع، لأن تنسيق الزهور فن يحتاج لذوق ورقة وإبداع في اختيار التصميم وتجميع الألوان ووضع الإكسسوارات».

الدراسة في المدرسة تستغرق شهرين، وتنقسم إلى جزء نظري لدراسة الزهور وأصنافها وأنواع كل صنف، ومواسم إزهارها، وطرق العناية بكل زهرة لتعيش أطول فترة ممكنة. ينتهي هذا الجزء باختبار للتأكد من اكتساب الدارسين المعلومات السابقة، قبل أن يبدأ الجزء العملي، يحصل بعد ذلك الدارس على شهادة، ولكنها غير معتمدة. وهذا هو التحدي المقبل لإنجي التي تسعى إلى اعتماد الشهادة من هولندا».